هيرمس
    مصر
  • 29℃ القاهرة, مصر

رئيس مجلس الإدارة

طارق لطفى

رئيس التحرير

أحمد سليمان

السابقون الاولون من المهاجرين والانصار 2 - 30

الأرقم بن أبي الأرقم فتي قريش أول كاتب للوحي في تاريخ الإسلام

صحابة الرسول رضوان الله عليهم .. حبهم دين يدين به كل مسلم موحد. وقربى يتقرب بها المسلم إلى الله عز وجل. وأكد علماء السنة بالإجماع في كتب العقائد على مكانة الصحابة في الأمة، ويذكرون فضائلهم ومناقبهم، ووجوب محبتهم وحرمة سَبِّهم أو الطعن فيهم. ويجب على المسلم أن يذكرهم دائمًا بالخير، وأن يترضَّى عنهم، ويدعوَ لهم بالنعيم المقيم وفاءً لهم وإقرارًا بفضلهم على من جاء بعدهم، ويُحسِن الظن بهم في كل الأحداث التي رويت عنهم

الجمهورية اونلاين تنشر خلال شهر رمضان المبارك سلسلة عن صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم السابقون الأولون من المهاجرين والانصار من غير المشهورين.


  • أسلم وعمره 16 عاماً على يد أبي بكر الصديق واصبح صاحب أول دار لنشر الإسلام على وجه الأرض
  • اشهده الرسول على واقعة شق القمر وهاجر من مكة إلى المدينة
  • شارك في غزوة بدر الكبرى وكل الغزوات مع النبي الخلفاء الراشدين ومات عام 55 هجرية

 

دار الأرقم بن أبي الأرقم .. تقريباً لا يوجد مسلم لا يعرف هذا الدار .. ففيها أعلنت كلمة التوحيد .. وأقيمت أول صلاة للمسلمين على الأرض .. وبين جدرانها اجتمع فيها النبي الكريم مع أوائل الصحابة الكرام وانطلقوا منها يحملون الدعوة إلى الله في كافة البقاع والاصقاع حتى نشروا الإسلام في كافة انحاء العالم.

لكن من يعرف من هو صاحب الدار الأرقم بن أبي الأرقم؟ ومتى أسلم؟ ولماذا اختار رسول الله صلى الله عليه وسلم داره لتكون أول مركز للمسلمين على وجه الأرض؟

هو أبو عبد الله الأرقم بن أبي الأرقم عبد مناف بن أسد بن عبد اللَّه بن عمر بن مخزوم القرشي المخزومي وأمه هي أميمة بنت عبد الحارث، وقيل اسمها: تماضر بنت حذيْمَ من بني سهم، وقيل اسمها: صفية بنت الحارث بن خالد بن عمير بن غُبْشَان الخزاعية.

أسلم الأرقم رضي الله عنه وهو ابن 16 عاماً على يد الصديق أبو بكر وقيل إنه كان سابع من أسلموا وقيل بل كان العاشر بين المسلمين. فعن عائشة رضي الله عنها قالت: خرج أبو بكر يريد رسول الله، وكان صديقا للنبي في الجاهلية، فلقيه فقال: يا أبا القاسم .. فُـقِـدتَ من مجالس قومك واتهموك بالعيب لآبائها وأمهاتها، فقال رسول الله: إني رسول الله أدعوك إلى الله عز وجل، فلما فرغ رسول الله صلى الله عليه وسلم من كلامه أسلم أبو بكر، فانطلق عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم وما بين الأخشبين أحدٌ أكثر سرورًا منه بإسلام أبي بكر، ومضى أبو بكر وراح لعثمان بن عفان وطلحة بن عبيد الله والزبير بن العوام وسعد بن أبي وقاص فأسلموا، ثم جاء الغد عثمان بن مظعون وأبا عبيدة بن الجراح وعبد الرحمن بن عوف وأبا سلمة بن عبد الأسد والأرقم بن أبي الأرقم، فأسلموا رضي الله عنهم.

فتى قريش الذهبي الثري

وكان فتى قريش الذهبي الثري يتدفقُ شبابا ووسامة، كما انه أحد أبناء بني مخزوم أصحاب السلطة والمال والمكانة التي تحمل لواء الحرب في قريش، والتي عُرفت قبل الإِسلام بشدة عداوتها للنبي. ولذا لم يخطر ببال أحدٍ في قريش، أن يدخل هذا الفتى المخزومي الثري، في دين محمد، وكان رضي الله عنه ذكيا حكيما كتم إسلامه، ولم يخبر حتى أقاربه. وكنت داره على جبل الصفا في منطقة هادئة بالقرب من الكعبة المشرفة لا يسكنها الا اثرياء قريش وبالتالي فهي بمعزلٍ عن المتربصين بالمسلمين في مكة ولا تخطر على بال أحدٍ من المشركين.

اختار النبي صلى الله عليه وسلم دار الارقم لتكون مقراً للدعوة لهذه الأسباب، فضلاً عن أن الأرقم رضي الله عنه كان صغيرا، ولن تبحث قريش في بيوت الصبيان عن النبي وأصحابه، وكان من قبيلة بني مخزوم، العدو التاريخي لـ "بني هاشم" التي ينتمي إليها النبي صلى الله عليه وسلم. وكان الفتى ذكيا حكيما يجيد القراءة والكتابة فوثق فيه النبي صلى الله عليه وسلم فأسند إليه مهمة القيام على حلقات العلم والتثقيف والذكر وقراءة القرآن الكريم التي كانت تدار في داره لسبقه في الإسلام وعدم انقطاعه عن مجلس الرسول عليه الصلاة والسلام وإتقانه التلاوة والعلم بملابسات الأحوال التي نزلت النصوص فيها، والفهم بمعاني القرآن وألفاظه والمعرفة بمفاهيم الإسلام وشرائعه.

أول كاتب للوحي في تاريخ الإسلام

وكان الصحابي رفيع الشأن رضي الله عنه من كتبة الوحي بل هو أول كاتب للوحي في تاريخ الإسلام، كما أجمع المؤرخون، ومن المؤكد ان جميع الآيات القرآنية التي نزلت على النبي خلال الثلاث سنوات الأولى من بداية الدعوة، والتي كانت تتداول سرًا بين المسلمين، كُتبت كلها في دار الأرقم، ومعظمها كان بخط يد الأرقم، ومنها الصحيفة الشهيرة التي كانت بها آيات من سورة "طه" التي أسلم بسببها الفاروق عمر بن الخطاب، وبه اكتمل عدد المسلمين 40 رجلاً فصدر الامر الإلهي للنبي صلى الله عليه وسلم للجهر بالدعوة.

وروى الطبري عن عبد الله بن عبيدة قال: "مازال النبيّ مستخفيا حتى نزلت (فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ) فخرج هو وأصحابه. وانتظم المسلمون في صفين وساروا بثقةٍ وثباتٍ، فكان على رأس الصف الأول الفاروق عمر بن الخطاب وعلى رأس الصف الثاني اسد الله حمزة بن عبد المطلب وبينهما الرسول صلى الله عليه وسلم، وهم يزأرون جميعا: الله أكبر ولله الحمد، ويطوفون بالبيت علانيةً، فتهتز مكة، وتتزلزل قلوب المشركين.وخافت قريش من هذا المشهد، ودخلت بيوتها خوفًا من عمر، وحمزة ومن الرسول وصحابته رضى الله عنهم ومن هنا بدأ نشر الإسلام علانية أمام العالم أجمع.

ويروى أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - استشهده على واقعة شق القمر المروية، فيما أخرجه الحافظ أبو نعيم عن ابن عباس في قوله تعالى: (اقتربت الساعة وانشق القمر) سورة القمر آية 1، وروى البخاري ومسلم عن ابن عباس: اجتمع المشركون إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، منهم الوليد بن المغيرة، وأبو جهل بن هشام، والعاص بن وائل، وغيرهم من عتاة الكُفر، فقالوا للنبي - صلى الله عليه وسلم -: إن كنت صادقـًا، فشق لنا القمر فرقتين، نصفًا على جبل أبي قبيس ونصفًا على قعيقعان، فقال لهم النبي - صلى الله عليه وسلم -: (إن فعلت هل تؤمنون؟) ، قالوا: نعم، وكانت ليلة بدر، فسأل الله عز وجل أن يعطيه ما سألوا، فأمسى القمر نصفًا على هذا الجبل ونصفا على ذاك. ورسول الله صلى الله عليه وسلم ينادي: "يا أبا سلمة بن عبد الأسد والأرقم بن الأرقم اشهدا".

مع صدور الامر بالهجرة لم يتخلف الارقم رضي الله عنه فهاجر إِلى المدينة المنورة وأقام في حيّ بني زريق، وعُرف بيته أيضًا هناك بدار الأرقم، وقد آخى الرسول صلى الله عليه وسلم بينه وبين أبي طلحة زيد بن سهل، وكان سعد بن أبي وقاص صديقـًا حميمًا له. شهدَ الأرقم غزوة بدر، وأحد، والخندق، والغزوات كلها، ولم يتخلف عن الجهاد، وأعطاه الرسول صلى الله عليه وسلم دارًا بالمدينة في بني زريق، واستعمله على الصدقة.

الخروج إلى بيتِ المقدس

ويوماً ما تجهز الارقم وأرادَ الخروج إلى بيتِ المقدس، فلما فرغَ من التجهيز والإعداد، جاءَ إلى النبي يودّعهُ، فقالَ لهُ رسول الله:(ما يخرجكَ يا أبا عبد الله، أحاجة أم تجارة؟) فقالَ لهُ الأرقم: (يا رسول الله! بأبي أنت وأمى، إني أريد الصلاة في بيتِ المقدس)، فقال لهُ رسول الله: (صلاة في مسجدي هذا خيرٌ من ألفِ صلاة فيما سواه إلا المسجدِ الحرام) فجلس الأرقم، وعادَ إلى دارهِ مطيعًا للنبي صلى الله عليه وسلم، ومُنفّـذًا لأوامره.

  

ظل الأرقم رضي الله عنه على عهده وجهاده في سبيل الله، بعد وفاة النبي، شارك في جميع المعارك والفتوحات التي تمت في عهد الخلفاء الراشدين، باحثا عن الشهادة، لا يبخل بماله ولا نفسه، ولما استشعر قرب أجله في عهد معاوية بن أبي سفيان، أوصى بأن يصلي عليه سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه، ومات سنة 55هـ، وهو ابن 83 سنة وكان سعد غائبًا عن المدينة آنذاك، فأراد مروان بن الحكم أمير المدينة أن يصلي عليه، فرفض عبيد الله بن الأرقم، فقال مروان: أيُحبس صاحب رسول الله لرجلٍ غائب؟ ورفض ابنه عبيد الله بن الأرقم أن يصلي عليه أحدٌ غير سعد بن أبي وقاص، وتبعه بنو مخزوم على ذلك، حتى جاء سعد، وصلى عليه ودفن رضي الله عنه في البقيع.





تابع بوابة الجمهورية اون لاين علي

تابع بوابة الجمهورية اون لاين علي جوجل نيوز جوجل نيوز

يمكنك مشاركة الخبر علي صفحات التواصل

اترك تعليق