هيرمس
    مصر
  • 29℃ القاهرة, مصر

رئيس مجلس الإدارة

طارق لطفى

رئيس التحرير

أحمد سليمان

انكشاف العورة أثناء السجود".. دار الإفتاء توضح شروط الستر

العورة في اللغة لها عدة معانٍ؛ منها: السوءةُ وكلُّ أمرٍ يُستَحيَا منه. وعورة الرجل هي ما بين السُّرَّة والرُّكْبة عند جمهور الفقهاء على تفصيلٍ بينهم في ذلك؛ لِـمَا رواه الحارث في "مسنده" من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله تعالى عنه أنَّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: "عَوْرَةُ الرَّجُلِ مِنْ سُرَّتِهِ إِلَى رُكْبَتِهِ".


 

ونشرت دار الإفتاء فتوى عبر موقعها الرسمي على الانترنت جاء فيها: "ما حكم انكشاف بعض العورة في الصلاة عند الرجال؟ حيث يلاحظ عند حضور صلاة الجماعة والجمعة انكشاف بعض الظهر عند بعض الـمُصلِّين، وبعض الناس يرتدون بناطيل يَظْهَر منها جزءٌ من الأليتين أثناء السجود؛ فهل صلاتهم صحيحة؟ وماذا لو سارع الـمُصَلِّي بجذب التيشيرت أو البنطال ليُغَطِّي ما انكشف منه؟"

وأوضحت دار الإفتاء أن الفقهاء اختلفوا في حكم ظهور جزءٍ من العورة؛ فذَهَب الحنفية إلى أنَّه لو ظَهَر من الـمُصَلِّي ربع العضو في غير العورة الـمُغَلَّظة صَحَّت صلاته، وإن زاد الجزء الظاهر عن الربع لم تصح صلاته، أمَّا العورة الـمُغَلَّظة -وهما السوأتان-؛ فإذا ظَهَر منهما قَدْرُ درهمٍ بَطَلَت صلاته، وإن كان أقل من ذلك لم تَبْطُل، وهذا رأي الإمامين أبي حنيفة ومحمد.

وقال القاضي أبو يوسف: لو ظهر نصف العضو صحت صلاته، وإن زاد على ذلك لم تصح؛ قال الإمام الزبيدي في "الجوهرة النيرة" (1/ 46): [وقليلُ انكشافِ العورةِ لا يَمْنَعُ -صحةَ- الصلاة، وكثيرُها يَمْنَعُ. وَحَدُّ المانع ربع عضوٍ فما زاد عند أبي حنيفة ومحمد، فإن انكشف أقلُّ من الربع لا يمنع. وكذا إذا كان في أعضاءٍ متفرقة؛ فإن كان ذلك كله لو جُمع يبلغ ربع عضوٍ مَنَعَ -أي صحة الصلاة-، وإن كان أقل لا يَمْنَعُ. وعند أبي يوسف: المانعُ النصفُ فما زاد، فإن كان أقل من النصف لا يَمْنَعُ] اهـ.
 

وذهب المالكية إلى أن الرجل إذا ظهر شيءٌ من عورته الـمُغَلَّظة وهي القُبُل والدُّبُر؛ وجب عليه إعادة الصلاة، ولا تَسْقُط عنه ولو خرج وقتها، وإذا ظهر الأليتان أو جزءٌ منهما أعاد الصلاة ما لم يخرج وقتها، فإذا خرج الوقت فلا إعادة عليه، أما إذا ظهر غير ذلك فلا إعادة عليه.
 

وذهب الحنابلة إلى عدم بطلان الصلاة عند انكشاف جزءٍ يسيرٍ من العورة بلا قصد، وحَدَّدوا اليسير بالذي لا يَفْحُش في النَّظَر عُرْفًا، والفُحْش يختلف بحسب الشيء الـمُنْكَشِف؛ واستدلُّوا بما رواه عمرو بن سَلِمة رضي الله عنه قال: كُنَّا بِحَاضِرٍ يَمُرُّ بِنَا النَّاسُ إِذَا أَتَوْا النَّبِيَّ صلى الله عليه وآله وسلم فَكَانُوا إِذَا رَجَعُوا مَرُّوا بِنَا فَأَخْبَرُونَا أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم قَالَ: «كَذَا وَكَذَا»، وَكُنْتُ غُلَامًا حَافِظًا فَحَفِظْتُ مِنْ ذَلِكَ قُرْآنًا كَثِيرًا، فَانْطَلَقَ أَبِي وَافِدًا إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم فِي نَفَرٍ مِنْ قَوْمِهِ فَعَلَّمَهُمُ الصَّلَاةَ، فَقَالَ: «يَؤُمُّكُمْ أَقْرَؤُكُمْ»، وَكُنْتُ أَقْرَأَهُمْ لِمَا كُنْتُ أَحْفَظُ، فَقَدَّمُونِي فَكُنْتُ أَؤُمُّهُمْ وَعَلَيَّ بُرْدَةٌ لِي صَغِيرَةٌ صَفْرَاءُ فَكُنْتُ إِذَا سَجَدْتُ تَكَشَّفَتْ عَنِّي، فَقَالَتِ امْرَأَةٌ مِنَ النِّسَاءِ: وَارُوا عَنَّا عَوْرَةَ قَارِئِكُمْ، فَاشْتَرَوْا لِي قَمِيصًا عُمَانِيًّا فَمَا فَرِحْتُ بِشَيْءٍ بَعْدَ الْإِسْلَامِ فَرَحِي بِهِ، فَكُنْتُ أَؤُمُّهُمْ وَأَنَا ابْنُ سَبْعِ سِنِينَ أَوْ ثَمَانِ سِنِينَ. أخرجه البخاري في "صحيحه"، والنسائي في "السنن الكبرى"، وأبو داود في "السنن" واللفظ له، وزاد في روايةِ النُّفيليِّ قولَ عمرو بن سلمة رضي الله عنه: "فَكُنْتُ أَؤُمُّهُمْ فِي بُرْدَةٍ مُوَصَّلَةٍ فِيهَا فَتْقٌ، فَكُنْتُ إِذَا سَجَدْتُ خَرَجَتِ اسْتِي".
 

بناءً على ما سبق وفي واقعة السؤالِ: فيجب على المسلم أَنْ يُراعِيَ سَتْر عورته في الصلاة مستحضرًا وقوفه بين يدي الله عز وجل متأدبًا في حضرته، فإن حدث الانكشاف اليسير لبعضِ الظهر أو الأليتين أثناء الصلاة فلا تَبْطُل إذا كان ناسيًا أو غير متعمِّدٍ ولا مُفرِّطٍ في ستر عورته، أو سارَعَ بجذب ثيابه لستر ما انكشف منها، ويستحب له إعادة الصلاة خروجًا من الخلاف. وتهيب دار الإفتاء المصرية بالأئمة والعلماء ضرورة تنبيه المصلين على هذا الأمر الذي يَغْفُل عنه كثيرٌ من الناس في هذه الأيام.


والله سبحانه وتعالى أعلم.





تابع بوابة الجمهورية اون لاين علي

تابع بوابة الجمهورية اون لاين علي جوجل نيوز جوجل نيوز

يمكنك مشاركة الخبر علي صفحات التواصل

اترك تعليق