هيرمس
    مصر
  • 29℃ القاهرة, مصر

رئيس مجلس الإدارة

طارق لطفى

رئيس التحرير

أحمد سليمان

النجاح ونظرتنا القاصرة تجاهه



كثير من النماذج الناجحة تحيط بنا ، في مجالات وتخصصات عده ، منهم من نعرفهم بشكل مقرب وشخصي مثل جار او صديق او قريب أو أستاذ او زميل طفولة ، وكلنا بلا شك ننبهر ونفرح بما حققوه من نجاحات دفعت بهم الي مساحة القاء الأضواء على نجاحاتهم وإنجازاتهم ، والتي أهلتهم لنيل مكاسب هذا النجاح وهي كثرة ، وإن كان أهمها التميز والقدرة على خلق وابتكار منطقة للتميز والإبداع الشخصي ، وكثير منا ايضاً ربما ينظر بنظره قاصرة وغير فاحصة الي جانب واحد من قصة النجاح التي تم تحقيقها ، والتي غالباُ ما تكون تلك اللحظة المبهرة التي يفاجأ فيها الجميع بأن فلان نجح في اكتشاف علمي ، أو تحقيق فوز في مضمار تنافسي ، أو الحصول على لقب علمي أو مهني مهم يجعله اكثر تميزاً عن أقرانه ، بل ومحط اعجاب أكثرهم ، وقدوة يبحث البعض الأخر عن اتباع الخطوات التي سار عليها وصولاً لتحقيق نصر مشابه ، أو حتى اكبر مما حققه هذا الشخص القدوة ، ومحط اعجاب الجميع .

ولا خلاف على أن الصورة الخاصة بلحظات تحقيق النجاح او الوصول للغايات رائعة ومبهرة ، ومحط اهتمام ومراقبة منا كلنا ، لحظات ، أو دقائق أو ساعات أو حتى أيام يحاط الشخص المتميز صانع المجد او النجاح بالأضواء والأسئلة ، رغبة في معرفة اسرار هذا  النجاح وكيف تحقق ؟ ولكنها تنتهي بعد فترة ، وتخفت وتتحول الي ذكري رائعة لمن حققها ، ومحل تقدير يناله كلما تذكرها الناس ، كل هذا رائع وجميل ، وإن كان المشهد مليء بلحظات اكبر من تلك اللحظة العبقرية الخاصة بالتكريم الناجح او الفائز ، وتذخر بتفاصيل اكثر من مجرد تلك اللحظة العبقرية ، التي نشاهد فيها الشخص الناجح وهو محط إعجاب وتقدير الجميع بما حققه من نجاح او وصل اليه من مكانه ، فالسر هنا فيما تكبده هذا الشخص من جهد وما مر به لحظات يأس ، واخفاقات متكررة ، لم تهزمة ولم تنل من عزيمته بل هو من اصر على هزيمتها ، والإنتصار على كافة التحديات والصعوبات التي فرضتها عليه ظروفه بإختلافاتها ، حتي استطاع الوصول الي الخلطة الخاصة به للنجاح ، فالنجاح ليس هو فقط تلك اللحظات الرئعة الخاصة بالإعلان عنه أو حتى نيل التكريم كنتيجة لتحقيقة ، ولا حتى في أيام سبقت الإعلان عنه ، بل هو صناعة ربما بدأ فيها صاحبها قبل تلك اللحظة بشهور وسنوات سبقتها .

فالنجاح لا يأتي مصادفة ، ولا يتحقق بمحض ضربة حظ ، النجاح مثله مثل كل شيئ معادلة بها عناصر كثيرة ، فجزء منه صناعه ، وجزء اخر إرادة ، وجزء اكبر هو ايمان الشخص بقدرته على إعادة صياغة واقعه الذي يعيشة هو وكثير غيره ، ومدى قدرته على اختيار مسار صحيح يضع قدمه عليه ، وفي لحظة معينة تجعله يعتلي كافة المسارات المشابهة ، ليسمو به عمله وإجتهاده وإرادة النجاح ، وحلمه بتحقيق الغايات التي تسكن روحه ، وتسيطر على عقله عن غيره ممن ارتضوا الحياة العادية الخالية من الحلم ، ومطاردة الشغف والإثارة وبذل العرق وتحمل المخاطرة ، بل وتحمل الصعاب في سبيل تحقيق اللحظة الرائعة التي يقف فيها الشخص بزهو ، والجميع من حولة يتهامسون فيما بينهم عن كيفية تحقيق هذا المجد أو النجاح ، دونما أن يدرك البعض او حتى الغالبية منهم حقيقة معاناته التي كانت هي المكون الرئيسي من مسار تحقيق هذا النجاح .

فجميعنا تملأ نفوسنا الأحلام وتذخر عقولنا بالتطلاعات ، وتحاوطنا النماذج الناجحة والمبهرة التي نتطلع لها ، وكثير منا من يتمنى أن يسير على هدى خطواتهم ، وربما ايضاُ البعض او القلة منا يتلمزون ويتغامزون بداخلهم ( كيف وصل الي تحقيق هذا ؟ انا احسن منه او اذكي او اكثر مال او علاقات او كذا او كذا ) ، ولكن ندرة منا هم من تتفتح اعينهم على رؤية زاوية مختلفة من مشهد النجاح ، وتتوافر بداخلهم إرادة صنعه ، ولا يعبئون بما سيلاقون من صعوبات وما هم بصدد بذله من مجهودات ، بل وتضحيات يقدمونها طوعاً في محراب النجاح ، ويضحون بلحظات من المتعة واللهو والسعادة ، فنفوسهم تزهد تلك المتع اللحظية والزائفة ، وأعينهم تشيح النظر عنها ، وتظل شاخصة نحو تلك اللحظة العبقرية ، وهم فوق منصات التتويج ، تغمرهم الأضواء ، تتفحصهم الأعين بإعجاب بعد ما نجحوا في خلق لحظاتهم العبقرية الخاصة ، وصناعة امجادهم ونجاحاتهم الشخصية ، فالنجاح صناعة وإرادة وحلم شخصي ، ظل صاحبه يطارده دون كلل حتى استطاع أن يخرج به من فراغ الحلم ، إلي إطار الواقع ، فقط بالإرادة والتخطيط وبذل الجهد ، فجميعنا نحلم بالنجاح ، وقليل منا من يمتلك القدرة والإرادة على تحقيق أحلامه وصياغة عناصر معادلته الخاصة بالنجاح .