تصدرت الملفات الجدية التجارة والأمن الدولي قمة المحادثات،طاولة المفاوضات بين الرئيس الأميركي دونالد ترامب ورئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر في مقر تشيكرز الريفي لمراسم الملكية والاحتفالات في قلعة وندسور
وبحسب ما ذكرته صحيفة "واشنطن بوست"،ايضا بأن القمة كانت تأتي في أعقاب إعلان استثمارات أميركية غير مسبوقة بقيمة 150 مليار جنيه إسترليني (205 مليارات دولار) في بريطانيا، تشمل قطاعات التكنولوجيا والطاقة والعلوم الحيوية. لكن، خلف هذه الأرقام المبهرة، تبرز قضايا شائكة تهدد بتقويض ما يُعرف بـ"العلاقة الخاصة" بين لندن وواشنطن.
مفاوضات التجارة ورسوم المعادن
ورغم أن بريطانيا كانت أول دولة تُعفى من "رسوم يوم التحرير" التي فرضها ترامب على حلفائه، إلا أن رسوم الـ25% على الصلب والألومنيوم ما تزال قائمة.
وسيحاول ستارمر إقناع واشنطن بأن الاستثمارات الأميركية الأخيرة – مثل التزام مايكروسوفت بـ30 مليار جنيه في مشاريع الذكاء الاصطناعي والطاقة، وخطط بلاكستون لمشاريع بـ90 ملياراً – دليل على أن بريطانيا شريك لا غنى عنه.
لكن من غير المتوقع أن يتراجع ترامب بسهولة، إذ يرى في حماية الصناعات الأميركية ورقة رابحة في الداخل.
حرب أوكرانيا وضغط على روسيا
وتصدر ملف أوكرانيا وروسيا الجانب الأمني من المحادثات،
وفي هذا سياق يسعى ستارمر إلى تعزيز وحدة الموقف الغربي، فحين أن ترامب يواجه اتهامات بالتردد.
صحيح أنه وصف روسيا بأنها "المعتدي"، ما طمأن الأوروبيين نسبياً، لكنه يربط أي خطوات أميركية إضافية ضد موسكو بوقف أوروبا شراء النفط الروسي.
هذا الموقف يضع لندن أمام تحدي الموازنة بين دعم كييف وتفادي انقسام الصف الأوروبي.
غزة والاعتراف بالدولة الفلسطينية
وكانت حل القضية الفلسطينية من الملفات الأكثر حساسية،و تعهّد ستارمر الاعتراف بالدولة الفلسطينية، وهو ما يتعرض لضغوط داخلية متزايدة لتنفيذه، خاصة مع تصاعد أعداد الضحايا وتدهور الأوضاع الإنسانية في غزة.
وحذر ترامب من أن هذه الخطوة قد تعني "مكافأة حماس"، ورغم إبدائه تسامحاً تجاه اتخاذ بريطانيا موقفاً مستقلاً، إلا أنه لا يدعمه. أي تباين علني بين واشنطن ولندن في هذا الملف قد يترك أثره على العلاقة الخاصة.
مستقبل حلف الناتو
وظل التحالف الأطلسي عقدة أخرى، فبينما يؤكد ستارمر تمسكه بتقوية الحلف كـ"ركيزة أمنية لأوروبا"، يواصل ترامب انتقاداته، بل وتهديده بالانسحاب إذا لم ترفع الدول الأوروبية إنفاقها الدفاعي.
وبالرغم من ذلك، حاول ستارمر إقناع واشنطن بأن بريطانيا قادرة على إبقاء أميركا منخرطة في الدفاع عن أوروبا، غير أن مجرد إثارة سيناريو الانسحاب قد يثير قلق الحلفاء.
مواقف الداخل البريطاني: بين الترحيب والانتقاد
داخل بريطانيا، تنقسم الآراء بشأن زيارة ترامب.
وشهد الشارع البريطاني شهدت لندن العديد من تظاهرات محدودة رفع المشاركون فيها شعارات ضد "الحروب الأميركية" ونددوا بما وصفوه بـ"المجاملة المفرطة" لترامب على حساب القضايا الإنسانية في غزة.
وكان أيضاً يوجد العديد من الإضطرابات الأمنية والمظاهرات المؤيدة والمعارضة فور وصول ترامب ، وقد أشارت الصحف الأمريكية أن غالبيتهم من رجال الأعمال والمؤسسات الاقتصادية، يرون في الاستثمارات الأميركية الضخمة فرصة لتعزيز النمو بعد "بريكست"، ويعتبرونها دليلاً على قوة الشراكة مع واشنطن.
وهناك أيضاً معارضون، وخصوصاً في صفوف اليسار وحركات السلام، يحذرون من أن الاعتماد المفرط على ترامب قد يضعف استقلالية القرار البريطاني ويقحم لندن في سياسات أميركية مثيرة للجدل، مثل نهج التصعيد ضد الصين أو التراخي في مواجهة روسيا.
ومن زاوية أخرى هناك حزب المحافظين المعارض يهاجم ستارمر متهماً إياه بـ"المبالغة في الرهان على ترامب" على حساب توسيع الشراكات الأوروبية.
علاقة بين المكاسب والمخاطر
عكست قمة تشيكرز مزيجاً من الفرص والتحديات، عكست استثمارات أميركية هائلة تقوي صورة العلاقة الخاصة، لكن مقابلها ملفات شائكة، رسوم تجارية عالقة، غموض بشأن أوكرانيا، خلاف حول غزة، قلق من مصير الناتو، وصراع محتمل مع الصين.
وراهن ستارمر على انتزاع تنازلات دون خسارة دعم واشنطن، فيما يسعى ترامب إلى إظهار أن ولايته الثانية تمنحه ثقلاً دولياً جديداً. وبين الموكب الملكي والولائم الرسمية، سيكون الحكم الحقيقي على القمة في قدرة الزعيمين على تحويل الاستعراض إلى نتائج ملموسة.
اترك تعليق