هيرمس
    مصر
  • 29℃ القاهرة, مصر

رئيس مجلس الإدارة

طارق لطفى

رئيس التحرير

أحمد سليمان

"كلمة وطن"

سياسات الاستخدام والاستهداف

هل كان من الممكن أن يصدر تحديث قوائم الإرهاب بالولايات المتحدة دون إدراج "حسم" و"ولاية سيناء" والحوثيين وداعش؟

نعم كان يمكن أن يحدث ذلك لو لم نرَ الاضطراب التاريخي الدائر والصراع المشتعل حول كرسى الحكم في واشنطن.. ترامب قرر أن يجرد خصومه من كل أوراق الضغط في الشرق الأوسط وأن يضعف بقدر المستطاع من قدرتهم على الابتزاز السياسي لدول المنطقة بخطوات وإجراءات سوف تجعل من الولايات المتحدة عاجزة عن التأثير في الداخل والخارج.

في تصورى أن الصفعة التى وجهها ترامب، لم تكن فقط للتنظيم الدولى للجماعة الارهابية والكيانات والأذرع التابعة لها.. فمصر كشفت كل أوراق العناصر المشار إليها، وربما لم تكن في حاجة لاعتراف دولي بما توصلت إليه من نتائج قاطعة وأدلة ثبوت تدين هؤلاء جميعا.

الحقيقة أن واشنطن نفسها وحلفاءها في أوروبا هم من كانوا في احتياج إلى الوضوح في مواقفهم أمام مجتمعاتهم وشعوبهم، بعد أن انتقل العنف والقتل والتطرف الى تلك المجتمعات وهدد استقرارها وفرصها في البقاء والوجود.

القرار بالنسبة لنا جاء متأخرًا سنوات طوال، ولا أقول أنه بلا قيمة، لكن الصمت طوال هذه السنوات ونحن نخوض حربنا بمفردنا دون عون ـ وأحيانا ـ في مواجهة تواطؤ دولى، كان أشبه بالمؤامرة مكتملة الأركان.

انتقال المشهد بين الولايات المتحدة والجماعات الارهابية من الاستخدام المتبادل إلى العداء والمواجهة والمطاردة سوف يكون له ثمن باهظ التكلفة تقع أعباؤه على إدارة بايدن لو قدر لها الاستمرار.

المصالح الأمريكية في العالم أصبحت تحت التهديد المباشر.. الاغتيالات والقتل والخطف والترويع وكل أشكال الجريمة والإرهاب سوف تكون من نصيب السياسة الأمريكية في السنوات القادمة، بعد أن كانت من المحرمات في العقيدة الإجرامية لتلك الجماعات.

إسقاط الأقنعة يعني صراعًا مكشوفًا وتكسير عظام بين الإرهاب وصانعيه.

لكن مضمون الرسالة ذاته يدين السياسة الخارجية الأمريكية طوال العقود الماضية تجاه التنظيمات الإرهابية.

تصرّفات الجماعة الإرهابية لم تكن فى يوم من الأيام خافية على أحد، ولم يظهر فى يوم من الأيام أنها تمتلك مشروعية سياسية أو جماهيرية يمكن التبجح بها أما المجتمع الدولى.

ولذا يبدو أن التأخير فى اتخاذ قرار مهم كهذا إلى آخر لحظة من مدة الرئاسة يهدف إلى أمرين آخرين؛ أولهما إضافة تعقيدات أكثر للجهود التى قد تقدم عليها إدارة بايدن لاستثمار الفوضى، ومن ضمنه الأذرع الإقليمية التى تدار بالكامل من قبل أجهزة المخابرات الدولية.

فإذا لجأت إدارة بايدن إلى ممارسة أى نوع من التواطؤ فسوف يكون مفضوحًا.

الأمر الثانى يتعلق بمشروعية المسار المسلح الذى تسلكه تلك الجماعات وإخضاع مصادر تمويلها للرقابة والتحقيق والمطاردة.

وهذا الفارق الشاسع بين الاستخدام والاستهداف، من شأنه أن يضع قيوداً معنوية وسياسية وقانونية على أى تحرك أمريكي محتمل يميل إليه الديمقراطيون والرئيس بايدن لتقديم أى دعم معنوي لتلك الجماعات.

لكنه من جانب آخر سيجعل الحرب على الإرهاب بمثابة الوسيلة الوحيدة أمام المجتمع الدولى لتبرئة ساحته أمام شعوبهم.

هذا التداخل بين الأبعاد الداخلية الأمريكية والخارجية فى قرار تصنيف الجماعة الارهابية وأذرعها المسلحة كمنظمة إرهابية سيكون له تبعات على دول المنطقة بأكملها وليس مصر فقط .. وينهى احتكار القوى  الكبرى لإدارة وتوجيه التنظيمات الارهابية.