نخصص تلك المساحة لبعض الكلمات التى تتحرر فيها من الاحكام الشرعية والفتاوى الفقهية لنجعلها رشفة تختلط بوجدان القلب فتسمو بها النفس وتعلو بها الهمم وترتقى بمعانيها المشاعر
ومن جميل ما قرأنا
مفاهيم مغلوطة
من المفاهيم المغلوطة عند بعض الناس من يحسب أن من سنن الصلاة أن يفرق بين قدميه حتى يلصق قدمه بقدم من بجانبه في الصف وانطلاقا من فهمه هذا تجده يسخر من العلماء والمشايخ الذين لا يفعلون ذلك ويتهمهم بمخالفة السنة وهذا فهم مخطئ بل هو من الغلو في الدين.
جاء في نقل الزرقاني عن صاحب الطراز: تفريق القدمين أي توسيعهما على خلاف المعتاد قلة وقار أي فيكره كإقرانهما وإلصاقهما زيادة تنطع فيكره
وفي نقل الحطاب عن عياض: تَفْرِيقُ الْقَدَمَيْنِ مِنْ عَيْبِ الصَّلَاةِ... وَكَذَلِكَ أَنْ يَجْعَلَ التَّفْرِيقَ مِنْ سُنَّتِهَا وَأَنَّ الْأَمْرَ مُوَسَّعٌ يَفْعَلُ مِنْ ذَلِكَ مَا يَسْهُلُ عَلَيْهِ فِي الصَّلَاةِ، وَلَا يَجْعَلُ مِنْ ذَلِكَ سُنَّةً، وَلَا يَلْتَزِمُ حَالَةً وَاحِدَة
فمذهب الإمام مالك في المسألة أن التفريق بين القدمين في الصلاة فضيلة، وصفته أن يكون بحالة متوسطة من غير أن يلتزم في ذلك قدرا معينا بحيث يداوم عليه في سائر صلاته أما تفريقهما تفريقا فاحشا فمكروه وغلو في الدين.
ولا تختلف المذاهب الثلاثة الأخرى عن مذهب مالك، إلا أن منهم من حدد التفريق بين القدمين بقدر شبر ومنهم من حدده بأربع أصابع.
أما إلصاق القدم بالقدم فلم ينص أحد من الفقهاء على أنه من سنن الصلاة أو فضائلها بل هو أمر معيب مفض إلى الوقوع في المكروه من التفريق الفاحش بين القدمين.
وربما نشأ هذا الوهم من الوقوف عند ظاهر حديث أنس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
"أَقِيمُوا صُفُوفَكُمْ وَتَرَاصُّوا، فَإِنِّي أَرَاكُمْ مِنْ وَرَاءِ ظَهْرِي فَلَقَدْ كُنْتُ أَرَى الرَّجُلَ مِنَّا يَلْزَقُ مَنْكِبَهُ بِمَنْكِبِ أَخِيهِ وَقَدَمَهُ بِرُكْبَتَهُ فِي الصَّلَاةِ رواه البخاري
وقد حمل السادة الفقهاء هذا الحديث على المبالغة في تسوية الصفوف حين الإقامة بأن تكون أقدام جميع المأمومين متحاذية في الصف أي على خط واحد، وليس المراد به تلاصق الأقدام حقيقة.
قال شيخ الإسلام ابن حجر في توجيهه:الْمُرَاد إِقَامَة الصَّفِّ وَتَسْوِيَتِهِ، وَزَادَ مَعْمَرٌ فِي رِوَايَتِهِ: وَلَوْ فَعَلْتُ ذَلِكَ بِأَحَدِهِمُ الْيَوْمَ لَنَفَرَ كَأَنَّهُ بغل شموس
يعني أنه ليس محمولا على ظاهره من إلصاق القدم بالقدم حقيقة وأن أنسا راوي الحديث لم يكن يفعل ذلك، بدليل ما جاء في رواية معمر: "لَوْ فَعَلْتُ ذَلِكَ بِأَحَدِهِمُ الْيَوْمَ لَنَفَرَ"هـ
ولو علم أنه من سنن الصلاة لما تركه.
اترك تعليق