69 عامًا من العطاء والريادة الصحفية.. و25 ألف عدد يحكون حكاية مصر
تمر السنوات وتبقي الجريدة التي ولدت من رحم الثورة. شاهدة علي تحولات الوطن وتاريخه.. إنها جريدة المساء. التي لم تكن مجرد صحيفة مسائية. بل ذاكرة أمة وحكاية وطن كتبتها الأقلام بحبر من مصداقية وضمير.
منذ صدورها قبل ما يزيد عن ستة عقود. تميزت "المساء" بقدرتها علي أن تكون مرآة صادقة للمجتمع المصري. ناقلة للخبر. ومحللة للحدث. وصانعة للرأي. لتصبح جزءًا أصيلاً من وجدان القارئ المصري في الحضر والريف. بين الشباب والكبار.
ومع احتفالها بصدور العدد 25 ألف. تستعيد "المساء" حكايتها مع رموز الصحافة والإعلام. الذين حملوا معها مشعل التنوير والإبداع.
مني الحديدي: "المساء" منحت الصحافة المصرية نَفَسًا جديدًا
تقول الدكتورة مني الحديدي عضو المجلس الأعلي لتنظيم الإعلام وعميد كلية الإعلام بجامعة القاهرة الأسبق:
"جاء صدور جريدة المساء في أعقاب ثورة 23 يوليو 1952 كإضافة نوعية للصحافة المصرية ومصدرًا للمعلومة ومتابعة الأحداث الجارية بمهنية. مع اهتمام خاص بالشأن المحلي. بما يفعل حق الإنسان في الاتصال كما أقره الإعلان العالمي لحقوق الإنسان".
وتضيف: "كونها أول صحيفة مسائية يومية في مصر عدّل من عادات القراءة والمتابعة لدي الجمهور. جذبت الشباب بصفحات الرياضة والجريمة. وكنت واحدة منهم في ذلك الوقت. حتي تمنيت إعداد رسالتي للماجستير عن تغطية الجرائم في الصحافة عام 1970".
وتري الحديدي أن "المساء" علي مدار تاريخها جمعت بين الخبر والرأي والتحليل. مما أكسبها مصداقية وتعددية في جمهورها. لتصبح جريدة لكل المصريين.. من الريف إلي المدينة. ومن الشباب إلي الكبار.
عبدالمحسن سلامة: "أول صحيفة مسائية".. تركت بصمتها علي المهنة
يقول الكاتب الصحفي عبدالمحسن سلامة. عضو المجلس الأعلي لتنظيم الإعلام:
"كانت ولا تزال صحيفة المساء من علامات الصحافة المصرية المؤثرة. ولعبت دورًا كبيرًا في التنوير وإدخال أنماط صحفية جديدة علي المجتمع الصحفي منذ صدورها حتي الآن".
ويضيف: "هي أول صحيفة مسائية في مصر. اهتمت بالرياضة والأحداث الفنية والمجتمعية. وسدت فراغًا كبيرًا في الساحة الإعلامية آنذاك. حتي دفعت مؤسسات أخري لإصدار صحف مسائية مثل الأهرام المسائي والأخبار المسائي".
ويتابع: "رغم توقف الإصدار الورقي. فإن المساء ما زالت تؤدي دورها المتميز عبر منصتها الإلكترونية وإصدار الـPDF. وأتمني أن تعود إلي الصدور الورقي كما فعلت كبريات الصحف العالمية بعد فترات توقف".
هويدا مصطفي: "المساء" منبر وطني ومرآة المجتمع
تؤكد الدكتورة هويدا مصطفي. عميد كلية الإعلام بجامعة القاهرة سابقًا. أن "المساء" كانت منذ عددها الأول في خمسينيات القرن الماضي "علامة فارقة في مسيرة الصحافة المصرية".
وتقول: "ليست مجرد صحيفة مسائية. بل وسيلة إعلامية وطنية عبرت عن هموم المواطن واحتياجاته ونقلت صوته. وكانت منبرًا للرأي المستنير".
وتشير إلي أن صدور الجريدة في توقيت متأخر من اليوم منحها ميزة التحليل والتعليق. مكملةً المشهد الإخباري الذي تبدأه الصحف الصباحية. كما لعبت دورًا محوريًا في دعم الصحافة الإقليمية عبر فتح الباب أمام الأقلام من المحافظات.
كما تميزت باهتمامها بالقضايا الاجتماعية والثقافية والرياضية. وباللغة القريبة من الناس التي جعلتها تحظي بجماهيرية واسعة خاصة بين الطبقات المتوسطة والعمالية.
حسن المستكاوي: "المساء" مدرسة صحفية.. صنعت أجيالاً
يروي الكاتب الصحفي الكبير حسن المستكاوي ذكرياته مع "المساء" قائلاً:
"لم تكن جريدة عادية. بل نافذة أري من خلالها الحياة.. ارتبطت بها منذ الصغر. وكانت دافعي الأول لحب الصحافة".
ويضيف: "بدأت علاقتي المهنية بها في منتصف السبعينيات من خلال جريدة الكورة والملاعب التابعة للمساء. وكان أستاذي الراحل حمدي النحاس رئيس التحرير. أجريت حوارات مع نجوم المجتمع. منها آخر حوار مع عبد الحليم حافظ".
ويؤكد أن "المساء" كانت في قمة الصحافة الرياضية بخفة ظلها وروحها المرحة التي أحبها القارئ البسيط. ويختم قائلاً:
"ستظل المساء جريدة تعبر عن مصر بكل تفاصيلها وملامحها.. ذاكرة هذا الوطن علي مر العصور".
"المساء".. صفحة من تاريخ مصر
منذ نشأتها. كانت "المساء" صوت الناس ولسان حال الوطن. واكبت تحولات السياسة والاقتصاد والثقافة والفنون والرياضة. وكتبت فصولًا من ذاكرة المصريين. واليوم. وهي تحتفل بعددها الـ 25 ألف. تواصل أداء رسالتها في زمن التحول الرقمي. محتفظةً بروحها الأصيلة.. روح "الصحافة التي لا تشيخ".
اترك تعليق