إهداء ثواب العبادات جائز في النوافل فقط
تجسيد الأنبياء والصحابة في الأعمال الدرامية لا يجوز.. ومشاهدتهم حرام
الله سبحانه يتباهي بعباده الصالحين أمام الملائكة رحمة بهم
القراءة من المصحف أثناء الصلاة .. مكروهة في الفرض وجائزة في النافلة
يجب الابتعاد عن أصدقاء السوء مع إسداء النصح لهم من بعيد
ترد إلي دار الإفتاء يوميا آلاف الفتاوي سواء علي موقعها الإلكتروني أو بصفحتها علي فيس بوك ويجيب عليها د. عويضة عثمان أمين الفتوي بالدار
* لم أفعل ذنبا في حياتي فلماذا لا يستجيب الله لي؟
** كون الإنسان لم يفعل ذنبًا في حياته نعمة عظيمة بحد ذاتها. تستوجب الفرح والشكر. وقد ورد عن أيوب السختياني - أحد كبار الصالحين - إذ قال أحد تلامذته: "صحبت أيوب عشرين عامًا فما علمت أن الملائكة كتبت عليه سيئة واحدة".
وحفظ اللسان. وغض البصر. وأكل الحلال. وأداء حق الله - كلها نعم جليلة قد تكون أعظم من قضاء حاجة دنيوية. أما عدم استجابة الدعاء فليس دليلًا علي الغضب أو البعد عن الله. بل قد يكون نوعًا من الابتلاء أو ادخارًا للثواب والأجر. لأن الله قد يمنع عن عبده أمرًا دنيويًا لحكمة. أو ليعوضه بما هو خير وأبقي.
والدعاء له أربع حالات: قد يُستجاب بنفس ما دعا به العبد. أو يُستجاب له بخيري آخر. أو يُرفع به بلاء. أو يُدَّخر ثوابه للآخرة. وهذه الأخيرة قد تكون أعظمها أجرًا» لأن الله يُفرح عبده يوم القيامة بثواب ما أحزنه في الدنيا بعدم القبول.
ومن أنار الله بصيرته يري الخير في كل حال. فـ"عدم الاستجابة الظاهرة ليست حرمانًا. بل عطاء في صورة أخري". وأدعو الناس إلي شكر الله علي حفظهم من الذنوب. والنظر إلي المنع باعتباره وجهًا آخر من الرحمة الإلهية.
* ما حكم إهداء ثواب العبادات للوالدين أو لمن يحب الإنسان من الأحياء أو الأموات. وهل يجوز ذلك في الفرائض أم في النوافل فقط؟
** إهداء ثواب العبادات جائز في النوافل دون الفرائض. فيجوز للإنسان أن يهدي ثواب صلاة النافلة أو صيام التطوع أو الصدقة أو قيام الليل لوالده أو والدته أو لمن يشاء.
والعلماء قاسوا ذلك علي الصدقات والطاعات عمومًا. وقالوا إن هبة الثواب جائزة. ومن الأفضل أن يقول العبد بعد أداء عبادته: "اللهم إني أهب مثل ثواب ما صليت لأبي" أو "اللهم إني أهب مثل ثواب ما صمت لأمي". لأن في ذلك جمعًا للخيرين. فينال هو الثواب كما يناله من أهدي له.
والأمر في ذلك واسع ورحمة الله أوسع. فالإهداء بهذه النية لا يُنقص من أجر الفاعل شيئًا. بل يضاعف الله له الأجر إن شاء سبحانه.
* ما حكم تجسيد الأنبياء والصحابة في الأعمال الدرامية؟ وهل يجوز مشاهدة تلك الأعمال التي تتناول سيرهم وشخصياتهم؟
** تجسيد الأنبياء لا يجوز إطلاقًا. وقد وقع خلاف بين العلماء المعاصرين في مسألة تمثيل الصحابة أو محاكاتهم. وخاصة العشرة المبشرين بالجنة» فبعض العلماء أجاز ذلك. فيما رأي آخرون المنع.
والخلاف في تجسيد عموم الصحابة أوسع نسبيا عند بعض الفقهاء. والحرمة لا تقع علي المشاهد إذا لم يقصد المشاركة في المحظور. لكن مشاهدة الحرام حرام. ومن الأفضل للمسلم أن يتجنب متابعة الأعمال التي تتضمن تجسيدا للأنبياء. أما الأعمال التي تتناول محاكاة الصحابة دون تجسيد مباشر. فـ"ربما فيها سعة عند بعض أهل العلم".
* سمعت حديثا للنبي صلي الله عليه وسلم ورد فيه أن الملائكة تتعاقب في الفجر والعصر. وأن الله تعالي يسألهم عن عباده. فهل ربنا يحتاج أن يسألهم وهو يعلم كل شيء؟
** الله سبحانه وتعالي لا يسأل الملائكة عن عباده لحاجة إلي علم. فهو العليم الخبير بكل شيء. يعلم السر وأخفي. وإنما يكون سؤاله لحكمة إلهية بالغة. وهي إظهار فضل العباد المطيعين أمام الملائكة. وإشهادهم علي عبودية خلقي من البشر الذين يثبتون علي الطاعة رغم ما في الدنيا من شهوات وفتن.. وهذا السؤال الإلهي يحمل معني التباهي بعباده الصالحين. حيث يظهر الله تعالي طاعتهم للملائكة ليعلموا أن في الأرض من يعبده حق العبادة. رغم ما يواجهونه من مغريات الدنيا. فيكون ذلك موضع فخر وكرامة لهم عند الله.
والنبي صلي الله عليه وسلم أشار في أحاديث أخري إلي هذا المعني بقوله: إن الله يباهي ملائكته بأهل الذكر وأهل الطاعة, فالمقصود من السؤال ليس الاستفهام عن أمري خفي. وإنما بيان مكانة المطيعين وثوابهم. ورفع شأنهم عند الله عز وجل.
وهذه الحكمة الإلهية تعكس رحمة الله بعباده. وتشجع المؤمنين علي الثبات في العبادة والطاعة رغم الصعوبات. لأن الله تعالي يظهر إخلاصهم ويثني عليهم في الملأ الأعلي بقوله: انظروا إلي عبادي الذين يذكرونني ويخشونني بالغيب.
* هل تجوز القراءة من المصحف أثناء الصلاة؟
** بالنسبة للقراءة من المصحف أثناء صلاة الفرض. فإن الصلاة صحيحة في حال قرأ المصلي من المصحف. ولكن بعض العلماء كرهوا ذلك. لأن النظر في المصحف قد يُذهب بعض الخشوع. والصلاة مبناها علي التوجه والخشوع كما ورد في أحاديث النبي صلي الله عليه وسلم.
وهذا الأمر يُتوسع فيه في صلاة النافلة. حيث لا حرج في القراءة من المصحف. لما ورد عن النبي صلي الله عليه وسلم في قيام الليل. من ترديده وتسبيحه واستغفاره إذا مرّ بآيات تتعلق بذلك.
والأفضل في الفريضة أن يقرأ المسلم مما يحفظ. حتي وإن كرر سورة واحدة في كل ركعة. فذلك أولي وأقرب للخشوع. وخروجًا من خلاف العلماء الذين كرهوا القراءة من المصحف في الفرض. وإن كانت الصلاة صحيحة ولا تبطل بذلك.
* لي أصدقاء أعلم أنهم يسيرون في طريق غير مستقيم. لكني أحبهم ومتعلق بهم. فهل يجوز أن استمر معهم؟
** النبي- صلي الله عليه وسلم- أوصانا بقوله: "المرء علي دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل". فالصاحب يؤثر علي صاحبه مهما كان إيمانه قويًا. ولذلك يجب علي المسلم أن يتأني في اختيار أصدقائه.. وقول البعض: أنا من سيأخذ صديقي لطريق الخير. لا يضمن له السلامة. خاصة في مرحلة الشباب. فقد يضعف الإنسان وينجرف معهم فيما يفعلون من معاصي أو سلوكيات خاطئة.
والنصيحة لآدم ولأمثاله أن يبتعد عن أصدقاء السوء. مع بقاء النصح لهم من بعيد. كأن يتواصل معهم بين الحين والآخر لتذكيرهم بالله وبالأخلاق الحسنة. دون أن ينخرط في مجالستهم أو مشاركة أفعالهم.
وإذا تاب هؤلاء الأصدقاء وتركوا طريق الخطأ. حينها لا بأس من الرجوع لمصاحبتهم. لكن الأصل أن يحافظ الشاب علي دينه وخلقه. ويجاهد نفسه حتي لا يقع فيما حذر منه الشرع الشريف.
اترك تعليق