هيرمس
    مصر
  • 29℃ القاهرة, مصر

رئيس مجلس الإدارة

طارق لطفى

رئيس التحرير

أحمد سليمان

عمار يا مصر

ساطع النعماني وهشام بركات .. وحديث الميادين !

شيعت مصر الشهيد ساطع النعماني الذي التحق بقافلة الشهداء التي يمتد طولها من الأرض - التي سقطوا من أجلها - إلي جنة عرضها السموات والأرض كما وعد الله ، وكما شيعت من قبل الشهيد هشام بركات النائب العام الذي اغتالته يد الإرهاب الآثم ، ومن قبله ومن بعده مئات من الشهداء صعدت أرواحهم الطاهرة راضية مرضية دفاعا عن الأرض والعرض في ميادين الشرف الذي لا يضاهيه شرف آخر .

كل الشهداء يتم تكريمهم بأشكال متعددة من الدولة ممثلة في مؤسسة الرئاسة والوزارات المعنية كالدفاع والداخلية والتضامن وغيرهم سواء كان التكريم بمنح ميداليات أو أوسمه ونياشين أو إطلاق أسماء الشهداء علي المدارس والمنشآت الحكومية والشوارع والميادين بالإضافة إلي الرعاية الاجتماعية لأسر الشهداء ، ولا شك أن كل هذا من حقهم علينا ، بل يحتاجون المزيد فليس هناك مقابل مهما عظم أو كبر يعوض أهالي الشهداء عن فقد الشهيد في الدنيا إلا رحمة الله وجنته في الآخرة .

الرئيس أصدر قرارا جمهوريا بإطلاق إسم الشهيد ساطع النعماني علي ميدان النهضة الذي سقط فيه مصابا بإصابات بالغة وهو يواجه بجسارة إرهاب الجماعة في 2 يوليو عقب ثورة 30 يونيو التي أطاحت بحكم الجماعة الفاشية ومكتب الإرشاد تحت الشعار العبقري ( يسقط  .. يسقط حكم المرشد  ) حتي صعدت روحه الطاهرة متأثرا بإصابته .

إطلاق أسماء أبطالنا من الشهداء علي الشوارع والميادين يخلد أسماءهم ، ويحفظ لهم ذكري طيبة في نفوسنا ، ويذكرنا دائما بمعاني البطولة والفداء والتضحية ، ونحن حين نتذكرهم وندعو لهم نحكي لأولادنا قصص بطولة هؤلاء ، ونرسخ في عقولهم تاريخا حقيقيا لأبطال منا اختاروا طواعية أن يكونوا سدا منيعا يحول بيننا وبين الشر والإرهاب بطيب خاطر ونفس مطمئنة ، ونحن عندما نفعل ذلك إنما نرد إليهم بعضا مما قدموه لنا وللوطن ولن نوفيهم حقهم .

ومع كامل التقدير لقرارات إطلاق أسماء الشهداء علي الميادين الكبري والشهيرة .. هل يتحقق المراد من ذلك ؟ هل يتكرر اسم الشهيد البطل علي الألسنة ويطفو علي سطح العقل عند المرور بتلك الميادين أو التواجد فيها ؟ أظن - وليس كل الظن إثم - أن ذلك لا يتحقق ، وأن أقصي ما يمكن عمله هو لافته متواضعة مكتوب عليها إسم الشهيد ومعلقة علي جدار بناية من البنايات في أحد جوانب الميدان يكسوها الضدأ والتراب بعد وقت قصير .. وانتهي الأمر !

كان قد أطلق اسم الشهيد هشام بركات علي ميدان رابعة بمدينة نصر .. هذا الميدان الذي حولته الجماعة الإرهابية إلي بؤرة مسلحة انطلق منها العنف والقتل ودعاوي التحريض وموجات المظاهرات المتوالية التي حولت المنطقة والمناطق التي حولها إلي خراب ودمار وجردتها من مظاهر المدنية والتحضر !

الميدان يتوسطه نُصب تذكاري تم تشييده بعد فض هذه البؤرة .. هذا النصب يكسوه التراب ، تتناثر حوله القمامة ، ويقف شاهدا علي الإهمال وغياب المسئولية ، والعجيب أن الميدان طريق إجباري لمرور رئيس ومسئولي حي مدينة نصر شرق وغرب ، ومع ذلك لم يلتفت إليه أحد !

الأمر الثاني والأهم والذي ينسف هدف إطلاق إسم الشهيد هشام بركات عليه أن الإعلام ما زال يطلق علي الميدان إسم رابعة إذا جاء ذكره في مناسبة أو خبر ، وأن كل وسائل النقل العام ووسائل نقل المحافظة التي تنقل الركاب مكتوب عليها رابعة العدوية ضمن خط سيرها  ، وأن كل قائدي هذه المركبات والعاملين عليها ينادون علي الركاب .. رابعة .. رابعة .. رغم تغيير الإسم إلي ميدان هشام بركات !

الدولة والرئيس فعلوا ما يجب عليهم لتخليد ذكري الشهداء وتكريمهم .. لكن الأجهزة التنفيذية سواء المحليات أو شرطة النقل والمواصلات وغيرهم لم يلتزموا بما جاء في قرار اطلاق إسم الشهيد علي الميدان ، ولم يتخذوا أي خطوات عملية من شأنها تحقيق الهدف المنشود من التكريم !

هذا ما هو حادث في ميدان الشهيد هشام بركات ، وأخشي أن يتكرر الأمر مع ميدان الشهيد ساطع النعماني وغيرهما من شهداء الوطن .

الأمر لن يكلف المسئول غير التأكد من كتابة اسم الشهيد علي خط سير مواصلات النقل العام بدلا من الإسم القديم ، ولن يكلف أي إعلامي - إذا جاء ذكر هذا الميدان - غير الإشارة إلي اسم الشهيد الذي أطلق علي الميدان .. الحكاية ليست صعبة ، والحكاية تستحق حبذا لو كان هناك تمثال للشهيد يتوسط الميدان  طالما قررنا تكريم الشهداء ونريد أن يكونوا رموزا وقدوة لنا ولشبابنا ، وطالما حريصون علي أن نحافظ علي تاريخ نصنعه بالدم والروح .