هل كان اسم "محمد" معروفًا بين العرب قبل بعثة النبي صلى الله عليه وآله وسلم؟ وهل وُجد من تسمى بهذا الاسم قبل مولده الشريف؟ سؤال يثير فضول الباحثين والمهتمين بتاريخ السيرة النبوية، خاصة مع ما تذكره المصادر من أن بعض العرب أطلقوا الاسم طمعًا أن يكون فيهم النبي الموعود.
من المشهور والمعروف أن اسم محمد لم يكن موجودا في العرب، ولم يسم به أحد منهم، ولا من غيرهم قبل زمان النبي- صلى الله عليه وسلم- كما قال القاضي عياض في الشفاء إلى أن أظلهم زمانه صلى الله عليه وسلم، وشاع أن نبيا اسمه محمد سيبعث، فسمى قوم من العرب أبناءهم بهذا الاسم رجاء أن يكون هو النبي الموعود.
وفي بحثه معجم المحمدين قبل ميلاد الرسول صلى الله عليه وسلم الذي نشرته مجلة الأزهر، ذكر د. محمد جمعة الدربي باحث معجمي ومحقق لغوي ان عدد من سمي باسم محمد قبل الإسلام "يتردد كثيرًا على مسامعنا أنه لم يُسَمَّ بمحمد قبل ميلاد الرسول صلى الله عليه وسلم أحد! وفى هذا الكلام نظر، ولو قيل إن اسم محمد لم يكن من أسماء آباء النبي لكان له وجه".
فقد ذكر ابن دريد (ت ٣٢١ هـ) أنه قيل لعبد المطلب: "ما سميت ابنك هذا؟ قال: سميته محمدًا. قالوا: ما هذا من أسماءك آبائك! قال: أردتُ أن يُحمد في السماوات والأرض"؛ وهناك من سمي باسمه قبل بعثته لكن بعد ميلاده مثل: محمد بن مسلمة الأنصاري من الأوس، أخو بني حارثة؛ وهناك من كُني بأبي محمد مثل: مسعود بن أوس الأنصاري الذي شهد بدرًا، بل سمت العرب بعض الأسماء على وزن الفعل مثل: يَحْمَد بطن من الأزد، ويُحمِد بُطيْن من قضاعة، كما سمَّوا حامدًا وحُميدًا.
وأما التسمية باسمه قبل ميلاده؛ فقد حظي بها أكثر من واحد أذكرهم حسب الترتيب الهجائيّ المشرقيّ حتى يسهل الاستدراك.
أما التسمية بمحمد قبل ميلاد النبي ﷺ فقد وُجد أكثر من واحد، أذكرهم حسب الترتيب الهجائي:
محمد الفُقَيْمي
محمد بن أسامة بن مالك بن حبيب
محمد بن الأُسيدي
محمد بن الحارث بن حديج
محمد بن الحرمـاز بن مالك بن عمرو بن تميم
محمد بن اليحمدي الأزدي
محمد بن برّ بن طريف بن عتوارة
محمد بن حُمران بن ربيعة بن مالك الجعفي
محمد بن خُزاعي بن علقمة بن محارب السلمي
محمد بن خولي الهمداني
محمد بن سفيان بن مجاشع بن دارم (يقال إنه أول من تسمى بمحمد في الجاهلية)
محمد بن عدي بن ربيعة التميمي
محمد بن عقبة بن أحيحة بن الجلاح الأوسي
محمد بن عمرو بن مغفل الغفاري
محمد بن يزيد بن عمرو بن ربيعة الكناني
وبهذا يتضح أن اسم محمد قد سُمِّي به قبل ميلاد الرسول ﷺ، وربما السبب أن العرب شاع بينهم قُبيل ميلاده أنه سيُبعث نبي اسمه محمد، فسموا أبناءهم بذلك طمعًا في هذا الشرف.
كما ورد أن اسم أحمد لم يُسمَّ به أحد قبله ﷺ، تحقيقًا لبشارة عيسى عليه السلام: ﴿وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ﴾ [الصف: 6].
وقد تنازع العلماء: هل كان اسمه "أحمد" أولًا ثم "محمد"، أم العكس؟ ورجّح بعضهم أن "أحمد" أسبق لأنه حمد ربه أولًا، ثم بعد ظهوره سُمّي "محمدًا" لكثرة الخصال التي يُحمد عليها.
واختُتم البحث ببيان أن الاختلاف في ذلك إنما يُظهر شرف اسم النبي ﷺ وصيانته، وأن الله تعالى خصّه بهذين الاسمين العظيمين.
ثم إن الله حمى كل من تسمى به أن يدعي النبوة أو يدعيها له أحد، أو يظهر عليه سبب يشكك أحدا في أمره، حتى تحققت الشيمتان له صلى الله عليه وسلم لم ينازع فيهما. اهـ
وبهذا تعلم أن عدد من تسمى بمحمد قبل ظهور الإسلام 15 اسما.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
اترك تعليق