هيرمس
    مصر
  • 29℃ القاهرة, مصر

رئيس مجلس الإدارة

طارق لطفى

رئيس التحرير

أحمد سليمان

"كلمة وطن" 

هجمة مرتدة

"لم يكن حادث جسر ويستمنستر الذي تم تنفيذه في مارس 2017 في مجلس العموم البريطاني وسط لندن هو الإشارة التنبيهية الأولى لضرورة الالتفات لهذا الخطر كما أنها ربما لن تكون الأخيرة"!

عبارات قوية فاجأ بها مرصد الأزهر لمكافحة التطرف الجميع هذا الأسبوع، في هجمة مرتدة فريدة من نوعها ، أصاب بها هدفا قاتلا في شباك المملكة المتحدة.

مباراة فكرية من طراز رفيع جاءت في صورة تقرير كاشف للبيئة الخصبة التى توفرها السجون البريطانية لنمو وانتشار الفكر المتطرف وما ينتج عنه من عمليات إرهابية تحصد أرواح الأبرياء.

لم تكن أيضا تلك المرة الأولى التى يدق فيها المرصد ناقوس الخطر الذي تشكله مفرخة الارهاب الأوروبية الكامنة في أحضان لندن.

حادث ويستمنستر لمن لا يتذكره جيدا ، أسفر عن مقتل 5 أشخاص، من بينهم ضابط شرطة، كان في نوبة عمله في محيط مجلس العموم البريطاني، وإصابة حوالي 50 آخرين، وعلى الرغم من أن تنظيم داعش الإرهابي أعلن مسئوليته عن هذا الهجوم وأن منفذه كان على اتصال بالتنظيم لتنفيذ هذه الهجمات على المدنيين وقوات الأمن في بريطانيا؛ إلا أن شرطة مكافحة الإرهاب البريطانية صرّحت وقتها أنها لا تزال تعتقد أن منفذ الهجوم تحرّك بمفرده، ولم يكن تابعًا لجماعة، وأنه تأثَّر بالدعاية الإرهابية.. لتسجل بذلك حالة انكار فريدة من نوعها، تثير الشبهات حول المتورط الأصلى، بنفس القدر الذى تثيره من الحزن تجاه الضحايا وأسرهم وعائلاتهم.

ربما رغبت بريطانيا، بما لديها من مخابرات قوية وهيئة شرطية، وقوات مكافحة إرهاب على أعلى مستوى، في إنكار ارتباط منفذ هذا الهجوم بداعش تنظيميًا، ثقةً في قوة جهاز المخابرات لديها، واعتزازًا بالوضع الأمني فيها وطمأنةً للشعب. 

لكن الأمر الأهم الذي لا يمكن التنكر له أنه تم اختراق هذا الفاعل فكريًّا من قِبل تنظيم داعش الإرهابي، الأمر الذي يصعب جدًا رصده ما لم يتحول هذا الفكر إلى عمل إرهابي مروع كالذي وقع!

 تقرير المركز توقف أمام ذلك المشهد المريب بحثا عن البيئة التي نَفَذَت من خلالها أفكار هذه التنظيمات المتطرفة إلى رجل مثل هذا، الذي لم يسلط عليه واحد من أقدر أجهزة المخابرات في العالم الضوء، ولم يرصد تحركاته وتبنيه للفكر المتطرف.. تتبع المرصد في تقريره تفاصيل الحادث، والمراحل العمرية لمنفذه، ليتبين أنه تحول من "شاب محبوب من الجميع" إلى "مجرم يمارس العنف" ثم إلى "إرهابي". وبين كل مرحلة وأخرى تفاصيل امتنع التقرير عن ذكرها تأدبا وابتعادا عن التشهير.. لكنه يقترب أكثر من رسم صورة المشهد مع رصد تجدد الهجمات داخل السجون على الضباط، وأطقم العمل ، وتعالى الأصوات المحذرة من تفاقم المشكلة حتى بين المسئولين الحكوميين أنفسهم.

افادات المراقبين حملت هى الأخرى تفسيرات أكثر عمقا للمشهد .. جوناثن هال، أحد خبراء مراقبة التطرف، جاء بالصدمة حين أكد أن السجون البريطانية باتت مرتعًا للتطرف، وأن السجناء الإرهابيين لا تُوجَّه لهم تهم استقطاب زملائهم داخل السجون وتشجيعهم خلف القضبان على ممارسة التطرف، ما أدَّى بدوره إلى وقوع هجمات إرهابية شبه منتظمة على ضباط السجون.

هال يكشف في افادته كيف يحظى الإرهابيون بمكانة عالية داخل نظام السجون، ممَّا يخلق بيئة خصبة لهم للتأثير على من هم دونهم.. وعلى من يبحث عن الاجابات كاملة أن يقرأ التقرير وما يطرحه من اجابات حول مسارات الرحلة الدامية .. وكيف تعمل شبكات التطرف داخل السجون البريطانية؟