هيرمس
    مصر
  • 29℃ القاهرة, مصر

رئيس مجلس الإدارة

طارق لطفى

رئيس التحرير

أحمد سليمان

كلام بحب 

السلام أصعب من الحرب! ! 

 

●● أهم ما تحقق في اتفاق السلام الذى تم توقيعه في شرم الشيخ هو وقف حرب الإبادة ضد الشعب الفلسطينى وخروج أكثر من 1900 أسير وسجين من السجون الإسرائيلية والاعتراف بالرؤية المصرية بعدم تهجير أهالى غزة وعودتهم إلى ديارهم مما يوقف محاولات تصفية القضية .

رغم ان خطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب غير واضحة المعالم بالنسبة للمستقبلولا تشير صراحة إلى حل الدولتين .. إلا انها أجبرت إسرائيل على وقف الحرب على غير رغبتها وساهمت فى إخراج الفلسطينيين من السجون وإعادة إدخال المساعدات الإنسانية لغزة وسفر العشرات للعلاج فى مصر والخارج من المصابين في الحرب التى استمرت لعامين وأسفرت عن استشهاد أكثر من 67 ألف فلسطينى وربما مئات الآلاف من المصابين والموتى تحت الأنقاض .. فوقف
الحرب في حد ذاته إنجاز لوقف نزيف الدماء الفلسطينية !! .

لا يمكن إنكار الجهد الذي بذلته مصر مع الشركاء من قطر وتركيا إلى جانب الولايات المتحدة لإنجاز الاتفاق الذى بدأت مرحلته الثانية المهمة والشاقة والتي ستمتد لفترة طويلة نظراً لقدرة الإسرائيليين على المماطلة والتسويف وعرقلة المفاوضات مما جعل العديد من المراقبين يتوقعون عدم اكتمالها .. وأن خطة ترامب ربما ستقتصر على المرحلة الأولى فقط حيث حقق نتنياهوما يريده بعودة الرهائن الأحياء وجثث الأموات وهو لا يريد التخلى عن غزة ولكنه سيسعى لتخلى حماس عن السلاح .. وهو يتمنى عودة الحرب ليظل في مكانه أطول فترة !! .

أعطى الرئيس ترامب لصديقه نتنياهو كل ما يعزز موقفه في رئاسة الوزراء خلال خطابه أمام الكنيست .. فقد امتدحه كثيراً وطالب الرئيس الإسرائيلى بالعفو عنه في قضايا الفساد المتهم فيها .. وكانت جلسة فيها الكثير من النفاق والتزلف لترامب لإرضاء غروره ونرجسيته .. ولكن نتنياهو بخبث أضاع على ترامب التقاط صورة تذكارية مع الأسرى العشرين الذين أفرجت عنهم حماس .. وفى اعتقادى ان الرئيس الأمريكى ظل يطيل فى خطابة بالكنيست حتى يصل الرهائن لكنه لم يحصل على ما يريد !! .

معروف عن الرئيس ترامب انه لا يعترف بالقواعد الدبلوماسية ولا يلتزم بالبروتوكول لذلك لا عتاب عليه اذا تأخر عن الحضورإلى شرم الشيخ .. صحيح ان الحاضرين بدا عليهم بعض الضيق وربما الامتعاض ولكن الرئيس السيسى عالج الأمر بحكمة واقتدار فلم يشعروا بطول الانتظار .. خاصة وانهم جميعا يعرفون ترامب جيدا بما فيهم الرئيس الفرنسى ماكرون الذى عندما حضر ترامب ضغط على يديه بشده أذهلته لكنه اعتاد عليها حيث تكرر هذا المشهد من قبل .. وكذلك ميلوزى رئيسة وزراء ايطاليا التى غازلها بما لا يتفق مع الأعراف ولا يليق برئيس دولة وقال لها انها جميلة مما أحرجها أمام الجميع .. فأى شىء متوقع منه خاصة ان ردود أفعاله غير متوقعه وغير محسوبه .. ومع ذلك فيكفى انه استطاع اجبار نتنياهو على ايقاف حربه المجنونة ضد الفلسطينيين .. ويتبقى عليه الاعتراف بالدولة الفلسطينية وحل الدولتين مثل باقى دول العالم .. وبالتأكيد سيحدث ذلك يوماوقد يكون قريبا لاننا تعودنامنه العودة عن تصريحاتة وتغيير كلامة طبقا للأحداث ووفقا لقوة أصحاب الحق .. عموما علينا الا ننسى له وقف الحرب وانه قضى ٩ ساعات فى المنطقة وجاء إلى شرم الشيخ من أجل السلام !! .

علينا أن نفرح بأن المقاومة الفلسطينية استطاعت الصمود لعامين من حرب إبادة شنتها قوات الاحتلال الإسرائيلى .. والأهم أنها حافظت على سرية أماكن وجود الأسرى ولم تستطع مخابرات إسرائيل وأمريكا وبريطانيا ودولاً أخرى أن تصل إليهم أو تعرف مكانهم رغم أنهم دمروا غزة تماماً وفتشوها متراً متراً ونزلوا إلى الانفاق فهل ألبست فصائل المقاومة الأسرى « طاقية الإخفاء ؟! ».. فهذا انتصار كبير للمقاومة اضافة الى الصمود البطولى لأهالى غزة .

علينا أن نفرح كذلك بالدور المصرى فى وقف إطلاق النار والدور الأهم في وقف خطط التهجير .. ويجب الثناء على جميع المفاوضين العرب من مصر وقطر وحماس .. وأن نفرح باستضافة مصر لمؤتمر شرم الشيخ الناجح وحضور زعماء العالم .. ولكن الأهم أن نواصل العمل لتحقيق حلم إقامة الدولة الفلسطينية وعندها فقط يكون السلام .. فطريق السلام أكثر صعوبة من الحرب !! .


****************


استعدوا المعركة إعمار غزة !!

●● تعالوا نتخيل شكل غزة بعد عام أو عامين ؟! .

 أتحدى أن يتمكن أمهر العرافين وقراء الكفوف والسحرة أن يتنبأوا بما سيكون عليه قطاع غزة فى المستقبل .. بل أنهم لا يمكنهم معرفة « طالع » أو كيف سيكون حال منطقة الشرق الأوسط خلال الأعوام القليلة القادمة !! .

غزة التي تم تشويه وجهها وتدمير مبانيها وبنيتها الأساسية وتحويلها إلى أنقاض تدفن تحتها أشلاء الشهداء .. ولن يكون إزالتها سهلاً وإنما يحتاج إلى عمل شاق وجهد كبير ومعدات حديثة ووقت ليس بالقليل لإزالة 55 طناً من الركام والمخلفات وإخراج الجثث وتمهيد الأرض لإعادة البناء وتجميل وجه غزة المشوه !! .

يحتاج إعادة بناء قطاع غزة ليعود صالحاً للحياة البشرية إلى كل ما سبق وإلى تكاليف ضخمة قدرتها الأمم المتحدة بحوالي 70 مليار دولار .. فمن الذي سيوفرها ؟! .

حسب رؤية الرئيس الأمريكى ترامب فإن على الدول العربية الغنية أن تقوم بهذا العمل ، فهو لا يمل من القول بان دول الخليج تمتلك أموالا طائلة وعليها ان تدفع .. ولم يتطرق أبدا الى ان يقوم المعتدى المتسبب فى تدمير غزة بالتكفير عن جريمتة  وقيامة بتحمل تكاليف اعادة البناء .. حيث ان واقع الحال يشير إلى أن إسرائيل هي التي اعتدت وقامت بحرب إبادة لكل شيء على أرض غزة من أهالى وعمارات وأشجار ونباتات .. فلماذا لا تدفع إسرائيل ثمن عدوانها .. ولماذا لا تقوم امريكا التى مدتها بالسلاح والطائرات والقنابل والصواريخ التى استخدمتها اسرائيل فى العدوان على غزة وأهلها كما ستعوضها بمليارات الدولارات عن خسائرها فى الحرب .. لماذا لا تساهم أمريكا فى تعمير القطاع باعتبارها أغنى دولة فى العالم ولديها أموالا طائلة ربما تفوق ثروة العرب مجتمعين وليس دول الخليج فقط .. والغريب ان ترامب يريد ان يدمر نتنياهو وجيشه المحتل غزة ثم يدفع العرب الثمن ؟! .

 أخذت مصر على عاتقها الدعوة لمؤتمر الشهر القادم لإعادة إعمار غزة والتعافى المبكر للقطاع لوأد فكرة تهجير الأهالى وتصفية القضية وحتى يعود القطاع للتنمية واستيعاب العائدين الفلسطينيين الذين كانوا قد نزحوا من الشمال إلى الجنوب .. وسيتم البناء والتعمير وهم على أراضيهم وفي مكانهم تنفيذاً لرؤية مصر الثاقبة التى لولاها لتحولت غزة إلى « ريفيرا » يمتلكها
رجال أعمال من أمريكا وكل أنحاء العالم وتضيع القضية الفلسطينية !! .

عملية إعمار غزة .. معركة جديدة .. لابد أن يستعد لها الشعب الفلسطيني ولن تتركه مصر .. وعلى كافة الدول العربية والشركاء الاستعداد لها جيداً .. فهي معركة لا تقل عن معركة المحادثات التي أدت إلى اتفاق وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى الذى تم توقيعه في مدينة السلام وشهد عليه زعماء العالم .. حيث إن إعمار غزة وإعادة توطين أهلها في أماكنهم يقضى على أحلام نتنياهو في التهجير وعزل غزة تماماً عن الضفة ثم يكمل خطته بتقسيم الضفة عن طريق إقامة العديد من المستوطنات خاصة في القدس حتى ينهى تماماً أى أمل في إقامة الدولة الفلسطينية .. فهل تنتبه الدول العربية والإسلامية لما يخطط له اليمين الصهيونى .. وهل يعود قادة الفصائل الفلسطينية إلى رشدهم ويتحدوا وينهوا خلافاتهم قبل فوات الأوان؟! .

ربما تحتاج غزة إلى مثل مشروع « مارشال » وزير خارجية أمريكا بعد الحرب العالمية الثانية الذى ساهم فى إعادة بناء أوروبا التي دمرتها الحرب .. فالإعمار يحتاج لتكاتف كل دول العالم بما فيها أمريكا والضغط على إسرائيل لتدفع ثمن عدوانها .. وبالتأكيد العبء الأكبر سيقع على العرب!!