في يوم 13 أكتوبر، انعقدت قمة المرأة العالمية في بكين بمهابة، وهي حدث دبلوماسي آخر تقيمها الصين بعد شهر من قمة تيانجين لمنظمة شنغهاي للتعاون والفعالية التذكارية بمناسبة الذكرى الثمانين لانتصار حرب الشعب الصيني ضد العدوان الياباني والحرب العالمية ضد الفاشية. وتعد هذه القمة منصة أخرى تنشئها الصين لدفع قضية المرأة العالمية بمناسبة الذكرى الثلاثين لمؤتمر المرأة العالمية المنعقد في بكين. وحضر الرئيس الصيني شي جين بينغ هذه القمة وألقى فيها كلمة مهمة، كما حضر القمة رؤساء الدول والحكومات والبرلمانات والمسؤولون على مستوى نائب رئيس الوزراء والممثلون على المستوى الوزاري من أكثر من 110 دولة، بالإضافة إلى المسؤولين من الأمم المتحدة والمنظمات الدولية والسفراء الأجانب لدى الصين، حيث شاهدوا سويا على معلم جديد في مسيرة قضية المرأة العالمية. وحققت القمة نجاحا كاملا، وأصدرت البيان الرئاسي. ويولي المجتمع الدولي اهتماما كبيرا لهذه القمة، وأشاد بمساهمتها في بلورة توافق أوسع وفتح آفاق أوعد لتسريع التنمية الشاملة لقضية المرأة العالمية.
أكد الرئيس شي جين بينغ في كلمته أن المرأة لها دور مهم في صنع الحضارة البشرية وتطويرها وتوريثها، ويعد دفع قضية المرأة العالمية المسؤولية المشتركة على عاتق المجتمع الدولي، مضيفا أن التنمية الشاملة للمرأة لا تزال تواجه تحديات معقدة، وتحقيق المساواة بين الجنسين لا يزال أمامه طريق طويل. في هذا السياق، طرح الرئيس شي جين بينغ رؤية من أربع نقاط، وأكد على ضرورة التعاون في تهيئة بيئة ملائمة لنمو وتنمية المرأة، وإضفاء زخم قوي لدفع التنمية عالية الجودة لقضية المرأة، وبناء منظومة الحوكمة الشاملة لضمان حقوق المرأة، وكتابة فصل جديد للتعاون العالمي من أجل المرأة. وتهتم هذه الرؤية بحل المشاكل ومعالجة ظواهرها وبواطنها في آن واحد، وتوضح الشروط المسبقة ومصادر القوة والضمانات الأساسية ومنصات التعاون لتعزيز التنمية الشاملة للمرأة، الأمر الذي يعكس فهم الصين العميق لقوانين تنمية قضية المرأة العالمية، مما قدم الحكمة والحلول الصينية لتسريع التنمية الشاملة للمرأة. خلال هذه القمة، أعلن الرئيس شي جين بينغ أن الصين ستتبرع 10 ملايين دولار لهيئة الأمم المتحدة للمرأة، وتنفذ ألف مشروع "صغير وجميل" في مجال التنمية والمعيشة، وتدعو 50 ألف امرأة إلى الصين للمشاركة في برامج التبادل والتدريب، وتنشئ "المركز العالمي لبناء قدرات المرأة". واتفق الحاضرون والمجتمع الدولي على أن رؤية الرئيس شي جين بينغ والإجراءات التي ستتخذها الصين تجسد حرص الصين على تحمل المسؤولية لتوظيف دور آليات متعددة الأطراف والدفع بتحقيق المساواة بين الجنسين، مما يعطي زخما قويا لتنمية قضية المرأة العالمية.
على مدى السنوات، ظلت الصين تحرص على دمج قضية المرأة في مسيرة التحديث الصيني النمط، وحققت إنجازات تاريخية ومرموقة في قضية المرأة، إذ حققت الصين نجاحا باهرا في أكبر معركة مكافحة الفقر في تاريخ البشرية، التي مكّنت 690 مليون امرأة من عيش حياة ميسرة، وانخفض معدل وفيات الأمهات في الصين بنسبة 80% بالمقارنة مع ما كان عليه قبل عشر سنوات، واحتلت مراكز متقدمة بين دول متوسطة ومرتفعة الدخل من حيث المؤشرات الصحية للنساء والأطفال. وتتمتع النساء بالتعليم المهني والتعليم مدى الحياة عالي الجودة، وتبقى نسبة الالتحاق بالمدارس للفتيات في سن التعليم الابتدائي أعلى من 99.9%، وفي عام 2024 بلغت نسبة الطالبات في مؤسسات التعليم العالي 50.76%. وتشعر النساء الصينيات بالسعادة والأمان الأكثر استدامة، وتلعبن دورا مهما في التنمية الاقتصادية والاجتماعية بثقة وحيوية غير مسبوقة. كما تشكل النساء أكثر من 40% من العمالة في المجتمع، وأكثر من نصف رواد الأعمال في قطاع الإنترنت، وحصلت النساء على أكثر من 60% من الميداليات في آخر أربع دورات من الأولمبياد الصيفي، الأمر الذي يجسد المقولة الصينية القديمة المتمثلة في "تعد النساء نصف العالم".
كما تعمل الصين دائما على توفير الفرص والضمانات لقضية المرأة العالمية من خلال تنميتها الذاتية، وتسعى إلى تقليص فجوة التنمية بين النساء في مختلف الدول، حيث أطلقنا اليوم الدولي للحوار بين الحضارات، ونفذنا القرار رقم 1325 لمجلس الأمن الدولي بشأن المرأة والسلم والأمن، وندفع التواصل والتعاون بين نساء العالم في إطار مبادرة "الحزام والطريق" ومنظمة شنغهاي للتعاون، وندعم النساء للاعتماد على الذات. وتساهم "المشاريع الصغيرة والجميلة" الصينية، مثل "مشروع صحة الأمومة والطفولة" و"مشروع المدرسة السعيدة"، في تحسين الظروف المعيشية لنساء الدول النامية، وتساعد مشاريع عشب الفطريات والتدريب التقني النساء في أكثر من 100 دولة في إيجاد فرص العمل، وقام المركز العالمي للتعاون في التمكين الرقمي للمرأة بتدريب أكثر من 200 ألف امرأة متميزة من أكثر من 180 دولة ومنطقة.
حضرت المستشارة أمل عمار رئيسة المجلس القومي للمرأة هذه القمة تلبية لدعوة الجانب الصيني، حيث سجلت تقديرها العالي لمساهمة الصين في قيادة الجهود الدولية لدفع قضية تمكين المرأة، وأشارت إلى أن النساء المصريات استفدن بشكل كبير من التعاون العملي بين مصر والصين، لا سيما في برامج التدريب المهني التي تنظمها الصين. ويسعدني أن أرى أن مصر تمر بـ"العصر الذهبي" للمرأة، وتشجع المرأة على المشاركة في الحوكمة الوطنية، وأصدرت سلسلة من القوانين لدعم حقوق المرأة، وتعمل على تعزيز تمكين المرأة سياسيا، وتدعم النساء للحصول على فرص عمل أكثر، مما يوفر منصة للنساء لخلق حياة سعيدة بأيديهن. في هذا السياق، تحرص الصين على العمل مع مصر وغيرها من الدول العربية، على اتخاذ هذه القمة كنقطة انطلاق جديدة، وتوريث وتكريس روح مؤتمر العالمي للمرأة ببكين، وتعزيز التضامن والتعاون والتعلم المتبادل، والسير سويا نحو هدف بناء مجتمع المستقبل المشترك للبشرية، وتسريع عملية التنمية الشاملة للمرأة، وخلق مستقبل أفضل للبشرية كلها.