على إيقاع التفجيرات الدامية التى طالت بغداد، خرجت طهران بفيديو من 9 دقائق مصورة، حشدت فيها كل طاقتها في اصطناع الأكاذيب.. الدراما السياسية الملفقة استهدفت هذه المرة محاولة إضعاف الإرادة الكردية وكسرها، أكثر مما هو استهداف لشخصية الزعيم الكردي التاريخي مسعود بارزاني نفسه.
إظهار الفيلم وعرضه بهذا الوقت مع ما حمله من مضمون ورسائل ومشاهد وصفها الأكراد بـ"الصادمة"، كان من إنتاج شركة تابعة للحرس الثوري الإيراني، في توليفة تستند الى أحداث حقيقة مغلفة بأخرى كاذبة مصطنعة، في خلط ساذج للأوراق والمواقف والشخصيات.
انتشار الفيديو جاء من حيث التوقيت بعد ثلاثة أيام من إعلان الرئيس مسعود بارزاني إدانته للجرائم الإرهابية في بغداد، وأعرب فيها عن بالغ الأسف، لااستشهاد وإصابة عدد كبير من المواطنين الأبرياء في مدينة بغداد، نتيجة هجومين إرهابيين.. وتوجهه بالتعازي والمواساة لأسر الشهداء وضحايا هذه الحوادث، وتمنياته بالشفاء للمصابين..
وهو ما يرسم خط العلاقة والارتباط بين طهران وما شهدته بغداد من إرهاب.. فمجرد الإدانة يستوجب العقاب ويدفع طهران للتشكيك في العقيدة القتالية لأكراد العراق.
تمجيد قاسم سليماني ومحاولة إضفاء هالة القداسة حوله، هى مجرد محاولة فاشلة لغسيل السمعة ولن يغير من جرائمه في المنطقة شيئًا.
واستهداف الكرد بدعاية ملفقة لن ينتقص من تاريخهم النضالى مثقال ذرة.. فهى مجرد محاولة بائسة لرسم صورة ذهنية مغايرة لحقيقة الرجال والمواقف أمام الأجيال القادمة.. تزوير وتزييف للتاريخ لن يصمد أمام لحظة اشتباك حقيقة بعلامات الاستفهام.
إيران أرادت أن توحي للإدارة الأمريكية الجديدة بأنها الحاكم المسيطر في العراق، سواء في بغداد أو في إقليم كردستان.. وأن زعماء الكرد غير قادرين على حماية أنفسهم أو شعوبهم دون طهران وأمثال قاسم سليماني.
ولم تجد لتحقيق ذلك أفضل من 9 دقائق تُظهر فيها قائد فيلق القدس قاسم سليماني، يُسرع لنجدة رئيس إقليم كردستان السابق وزعيم "الحزب الديموقراطي الكردستاني" الحالي، مسعود بارزاني، الذي يظهر في الفيلم خائفًا ومضطربًا ومتوترًا ومهجورًا من حلفائه الغربيين، وتحديدًا الأميركيين والفرنسيين، وكذلك الأتراك، حينما يبلغه مساعدوه بتقدم "داعش" صوب أربيل، في محاولةٍ لإخضاعها قبل الزحف نحو بقية المناطق الكردية في شهر أغسطس 2014.
في تقديري أن ما فعلته طهران كانت من أهم نتائجه أن السحر انقلب على الساحر، وأشعل الفيلم الإيراني النّار في روح قيادات "الحزب الديموقراطي الكردستاني" ومناصريه، الذين يتجاوز ما قدموه الألفي شهيد وعشرات الجرحى والمصابين، بينما تتهكم طهران وتسخر من مرجع كبير للكرد ـ ليس في كردستان وحدها فقط، بل في جميع دول المنطقة.. ويطرح سؤالاً موجهاً للإيرانيين: "لماذا أنتم صامتون تجاه هجمات إسرائيل في سوريا والعراق ضدكم لكنكم تتنمرون على جيرانكم؟".