السؤال: شخص مصاب بخروج ما ينتقض به الوضوء بصفة مستمرة، مثل: سلس البول وانفلات الريح، وغير ذلك مما ينتقض الوضوء به، فما حكم طهارة ذوي الأعذار المستمرة؟
فماحكم طهارة ذوي الأعذار المستمرة؟ يجيب على هذا السؤال فضيلة الأستاذ الدكتور محمود عفيفى هيكل أستاذ الفقه المقارن بكلية الشريعة والقانون جامعة الأزهر
الجواب: الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الخلق وسيد المرسلين، سيدنا ونبينا محمد، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين.
وبعد: فإن الطهارة من أهم شروط صحة الصلاة؛ لذا يجب على المصلي أن يكون محافظا على وضوئه حتى ينتهي من صلاته، فإذا خرج منه ما ينتقض به الوضوء من بول أو ريح أثناء الصلاة أو خارجها؛ فلا تصح صلاته حتى يتوضأ ما دام أنه غير معذور؛ وذلك لما أخرجه البخاري في صحيحه عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ ، قَالَ:«لَا يَقْبَلُ اللَّهُ صَلَاةَ أَحَدِكُمْ إِذَا أَحْدَثَ حَتَّى يَتَوَضَّأَ».
لكن إن كان هذا الشخص معذورا بأن كان الحدث دائما ومستمرا، ولا يستطيع أن يحافظ على وضوئه بمقدار وقت صلاته؛ فإن الشريعة الإسلامية رفعت الحرج عنه، وجاز له أن يصلي مع وجود هذا الناقض من نواقض الوضوء، وإن خرج أثناء صلاته.
والأصل في ذلك ما أخرجه البخاري في صحيحه عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة رضي الله عنها، قالت: جَاءَتْ فَاطِمَةُ بِنْتُ أَبِي حُبَيْشٍ إِلَى النَّبِيِّ ﷺ، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي امْرَأَةٌ أُسْتَحَاضُ فَلَا أَطْهُرُ، أَفَأَدَعُ الصَّلَاةَ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ :«لَا، إِنَّمَا ذَلِكِ عِرْقٌ، وَلَيْسَ بِحَيْضٍ، فَإِذَا أَقْبَلَتْ حَيْضَتُكِ فَدَعِي الصَّلَاةَ، وَإِذَا أَدْبَرَتْ فَاغْسِلِي عَنْكِ الدَّمَ ثُمَّ صَلِّي». قَالَ: وَقَالَ أَبِي:«ثُمَّ تَوَضَّئِي لِكُلِّ صَلَاةٍ؛ حَتَّى يَجِيءَ ذَلِكَ الوَقْتُ». وما أخرجه البخاري عن عائشة رضي الله عنها، قالت:«اعْتَكَفَتْ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ امْرَأَةٌ مِنْ أَزْوَاجِهِ مُسْتَحَاضَةٌ، فَكَانَتْ تَرَى الحُمْرَةَ، وَالصُّفْرَةَ، فَرُبَّمَا وَضَعْنَا الطَّسْتَ تَحْتَهَا وَهِيَ تُصَلِّي».
وعلى هذا فيجوز له أن يصلي ما شاء من الفرائض والنوافل بهذا الوضوء، إلا أنه يستحب له تجديد الوضوء عند خروج وقت الصلاة، وإن لم ينتقض وضوؤه بحدث آخر، كما يستحب له التحفظ من هذا الناقض؛ محافظة على بدنه وملابسه والمكان الذي يصلي فيه من النجاسة، ويستحب له أيضا عدم إمامة المصلين. هذا والله تعالى أعلى وأعلم
اترك تعليق