تعرف غزوة بدر بأنها الغزوة الكبري في الإسلام مع أنها كانت قليلة العدد بالنسبة لمن اشترك فيها. وبالنسبة لآثارها المادية ومع ذلك فهي الغزوة الكبري لنتائجها المعنوية. وتأثيرها في العرب. وفي العالم كله.
وقعت غزوة "بدر" في شهر رمضان من العام الثاني للهجرة.. ولقد تصور العرب وغيرهم أن المسلمين ضعاف لا يقدرون علي المواجهة. وأنهم خرجوا من مكة هربًا من قوة المكيين. وأن الإسلام سيبقي معزولا مع أصحابه في المدينة المنورة.. حتي وقعت الغزوة. وتغير كل شيء. تغيرت المفاهيم. وتغيرت التصورات. وانمحت كل الآمال التي صنعها الكفار افتراء وكذبًا. وبدأ عهد جديد للدعوة إلي الله تعالي ولهذا كانت بدر هي الغزوة الكبري.
و"بدر" اسم بئر حفرها رجل من غفار اسمه بدر. وقيل هو بدر بن قريش الذي سميت قريش به. وهي علي بعد مائة ميل جنوب المدينة في طريق الذاهب إلي مكة وهي قريبة من ساحل البحر وسميت بدرًا لتمامها وكمالها.
ومن أسباب الغزوة أنه حين ترك المسلمون مكة. وتركوا فيها أموالهم. وديارهم. ليحافظوا علي دينهم. ولم يرتض القرشيون ذلك. فاستولوا علي الأموال واغتصبوا الدور. وحرموا المهاجرين من اصطحاب نسائهم. وذراريهم. ومنعوهم من دخول المسجد الحرام.. وحاولوا قتل رسول الله صلي الله عليه وسلم وتعقبوه أثناء هجرته. وأخذوا يؤلبون أعراب البوادي ضد رسول الله صلي الله عليه وسلم كما حاول القرشيون تأليب غير المسلمين من سكان المدينة فأخذ اليهود وعبدة الأصنام. والمنافقون يجاهرون بعداوتهم لرسول الله صلي الله عليه وسلم.
ووجد المسلمون أنفسهم أمام عداوة ظاهرة. وحرب موجهة إليهم من كل جانب. ورأوا أن قريشًا تعمل بلا كلل في تكثير أعداء الإسلام. وتوحيد أنشطتهم. وأعمالهم لمحاصرة المسلمين في المدينة. والقضاء عليهم.. فتيقنوا من ضرورة العمل لحماية دينهم. وموطنهم. وأنفسهم. وتأكدوا من أهمية التأهب. والاستعداد لمواجهة هذا الإجرام المتنامي من أعداء الله تعالي.
بعدما علم رسول الله صلي الله عليه وسلم بعودة قافلة قريش من الشام. وفيها ألف بعير محملة بتجارات قبائل مكة. تحت حراسة ثلاثين أو أربعين رجلا. أخبر رسول الله وأصحابه.پوندبهم للخروج ولم يأمرهم. وترك الأمر لاختيارهم فخف بعضهم. وقعد الأكثرون. ظنًا منهم أنها واحدة من الغزوات السابقة التي أفلتت فيها القوافل. وتمكنت من الهرب. وعادوا بعدها إلي المدينة المنورة..
ولم يتأهب الذين خرجوا للحرب التي فيها صناديد مكة. فلم يصطحبوا معهم كامل أسلحتهم وخيلهم.. فقد بلغت قوات المسلمين ثلاثمائة وخمسة عشر رجلا. معهم فرسان. وسبعون بعيرًا. فأخذ الرجال يتعاقبون علي الإبل پ"كل ثلاثة علي جمل" وكان النبي صلي الله عليه وسلم يتعاقب معهم وساروا للقاء القافلة قرب "بدر" ولكن اكتشف أبو سفيان بن حرب خروج المسلمين لملاقاة القافلة. فغير طريقه إلي الساحل. تاركًا بدرًا إلي يساره. وأسرع في سيره حتي بعدت القافلة عن المسلمين. وفي نفس الوقت أرسل لأهل مكة يستنجد بهم لإنقاذ تجارتهم من محاولة استيلاء المسلمين عليها.
عسكر المسلمون في "بدر"پيومين ليستريحوا من وعثاء السفر. وليري الأعراب وغيرهم من تواجدهم في بدر مدي شجاعتهم وقوتهم. ويعرفوا استعدادهم للقتال من أجل حماية الحقوق. وصيانة المبادئ والخلق الكريم.. ولكن عندما علموا أهل مكة بذلك خرجوا لملاقاة المسلمين في تحد سافر. واستعداد تام للقضاء علي المسلمين والإسلام.. وبرغم علم القرشيين أن القافلة التجارية نجت إلا أنهم أصروا علي الحرب آملين تلقين المسلمين درسًا يمنعهم من التصدي لقوافلهم بعد ذلك. وحتي يعلم أهل الجزيرة قوة أهل مكة وشدتهم في الحرب واللقاء. وكان رأس الداعين إلي ضرورة محاربة المسلمين أبو جهل لعنه الله.
اترك تعليق