هيرمس
    مصر
  • 29℃ القاهرة, مصر

رئيس مجلس الإدارة

طارق لطفى

رئيس التحرير

أحمد سليمان

طيب القول

فلسطين في قلب العالم.. وأمريكا النشاز!


يتَسارعُ العالمُ للاعتراف بدولة فلسطين، وكأنَّه تكفيرٌ عن الذنوب والجرائم اللاإنسانية، بل الإبادات التي ارتُكِبت بحقّ الشعب الفلسطيني منذ وقوع الاحتلال الإسرائيلي البغيض في العام ١٩٤٨ وحتى الآن، سواء على أرض فلسطين المُحتلَّة أو خارجها.
إلا دولة واحدة- وبعضُ أتباعها من دويلات لا يعرف معظمنا موقعها على الخريطة الجغرافية، فضلاً عن السياسية، فهى والعَدَم سواء ولا تظهر إلا كـ"مُكَمِّل" في التصويت الدولي- تلك الدولة تقف وحيدةً معزولةً في موقف النشاز بل الشذوذ، وهي تدَّعي رعاية الحرّيّة والعدالة والديمقراطية، لكنه ادِّعاءٌ أعرجٌ وأعمى، أُحادِيُّ النظْرة لما فيه مصلحته هو فقط!
ورغم التضْييقات والتحدّيّات بل التهديدات الإسرائيلية والأمريكية لمن يجْرُؤ على التفكير في الاعتراف بفلسطين أو حتّى التعاطُف مع شعبها الذي يُباد في غزَّة منذ عامين، فى "مَقْتَلَةٍ" لم تشهد لها البشريةُ مثيلاً، إلا أن الضمير الإنساني العالمي تحوَّل إلى وَقود يحرِق السياسات والحكومات المُعادية لحقِّ الشعب الفلسطيني الأعزَل في إقامة دولته المستقلَّة، لدرَجة وَصْفِ المتواطئين والداعمين لتلك الجرائم اللاإنسانية التي ترتكبها العصابات الصهيونية بـ"مُجْرِمِي الحرب" وستظل تُطاردهم هذه التُّهمة في كل مكان وزمان، ولن يغفرها لهم التاريخ.
وإذا كانت تُهمة مُعاداة الساميّة تحوَّلت إلى مَقْصَلَةٍ تهدِّد المَوْسُومين بل الموصُومين بها، زوراً وبُهتانا، وادَّعاء باطلا، وتخيُّلا لجرائم لم تقع، بل كلّها قصص من الوهْم لإيقاع العالَم في دوَّامة التكفير عن الذنب واستشعار النَدَم، والأهمّ استنزاف واستحلاب العالَم باسم معاداة السامية!
فإن الجرائم والفظائع التي ترتكبها العصابات الصهيونية بحقِّ الشعب الفلسطيني ستظلُّ كابوساً يُطارد مُرتكبيها في كلّ مكان يذهبون إليه، هُمْ ومَنْ يعاونهم، صحيح أن الحكومات والسياسيين لهم حساباتهم الخاصة وأحيانا الشخصية، لكن الضمير الإنساني والشعوب لا تغْفر ولا تنس الطُغاة والمُتَجبِّرين أعداء السلام والإنسانية، وتظلّ تَصُبُّ عليهم الّلعنات إلى يوم القيامة.
وما فعلته حكومة إنجلترا باعترافها مؤخَّراً بدولة فلسطين، هو في الحقيقة خطوة مهمّة ومحاولة للتكفير عن جريمة وَرَثَتْها من بريطانيا العُظمى التي قطَعت على نفسها وعدَ بِلْفُور عام ١٩٢٧ بإنشاء وطنٍ قوميٍّ لليهود في فلسطين، وظلَّت تغذَّي ذاك الكيان السَرطاني حتّى توحَّشَ وتجبَّر.
وفي ذات الوقت هي عِظَة وعِبْرة تاريخية لما تسير فيه وريثتها الحالية الولايات المتّحدة الأمريكية نحو الدَرْكِ الأسَفَل من الانقياد والتبعيّة العمياء لأعداء الإنسانية من أعضاء الصهيونية العالمية الذين لا يرْقُبون في إنسان إلًّا ولا ذِمًّة، لدرجة تسخير كافّة إمكاناتها وما وهَبَها الله من فضله ونِعمه في خدمة العداء للإنسانية.
وقد لعبت مصر دورًا كبيرًا ورئيسيًّا طوال تاريخ القضية الفلسطينية، ودخلَت حروبا عدَّة بداية من العام ٤٨ وحتى ١٩٧٣ في شهر أكتوبر المجيد، وما تخلَّل تلك السنوات من حروب استنزاف سواء عسكرية أو اقتصادية وسياسية ودبلوماسية، لكنّها كثَّفت جهودها في الفترة الأخيرة، واستطاعت بحِنْكَةِ وحِكْمَة القيادة برئاسة فخامة الرئيس عبدالفتاح السيسي، حَشْد التأييد الدولي لدعم الحقوق الفلسطينية، وأهمّها الحقّ في إقامة دولة فلسطينية مستقلّة على حدود يونيو من العام السابع والستين وعاصمتها القُدس الشرقية، وسيكون قريبًا جدًّا بإذن الله تعالى.
إن دولة الظُلْم مهما طَغَت وتجبَّرت وتطاولت في البُنيان وتمدَّدت وأطالت عُمرها، سيأتيها يوم الخسران والحَسْرة والندَامة، ولن تكون في عُمر الزمان إلا كـ"سَاعة"، أمّا دولة الحقِّ فتظلّ إلى قيام الساعة.
وإنَّا لمنتظِرون وعْدَ الله بإقرار الحقّ، لكن بعد أن نكون أهْلا للعبودية الحقَّة لله، فالقانون الإلهى لا يُحابي أحدًا "...إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّىٰ يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ..." سورة الرعد:١١.