أيام قليلة تفصلنا عن الحدث الإفريقي الأهم في أجندة الدبلوماسية المصرية لهذا العام، وهو منتدى أسوان للسلام والتنمية فى نسخته الثانية، والذى يمثل منصة يتم من خلالها تناول حلول إفريقية للتحديات التى تواجهها دول القارة السمراء، خصوصا فى مجالات السلم والأمن والتنمية المستدامة.
انعقاد المنتدى فى هذا التوقيت يكتسب أهمية خاصة فى هذه المرحلة الدقيقة التى تعمل فيها القارة على مواجهة تداعيات جائحة كورونا والتحديات الاقتصادية والاجتماعية المتعددة التى نتجت عنها.. فالتقديرات المتداولة منذ منتصف العام الماضي لدى خبراء منظمة الصحة العالمية تقدر أن نحو ربع مليار شخص في إفريقيا قد يصابون بفيروس كورونا في غضون عام.
وأن ما بين 150 و190 ألف إفريقي قد يموتون من جراء الإصابة بفيروس كورونا.
وأن 5.5 ملايين شخص سيحتاجون إلى علاج في المستشفيات، مما يشكل ضغطًا كبيرًا على الخدمات الصحية التي تكافح بالفعل من أجل علاج الملاريا والسل وفيروس نقص المناعة المكتسب.
ما يعنى أن إفريقيا بالفعل تحت رحمة "كونسورتيوم" لعين من الأوبئة والفيروسات منذ أشهر مضت.
أضف الى ذلك مكافحة الإرهاب والفكر المتطرف، وتهديدات السلم والأمن الإقليميين والدوليين بفعل مجموعات ارهابية تتكاثر بسرعة مخيفة.
ومع عودة نشاط فصائل "القاعدة" وظهورها في دول إفريقيا خاصة في الصومال ومالي ونيجيريا والنيجر وبوركينا، فضلاً عن شمال إفريقيا، يخشى المراقبون من أن تصبح إفريقيا "أرض الجيل الثالث لتنظيم القاعدة" بحيث يتكرر سيناريو أفغانستان من جديد.
وتتغلغلُ في إفريقيا خمس مجموعات إرهابية مسلحة شديدة الخطورة، ولديها صلات بتنظيم القاعدة، وهي: "بوكو حرام" في نيجيريا، و"القاعدة في المغرب الإسلامي" شمال الصحراء الكبرى، وحركة "الشباب" الصومالية، وحركة "أنصار الدين" السلفية الجهادية في مالي، وحركة "التوحيد والجهاد" في غرب إفريقيا.. هذه التنظيمات أضحت تهدد مختلف الدول الإفريقية برغم كل الخطوات التي اتخذت للحدّ من توسّعها وللقضاء عليها منذ سنوات.
هذه التنظيمات ليست وحدها العنوان الذي يحيل إلى المخاطر الأمنية في المنطقة التي تنتشر فيها أصناف متعددة من الجماعات المتشددة التي تتداخل مع شبكات تهريب الأسلحة والمخدرات والبشر والتي بات مجال نشاطها يمتد إلى مناطق إفريقية غنية بمواردها الطبيعية..
ومن الواضح أن التعاون القائم حاليًا بين مختلف الدول الإفريقية غير كافٍ، حيث إن بعض دول المنطقة تغلب عليها الاعتبارات السياسية المحلية على حساب الأهداف الاستراتيجية لمجمل القارة..
لذلك فإن المنطقة بحاجة إلى تنسيق سياساتها مع استراتيجية الدول الأوروبية، خاصة أن منطقة المغرب العربي والساحل والصحراء تشكل امتداداً أمنياً واستراتيجياً لأوروبا.
البيئة في إفريقيا مهيأة لاستمرار وتوغل الحركات الإرهابية، خاصة مع التدخّلات الأجنبية الداعمة لهذه الجماعات على غرار ما تقوم به تركيا وقطر، ومع تقهقر الدعم الغربي لأسباب عديدة.
"جوهرة النيل" ربما قد تكون الملاذ الأمن الوحيد المتاح لإفريقيا في الأعوام المقبلة للخروج من حصار الجائحة والإرهاب.