هيرمس
    مصر
  • 29℃ القاهرة, مصر

رئيس مجلس الإدارة

طارق لطفى

رئيس التحرير

أحمد سليمان

"كلمة وطن"

العمق.. بالعمق

أكثر التقديرات وأشدها تفاؤلًا جاءت منذ بضعة أشهر لتؤكد أن دحر تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) في سوريا والعراق، دفعه لنقل مركز نشاطه وعملياته الإرهابية إلى أفريقيا حيث يتمدد ويزداد نفوذًا هناك.. وأصبح التساؤل المتكرر هو: هل تصبح أفريقيا ساحة بديلة للتنظيم ويدخل في صراع مع التنظيمات الجهادية الأخرى هناك؟

الإجابة عن السؤال لم تكن في تلك التقارير وحدها.. لكنها أيضا في العراق ذاته أول أمس بتفجير انتحاري مزدوج أودى بحياة العشرات من النساء والشيوخ والأطفال.. أبرياء يتقاسمون شظايا التفجيرات بدلا من كسرة خبز أو شربة ماء.

مشهد مفزع يروي لنا أن كل ما تم ترويجه إعلاميًا خلال الأشهر الماضية حول انحسار داعش بالعراق وانتقاله إلى إفريقيا كان محض اختلاق ومحاولة لإصدار شهادة حسن سير وسلوك مزورة لصرف الانتباه وتخفيف الضغط على التنظيم الارهابي هناك.

الحقيقة أن إعادة قراءة المشهد بدقة تنبأنا بأن داعش يتلون بين سني وشيعي بحسب الجماعات المستهدفة أمامه.. فهناك دواعش تحركهم إيران، وآخرون تحركهم تركيا.. ومناطق النفوذ والعمليات تختلف بحسب الأجندة الإرهابية لكلا الطرفين.. والتداخل وارد أحيانًا متى التقت الأهداف.. البعد الديني حاضر بقدر ما يحققه من استفادة قصوى.. لكن في كل الأحوال فإن السني والشيعي أهداف مشروعة لداعش.

إذًا.. المعالجة لم تعد فكرية أو عقائدية أو قتالية فقط، لكنها اشتباك سياسي بالدرجة الأولى مع دوائر تمارس بدهاء لعبة التوظيف الميكافيللى للتنظيمات الارهابية.. أيًا كانت مسمياتها أو نطاق عملها أو انتمائها الدينى ودوافعها الذاتية.

المعالجة السياسية هنا لا تعني الحوار فقط مع الأطراف المحركة للإرهاب - وهى بالمناسبة معروفة للجميع ـ لكن المقصود هنا التأثير بنفس المقدار من الأذى لدى تلك الأطراف.. المناصحة لم تعد مجدية.. استجداء الكيانات الدينة الكبري للإدانة والشجب والاستنكار لم يعد مؤثرًا.. حتى الشخصيات الدينية والرموز السياسية فقدت تأثيرها.

فقط المعالجة الموضوعية بالبتر والاستئصال سوف يكون لها بالغ الأثر في إنهاء الموجات الارهابية المتكررة والمتواصلة.

ولعل ما فعله ترامب مع قاسم سليمانى أو الزرقاوى يقدم لنا نموذجًا عمليًا في هذا الصراع.. الرئيس السادات نفسه قالها في نصر أكتوبر.. العمق بالعمق.. والنابلم بالنابلم.