أكد خبراء وتربويون أن المنهج الصوفى يثير فى النفس الإنسانية الإبداع والابتكار، خاصة فى المسائل التربوية، ما يجعله منهجاً مطلوباً بل يتحتم وجوده فى الوقت الراهن للتغلب على كثير من التحديات والعقبات التى تحول دون نشر أدوات ووسائل التعليم الراقى.
جاء ذلك خلال فعاليات النسخة الـ 15 للملتقى العالمي للتصوف، المنظم من طرف مؤسسة الملتقى والطريقة القادرية البودشيشية ومشيختها بشراكة مع المركز الأورومتوسطي لدراسة الاسلام اليوم، فى الجلسة العلمية العاشرة، التي بثت عبر المنصات الإفتراضية لمؤسسة الملتقى، وناقشت محور "المكون الروحي الأخلاقي ودوره في تدبير الأزمة التعليمية"، وترأس أشغالها د. عبد الله معصر، أستاذ التعليم العالي بجامعة محمد بن عبد الله بفاس، وكانت المداخلة الأولى التي قدمها د. عبد القادر لكيحل، أستاذ بجامعة محمد الخامس بالرباط، تناول من خلالها موضوع "النموذج التربوي وأزمة القيم".
حيث ناقش النموذج التربوي، وبين مفهوم القيم كخزان وممد للمجتمعات الإنسانية، وأكد أن هذه الأزمة الحالية فرصة لمراجعة الذات أخلاقيا وتربويا، ولإعادة صياغة الأهداف والأولويات، كما تناول صلة هذا المفهوم بمختلف العلوم والمعارف وامتداداته في الزمان والمكان من خلال التعاريف والعصور، وتطرق الى العلاقة بين التربية والأخلاق في أبعادها الوظيفية، ليخلص الى أنه في التربية تكمن قيمة الإنسان.
أما المداخلة الثانية فكانت للشيخ د. جميل حليم الحسني، رئيس جمعية المشايخ الصوفية في لبنان، والذي وسم موضوعه بـ:"الأزمة التعليمية في المكون الأخلاقي والروحي في التصوف"، مبينا أن التصوف الحقيقي مبني على الفقه والعلم والعمل مستدلا بقول الإمام الرفاعي: "طريقنا علم وعمل"، كما أبرز دور النماذج الحية في نشر القيم الأخلاقية والروحية، مذكرا بالقيم القرآنية والحديثية التي يستند إليها علماء التصوف في تربيتهم وسلوكهم.
لتتلوها المداخلة الثالثة للدكتورة ماجدولين النهيبي، أستاذة التعليم العالي بكلية علوم التربية - جامعة محمد الخامس بالرباط ، حول موضوع "أزمة القيم في التعليم المغربي ودور البعد الروحي في تكوين شخصية التلميذ والطالب" ، حيث تناولت بالتحليل الأزمة الأخلاقية للمنظومة التعليمية، وبينت مدى حاجتها لمكون التصوف باعتباره متمما للأخلاق قولا وفعلا، علما وعملا، وأوضحت الدور الذي يلعبه البعد الروحي في ترسيخ القيم الإنسانية النبيلة في شخصية التلميذ والطالب، وفي تنمية روح الإنتماء للوطن، مستدلة بنصوص شرعية وشواهد التاريخ والثراث الإسلامي.
الخطاب الصوفى
فيما كانت المداخلة الرابعة للدكتور فاضل نعمان، أستاذ اللغة العربية والتصوف بجامعة ماجد مختار بعنابة-الجزائر ، عن موضوع: "دور الخطاب الصوفي في الإرتقاء بالحوار الإنساني وتحقيق التعايش"، بين من خلالها أدوار الخطاب الصوفي باعتباره أساسا متينا في الارتقاء بالحوار الإنساني وتحقيق قيم التعايش، ودعّم قوله بشواهد من التاريخ القريب والبعيد، وأشاد بنموذج الطريقة القادرية البودشيشية وجهودها المبذولة في سبيل تجسير أواصر التعايش ونشر قيم الأخوة والسلام.
وتناول د. عبد الوهاب الفيلالي، أستاذ بجامعة محمد بن عبد الله بفاس، في المداخلة الخامسة التي عنونها بـ "إسهام التصوف في إنفتاح أفق الإبداع"، أهمية البعد الإبداعي عند الصوفية من خلال تقديمه لنماذج نصية وشواهد دالة على قيمة عملهم الإبداعي، مشيرا إلى العمل الجاد الذي قدمه رجال التصوف في فتح آفاق المبدعين على مستوى المبنى والمعنى.
التعايش والاحترام
أما ممثل الطريقة القادرية في ساحل العاج، احمد بدر الدين وتارا، فقد تناول في المداخلة السادسة موضوع "التصوف والتعايش مع الآخر"، حيث فكك مفهوم التعايش داخل التصوف، وبين دور التصور في بث قيم التعايش، خصوصا تلك التي تتعلق باحترام رأي الأخر وتقبل الاختلاف.
وتحدثت في المداخلة السابعة والأخيرة، د. فاطمة الشيخ، باحثة بجامعة UNISA بجنوب إفريقيا، عن موضوع "التربية الروحية وإعداد أطفال ومواجهة الأزمات"، قامت في البداية بتحليل تركيبة الطفل وبعده النفسي ومراحل نموه والتقسيمات المكثفة والغنية التي أحدثتها الثورة الإعلامية وما صحبها من تغييرات تكنولوجية، وأبرزت أهمية البعد الروحي في تحقيق التوازن لدى الطفل وسلامته من الأزمات المتنوعة، وفي تربية الأطفال على القيم المثلى مثل التراحم والتعاون والايثار، وتحققهم بمهارات الحمد والشكر والتأقلم مع الأوضاع المتغيرة دون تأزم أو تأثر سلبي.
اترك تعليق