هيرمس
    مصر
  • 29℃ القاهرة, مصر

رئيس مجلس الإدارة

طارق لطفى

رئيس التحرير

أحمد سليمان

ما حكم اختراق الهواتف وأجهزة الحاسوب الخاصة؟... دار الإفتاء تجيب 

كَثُر في الفترة السابقة ظهور ما يسمى بقراصنة الهواتف وأجهزة الحاسوب (هاكر)، وهم: الذين يقومون باستغلال معرفتهم لتكنولوجيا المعلومات في اختراق الهواتف الشخصية، وأجهزة الحاسوب الخاصة، وقد ترتب على ذلك ظهور الكثير من المشكلات الاجتماعية، والنفسية، التي ترتبت على إفشاء الأسرار الخاصة الموجودة على تلك الأجهزة الخاصة، فما حكم هذا الفعل؟


أجاب الدكتور / شوقي علام مفتي الجمهورية كالتالي: حافظت الشريعة الإسلامية الغراء على الخصوصية الشخصية لأفراد المجتمع، وكفلت لهم حقوقهم؛ فنهت عن التدخل في شأن أحد دون موافقته أو إذنه؛ قال تعالى: ﴿وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤادَ كُلُّ أُولئِكَ كانَ عَنْهُ مَسْؤُولًا﴾ [الإسراء: 36].

وفضح عورات الناس، وكشف أسرارهم الخاصة: هو من الأمور المحرَّمة شرعًا، والمجرَّمة قانونًا، بل هو من كبائر الذنوب، وقبائح العيوب؛ لما يترتب عليه من أضرار شخصية، وأحقاد نفسية، ومشكلات اجتماعية، يسببها هؤلاء المتطفلون (ويسمون بالهكرز "Hackers")، فضلًا عما يترتب على نشر هذه الخصوصيات، وما يتركه من آثار نفسية سيئة ومآلات اجتماعية وخيمة يصعب احتوائها؛ نتيجة لمعرفة الناس بما تحتويه هذه الملفات وما تنطوي عليه من أسرار خاصة حجبها أصحابها لخصوصيتها.

فالله تعالى أمر عباده بالستر على أنفسهم وعلى غيرهم، وحفظ أسرارهم، والستر يشمل كل ما يسعى صاحبه لستره عن الناس؛ فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «مَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا سَتَرَهُ اللهُ يَوْمَ القِيَامَةِ» متفق عليه.

وقد نهى النبي صلى الله عليه وآله وسلم عن تتبع عورات المسلمين، وبيَّن أن العقوبة على فاعل ذلك مغلَّظةٌ؛ تنبيهًا على كِبر هذا الجرم وفداحته؛ فتوعد من يقوم بذلك بأن وبال فعله سيرجع عليه، وأنه كما فضح غيرَه سيفضحُه غيرُه، وأن ذلك سيصل إليه ولو في قعر داره؛ فعن أبي برزة الأسلميّ رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «يَا مَعْشَرَ مَنْ آمَنَ بِلِسَانِهِ وَلَمْ يَدْخُلِ الْإِيمَانُ قَلْبَهُ! لَا تَغْتَابُوا الْمُسْلِمِينَ وَلَا تَتَّبِعُوا عَوْرَاتِهِمْ؛ فَإِنَّهُ مَنْ يَتَّبِعْ عَوْرَاتِهِمْ يَتَّبِعِ اللهُ عَوْرَتَهُ، وَمَنْ يَتَّبِعِ اللهُ عَوْرَتَهُ يَفْضَحْهُ فِي بَيْتِهِ» أخرجه الإمام أحمد وأبو يعلى في "المسند"، والترمذي في "السنن" وحسنه، والبيهقي في "شعب الإيمان".
والتصنت على الهواتف والحواسب الخاصة ومعرفة ما تحتويه من معلومات شخصية هو بمثابة دخول البيوت بغير إذن أصحابها؛ فالمنازل ساترة لعورات أهلها، وحرَّم الشرع على غيرهم دخولها وتتبع من فيها ولو بالنظر بغير إذنهم؛ فقال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَا﴾ [النور: 27].

وبناءً على ذلك: فإن اختراق الهواتف وأجهزة الحاسوب الخاصة، أمرٌ محرَّمٌ شرعًا ومجرَّمٌ قانونًا؛ لما فيه من الاعتداء على الحقوق الخاصة والإضرار بالغير وانتهاك الخصوصية، ويستثنى من ذلك ما تَعَيَّن الاطلاع عليه للضرورة التي تدفع الضرر الخاص أو العام؛ طبقًا لما تحدده جهةُ الإدارةِ المخوَّلةُ بذلك قانونًا.

والله سبحانه وتعالى أعلم.

لمزيد من التفاصيل يمكن الرجوع الى الفتوى المنشورة تحت رقم مسلسل 5058    بتاريخ 27/09/2020 على الموقع الرسمي لدار الإفتاء المصرية على الانترنت.





تابع بوابة الجمهورية اون لاين علي

تابع بوابة الجمهورية اون لاين علي جوجل نيوز جوجل نيوز

يمكنك مشاركة الخبر علي صفحات التواصل

اترك تعليق