في مِثْلِ هذا اليومِ –السَّابعِ والعشرين منْ ينايرَ عامَ 2022م، المُوافِقِ الرَّابعَ والعشرِينَ منْ جُمادَى الآخرةِ سنةَ 1443هـ- تُوفِّيَ الأستاذُ الدُّكتور عبد الرحمن عبد النبي علي العدوي، عُضوُ هيئةِ كبارِ العُلماءِ وعُضوُ مجمعِ البُحوثِ الإسلاميَّةِ.
وُلِدَ فضيلتُه في الخامسَ عَشَرَ منْ رمضانَ سنةَ 1341هـ، المُوافِقِ الأوَّلَ منْ مايو عامَ 1923م، في مدينةِ طنطا، التَّابعةِ لمُحافَظةِ الغربيَّةِ.
نَشَأَ فضيلتُه نشأةً دينيَّةً، فحفظَ القرآنَ الكريمَ، وتعلَّمَ مبادئَ القراءةِ والكتابةِ، ثمَّ التحقَ بمعهدِ طنطا الدِّينيِّ عامَ 1933م، ودَرَسَ فيه أربعَ سنواتٍ حتَّى حصلَ منْه على شهادةِ الابتدائيَّةِ عامَ 1937م، ثمَّ حصلَ على شهادةِ الثَّانويَّةِ الأزهريَّةِ مِنَ المعهدِ نفسِه عامَ 1942م، سافرَ بعدَها إلى القاهرةِ ليلتحقَ بكلِّيَّةِ الشَّريعةِ حتَّى حصلَ على العاليةِ عامَ 1946م، وبعدَها بعامَيْنِ حصلَ فضيلتُه على إجازةِ التَّدريسِ، ثمَّ نجحَ في مُسابقةِ التَّعيينِ بالأزهرِ، وكانَ أوَّلَ شعبةَ الفقهِ والأصولِ.
انتقلَ فضيلةُ الأستاذِ الدُّكتور عبد الرحمن العدوي للحياةِ العمليَّةِ الَّتي بدأَها بالتَّدريسِ في المعاهدِ الأزهريَّةِ عامَ 1948م، ثمَّ يُسافرُ فضيلتُه إلى المملكةِ العربيَّةِ السعوديَّةِ؛ ليعملَ بالتَّدريسِ في معاهدِها العلميَّةِ منْ عامَ 1953م، إلى عامِ 1958م، وحينَما عادَ إلى مصرَ أصبحَ رئيسًا لقِسمِ بعوثِ العلماءِ إلى إفريقيا منْ عامِ 1958م، إلى عامِ 1960م، ثمَّ يُنقَلُ مديرًا لمكتبِ مديرِ جامعةِ الأزهرِ منْ عامِ 1961م، إلى عامِ 1963م، وبعدَها يُعيَّنُ مُديرًا عامًّا للمساجدِ بوزارةِ الأوقافِ منْ عامِ 1963م، إلى عامِ 1964م، وبعدَها يعملُ مُراقِبًا عامًّا لكُلِّيَّةِ التِّجارةِ منْ عامِ 1964م، إلى عامِ 1969م، ثمَّ مُديرًا عامًّا لشئونِ الطُّلَّابِ بجامعةِ الأزهرِ منْ عامِ 1969م - 1974م.
هذا، وقدِ استمرَّ فضيلتُه في طلبِ العلمِ إلى جانبِ عملِه حتَّى حصلَ على الماجستير عامَ 1970م، ثمَّ حصلَ على الدُّكتوراه معَ مرتبةِ الشَّرفِ الأولى عامَ 1978م.
عُيِّنَ فضيلتُه أمينًا عامًّا مُساعِدًا بجامعةِ الأزهرِ منْ عامِ 1974م، إلى عامِ 1983م، ثمَّ نُدِبَ مُستشارًا للجامعةِ الإسلاميَّةِ بالمملكةِ العربيَّةِ السُّعوديَّةِ منْ عامِ 1977م، إلى عامِ 1985م، ثمَّ عُيِّنَ أستاذًا بالدِّراساتِ العُليا معَ عملِه مُستشارًا بالجامعةِ الإسلاميَّةِ، وحينَما عادَ إلى مِصرَ عُيِّنَ أستاذًا غيرَ مُتفرِّغٍ بكُلِّيَّةِ الدَّعوةِ بجامعةِ الأزهرِ حتَّى وفاتِه.
وقدْ كانَ فضيلةُ الأستاذِ الدُّكتور عبد الرحمن العدوي عُضوًا في كثيرٍ مِنَ الهيئاتِ العلميَّةِ والوطنيَّةِ، فكانَ عضوَ المجلسِ الأعلى للشُّئونِ الإسلاميَّةِ بمصرَ منذُ عامِ 1986م، كما اختِيرَ فضيلتُه عُضوًا بمجمعِ البُحوثِ الإسلاميَّةِ بالأزهرِ عامَ 1992م، واختِير رئيسًا لموسوعةِ الفقهِ الإسلاميِّ بالمجلسِ الأعلى للشُّئونِ الإسلاميَّةِ عامَ 1997م، وكانَ عُضوَ مجلسِ جامعةِ الأزهرِ عامَ 1999م، كما عُيِّنَ عضوًا بمجلسِ الشَّعبِ المِصريِّ منْ عامِ 2000 إلى عامِ 2005م.
وتقديرًا لمكانةِ فضيلةِ الأستاذِ الدُّكتور عبد الرحمن العدوي اختارَه الإمامُ الأكبرُ الأستاذُ الدُّكتور أحمد الطيب شيخُ الأزهرِ الشَّريفِ؛ ليكونَ واحدًا مِنَ الأعضاءِ المُؤسِّسين لهيئةِ كبارِ العُلماءِ بعدَ عودتِها مرَّةً أُخرَى، وذلك بناءً على قرارِ رئيسِ الجمهوريَّةِ رَقْمِ (24) الصَّادرِ في السَّابعِ والعشرين منْ شعبانَ سنةَ 1433هـ، المُوافِقِ السَّابعَ عَشَرَ منْ يوليو 2012م، وقدْ كانَ لفضيلتِه جهدٌ مشكورٌ في كلِّ المسائلِ الفقهيَّةِ الَّتي ناقشَتْها هيئةُ كبارِ العُلماءِ، وكذلك في الموضوعاتِ الَّتي تناولَتْها الهيئةُ بالبحثِ والدِّراسةِ.
وقدْ أثرَى فضيلةُ الأستاذِ الدُّكتور عبد الرحمن العدوي المكتبةَ الإسلاميَّةَ بكثيرٍ مِنَ المُؤلَّفاتِ القيِّمةِ، ومنْها: «التَّفسيرُ اليسيرُ: جزءُ عمَّ»، «زادُ المُستفيدِ: تفسيرُ سورةِ النِّساءِ»، «المُفيدُ في الفقهِ الإسلاميِّ» في أربعةِ أجزاءٍ، «الوسيطُ في الفقهِ الإسلاميِّ» في خمسةِ أجزاءٍ، «الفقهُ الاجتهاديُّ وأئمَّتُه الأعلامُ»، «الدَّعوةُ والدَّاعيةُ»، «الأُسوةُ الحسنةُ»، «مواقفُ إسلاميَّةٌ»، «الفتاوي» في أربعةِ أجزاءٍ، «رياضُ المعرفةِ»، «زادُ الخطيبِ»، «قضايا مُعاصِرةٌ»، «فكرُ المُسلِمِ المُعاصرِ» بالاشتراكِ، «نقلُ الأعضاءِ مِنَ الحيِّ والميِّتِ»، «حياةُ عالمٍ وتاريخُ أمَّةٍ».
كما كانَ لفضيلتِه مئاتُ الأحاديثِ الدِّينيَّةِ للإذاعةِ والتِّليفزيونِ المِصريِّ والسُّعوديِّ، ومنْها: فتاوى وأحكامُ برنامجِ «بريدُ الإسلامِ» بإذاعةِ القرآنِ الكريمِ لمدَّةِ عشْرِ سنواتٍ، فتاوى على الهواءِ مُباشرةً لقناةِ «اقرأ» الفضائيَّةِ، أحاديثُ تليفزيونيَّةٌ في برنامجِ «قضايا مُعاصِرةٌ»، و«المجلَّةُ الإسلاميَّةُ»، و«منْ بُيُوتِ اللهِ»، وغيرُها.
وأيضًا لفضيلتِه مئاتُ المقالاتِ في الصُّحفِ المِصريَّةِ والمجلَّاتِ الإسلاميَّةِ، ومنْها: مجلَّةُ «منبرُ الإسلامِ»، ومجلَّةُ «الأزهرُ»، وجريدةُ «صوتُ الأزهرِ»، و«عقيدتي»، و«اللِّواءُ الإسلاميُّ».
إضافةً إلى البحوثِ العلميَّةِ لمَجْمَعِ البحوثِ الإسلاميَّةِ، وعشراتِ التَّقاريرِ عنِ الكُتُبِ والأشرطةِ والرِّواياتِ الَّتي تتعرَّضُ للجانبِ الدِّيني الَّتي كانَ مَجْمَعُ البُحوثِ الإسلاميَّةِ يُحيلُها إلي فضيلتِه.
وقدْ شاركَ فضيلتُه في كثيرٍ مِنَ المُؤتمراتِ العِلميَّةِ خارجَ مصرَ، ومنْها: مُؤتَمَرُ القبولِ والتَّسجيلِ للجامعاتِ بالرِّياضِ عامَ 1968، ومُؤتَمَر التَّضامنِ الإسلاميِّ بالمدينةِ المُنوَّرةِ عامَ 1983م، ومُؤتمَرُ السَّلامِ في الإسلامِ بالعراقِ عامَ 1989م.
كما امتدَّ عطاءُ فضيلةِ الأستاذِ الدكتور عبد الرحمن العدوي إلى النَّشاطِ الاجتماعيِّ، فقدْ كانَ فضيلتُه رئيسَ جمعيَّةِ دارِ الأرقمِ الخيريَّةِ الإسلاميَّةِ بمدينةِ نصرٍ، وعُضوَ اللَّجنةِ الدِّينيَّةِ بالإذاعةِ والتِّليفزيونِ، وعُضوَ المجلسِ الأعلى لجمعيَّاتِ الشُّبَّانِ المُسلمين العالميَّةِ بمِصرَ.
وبعدَ قرنٍ مِنَ الزَّمانِ قضاه الأستاذُ الدُّكتور عبد الرحمن العدوي حاملًا رسالةَ الإسلامِ، مُدافعًا عنْها، وافَتْه المنيَّةُ في يومِ الخميسِ الرَّابعِ والعشرِينَ منْ جُمادَى الآخرةِ سنةَ 1443هـ، المُوافِقِ السَّابعَ والعِشرِينَ منْ ينايرَ 2022م.
رَحِمَه اللهُ رحمةً واسعةً، وأنزلَه منازلَ الأبرارِ
اترك تعليق