هيرمس
    مصر
  • 29℃ القاهرة, مصر

رئيس مجلس الإدارة

طارق لطفى

رئيس التحرير

أحمد سليمان

النسخة الـ"60" من "ليالى الفكر والذكر"

البودشيشية: التأهيل الروحي ركيزة أساسية في بناء الوطنية الصادقة

سلَّط د. منير القادري- رئيس مؤسسة الملتقى، مدير المركز الأورومتوسطي لدراسة الإسلام اليوم - الضوء على أهمية التأهيل الروحي ودوره المحوري في بناء الوطنية الصادقة، مبرزا الأدوار الكبرى التي تطلع بها المؤسسات التربوية في ترسيخ الانتماء الى الوطن من خلال التربية على قيم النفع والصلاح.


 جاء ذلك خلال مشاركته في النسخة الستين من فعاليات "ليالي الوصال الرقمية"، التي تنظمها مؤسسة الملتقى، ومشيخة الطريقة القادرية البودشيشية، بتعاون مع مؤسسة الجمال.

أشار الى أن الإسلام أرسى معالم الوطنية قبل أربعة عشر قرناً من الزمان، وأنه أزاح الجاهلية والعصبية والقبلية التي كانت تحكم الناس، ونظم العلاقات بين جميع أفراد المجتمع بغض النظر عن دياناتهم وطوائفهم وعشائرهم وقبائلهم.

وتابع موضحا: أن هذا ما شهدت به صحيفة المدينة التي رسّخت قواعد المجتمع المتكامل، وأسّست مفهوم المواطنة الصالحة حقوقاً وواجبات دون إغفال مرتكز العقيدة الذي يحفظ للأمّة شخصيتها ومقومات وجودها.

وأكد أن المواطنة الصالحة ليست مؤقّتة، وإنما هي دائمة مرتبطة بالقيم والأخلاق، وأن الفرد لا يكتسب صفة الوطنية إلا بالعمل لصالح الوطن، وكذا حين تصبح المصلحة العامة للوطن أهم لديه من مصلحته الخاصة.

وشدّد على الأهمية الكبرى للمؤسسات التربوية في إصلاح الخلل الناجم عن ضعف الانتماء للوطن، عبر ترسيخ معايير الانتماء في النفوس وتعزيزها في المواقف المجتمعية بأشكالها المتنوعة.

تأطير روحي

وأكد د. القادرى أن هذه الجهود تبقى في حاجة إلى تأطير روحي أخلاقي يمكن الفرد من امتلاك أسباب تهذيب السلوك وتشكيل الذات وفق قيم النفع والصلاح وإرادة الخيرية للجميع.

وتابع شارحا: إن التأهيل الروحي هو الذي يمد الإنسان بأسباب الكمال الخلقي كأساس في بناء الشخصية المتوازنة المعتدلة، وأنه هو المدخل إلى بناء المواطن النافع الذي يدفع الضرر عن نفسه وعن غيره، كما أنه السبيل إلى إعداد المواطن الصالح الذي يدرأ الفساد عن نفسه وعن غيره.

وشدّد على أن النفع والصلاح قيمتان ضروريتان لا يمكن تصور المواطنة الكاملة المنتظرة إلا على مقتضاهما، مشيرا في هذا الصدد الى أن المدارس الصوفية في المغرب، لعبت أدواراً طلائعية في تأمين حاجيات المجتمع الروحية، وكذا الاجتماعية والاقتصادية والفكرية والسياسية، وأنها حافظت على وحدة البلاد من خلال وطنية صادقة تدافع عن حوزة الوطن وتسعى الى وحدة الكلمة في ظروف المحن، كما أنها أنتجت علماء أعلاما أثروا الثقافة المغربية في شتى العلوم، مشيرا الى أن التاريخ شاهد على هذه الخصوصية الصوفية المندمجة.

وأوضح أن الوظيفة الروحية الأصلية لهذه المدارس التخليقية في المغرب ماتزال مستمرة إلى اليوم، مما يجعل منها مقوما من مقومات هوية المجتمع المغربي، وجوابا شافيا لتساؤلاته الروحية والأخلاقية.

 وأجمل د. القادري مقاصد التأهيل الروحي لمدرسة التربية الروحية للتصوف في: أولا: تجديد الخطاب الديني للإسلام وتصحيح صورته.

ثانيا: بث قيم المحبة والحوار والاعتدال والوسطية، ونبذ الفرقة والتعصب والعنف والتي لا يمكن أن تنبعث إلا بتربية روحية عميقة وحقيقية.

ثالثا: توفير الأمن الروحي للفرد والمجتمع بإحياء الإيمان في القلوب وإنهاض الهمم للعلم والعمل به.

وشدّد على أن تأهيل المجتمع روحياً من خلال تكوين أفراده على القيم الأخلاقية العليا والتحقق بها على يد العلماء الربانيين هو المدخل الحقيقي لبناء مواطنة صالحة، على أساس أنه لا انفصال بين الصلاح والإصلاح.

وأكد في ختام مداخلته أن الإصلاح في الممارسة الصوفية مبني على معنى روحي يتميز بالتوجه إلى جوهر الإنسان ليزيل عنه العوائق المُثْبِطَة، فيصبح قادراً على جلب الإصلاح المبتغى كمسؤولية يتقلد بها أمام الحق والخلق، فتشغله عن النظر إلى حظوظه الذاتية والأنانية، وينصرف إلى خدمة الصالح العام ونفع مجتمعه، مرسخا قيم المواطنة المنتجة للخير والساعية إلى النفع.





تابع بوابة الجمهورية اون لاين علي

تابع بوابة الجمهورية اون لاين علي جوجل نيوز جوجل نيوز

يمكنك مشاركة الخبر علي صفحات التواصل

اترك تعليق