عذرا لتأخري في التهنئة بالمولد النبوي الشريف، لكن اللافت في الاحتفال به يعكس عظمة الشعب المصري في الاحتفاء به كما تعود علي مدار تاريخه ،حيث لا بد من شراء الحلوي وتبادل الزيارات العائلية "وكما نقول الموسم" علي الرغم ما يحيط به من تحديات وأزمات بمعني أنه رغم الأزمه الاقتصادية التي يمر بها معظمنا أو الغالبية إذا جاز التعبير إلا اننا لم نتوقف عن عاداتنا وطقوسنا في الاحتفال بالمولد النبوي الشريف ،والاستعداد للموسم الدراسي الجديد وما يحتاجه من التزامات مادية وغيرها ناهيك عن الظروف الإقليمية التي يمر بها سواء فيما يحدث بغزه والتصعيد المستمر دون توقف لهذه الازمه ،وما يتسرب في وسائل الاعلام المختلفة من خطط موضوعه لقطاع غزه تهدف في النهاية الي تهجير أبنائها مع اصرار القياده السياسية علي رؤيتها للملف والعمل بصبر، وحكمه متناهية "تقلق جميع المراقبين للملف "!وما يحدث في ملف السد الإثيوبي وليبيا والبحر الأحمر ولكن الشعب المصري مازال قادرا علي التعامل مع كلّ هذا وهو ما يعكس عظمته وقدراته علي التعامل مع كل ما يدور حوله ،ويستمتع بأيامه وحياته اليومية دون كلل ،ودون توقف .
…. ونأتي الي قمّه شنغهاي ،وكيف يري العالم نتائجها ؟ خاصة وأن الرئيسين الصيني والروسي سارا خطوات لتعميق التعاون في مجالات عدة، ومع توقيع نحو 20 وثيقة أساسية، بينها اتفاقات على مشروعات استراتيجية كبرى، بدا أن البلدين يسيران خطوات سريعة لتكريس الشراكة الاستراتيجية في عدد من المجالات، بينها الطاقة وإمدادات الغاز، وأعلنت شركة «غازبروم» الروسية توقيع اتفاقات استراتيجية مع «شركة البترول الوطنية الصينية» لزيادة إمدادات الغاز عبر أنابيب «قوة سيبيريا»، وربط الشبكة بأنبوب جديد ،وستجري زيادة الإمدادات عبر مسار «قوة سيبيريا»، (أنبوب غاز من روسيا إلى الصين)، من 38 ملياراً إلى 44 مليار متر مكعب من الغاز سنوياً.
كما اتفق الجانبان على تطوير التعاون في صناعة الطائرات ،و أن موسكو قد تنقل تقنيات لصناعة محركات الطائرات إلى الصين ،كما شملت الاتفاقات الجديدة لتوسيع التعاون مجالات عدة، بينها الطاقة والصناعات الفضائية والذكاء الاصطناعي والزراعة والتعليم والإعلام. أيضا إعلان الصندوق الروسي للاستثمارات المباشرة» عن إطلاق شراكة استراتيجية لدعم الأعمال الروسية في السوق الصينية، والأعمال الصينية في السوق الروسية.
ويؤكد المراقبين ان نتائج القمه أوضحت إمكانيه وجود نهج متعدد الأطراف ومشاورات متساوية، وفّرت للمجتمع الدولي نموذجاً جديداً للحكم يختلف عن منطق الهيمنة الغربية»،و إن «التفاعل المتساوي بين قادة روسيا والهند والصين، برز بوصفه عنصراً مناقضاً تماماً لنظام (مجموعة السبع)، الذي يهيمن عليه الغرب ولا يزال يحتفظ بوصمة التسلسل الهرمي».
ورأى بعضهم أن «اهتمام وسائل الإعلام الغربية لم يعد منصباً على الوثائق التي اعتمدها قادة المنظمة، بل على إظهار الوحدة بين روسيا والهند والصين في مواجهة الغرب».
لعل من أبرز العناوين في القمة هو التقارب غير المسبوق بين الهند والصين ،حيث يري الخبراء ان موقف ترامب المتشدد من الهند، لا سيما فرض رسوم جمركية بنسبة 50 في المائة لا يرجع إلى تعاون نيودلهي مع موسكو في التحايل على العقوبات الغربية ضد الأخيرة، وإنما بسبب النمو الاقتصادي السريع للهند، الذي بلغ 6.5 في المائة عام 2024، متجاوزاً نمو الصين، والولايات المتحدة خصوصاً !! وذلك في ظل وجود نموذج جيد مع الصين، التي تحولت إلى عملاق اقتصادي في غفلة من الولايات المتحدة، تخشى واشنطن تكرار ذلك مع الهند».
كما كشف الرئيس الصيني، عن طموحه لتأسيس نظام أمني واقتصادي عالمي جديد يشكل تحديًا مباشرا للولايات المتحدة (يتعين علينا ان ندعو إلى تعددية الأقطاب المتساوية والمنظمة في العالم، والعولمة الاقتصادية الشاملة، وتعزيز بناء نظام حوكمة عالمي أكثر عدلا وإنصافًا".)
وكما اعلن الرئيس الصيني في خطابه عن قيام الصين بتقديم ملياري يوان (280 مليون دولار) كمساعدات للدول الأعضاء هذا العام، إضافة إلى 10 مليارات يوان أخرى كقروض لصالح كونسورتيوم البنوك التابع للمنظمة.
ويري الخبراء بأن كلمه الرئيس الصيني تمثل إشارة واضحة إلى حرب الرسوم الجمركية التي يشنها البيت الأبيض، وانعكست بشكل غير متناسب على اقتصادات الدول النامية، بما فيها الهند.( دعوته لشركاء المنظمة إلى "معارضة عقلية الحرب الباردة والمواجهة بين التكتلات"، مؤكدًا ضرورة دعم أنظمة التجارة متعددة الأطراف.)
ويرى محللون أن بكين أكدت عبر هذه القمة، التي تعد الأكبر في تاريخ المنظمة، رؤيتها البديلة للحوكمة العالمية في مواجهة النظام الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة، في وقت يشهد ارتباكًا في صناعة القرار، وتراجعًا في التزامات واشنطن تجاه المؤسسات متعددة الأطراف، فضلًا عن تقلبات جيوسياسية متسارعة.
ويبقي سؤال هام ماذا يعني البيان الرسمي المشترك بين مصر والسودان لوزير الخارجية والري بالبلدين حول السد الإثيوبي؟
الإجابة واضحة فهو يمثل رسالة للداخل والخارج ،بأن البلدين لهما موقفا موحدا لا مجال للنقاش فيه وأن المحاولات التي كان يقوم بها البعض ومازال لإحداث وقيعة بينهما سوف تفشل لأن هناك تنسيق مستمر بين البلدين علي أعلي مستوي ،خاصة وأن الاجراءات الأحادية التي تقوم بها إثيوبيا مخالفة للقانون الدولي، وله آثار جسيمة على دولتي المصب، ويمثل تهديداً مستمراً لاستقرار الوضع في حوض النيل الشرقي ،لاسيما ما يتعلق بالمخاطر الجدية المترتبة على الخطوات الأحادية الأثيوبية لملء وتشغيل السد، وتلك المتعلقة بأمان السد، والتصريفات المائية غير المنضبطة ومواجهة الجفاف.
و كذلك رفضهما التام لأية تحركات أحادية في حوض النيل الشرقي من شأنها إيقاع الضرر بمصالحهما المائية، مع تعزيز التشاور والتنسيق لاستعادة التوافق وإعادة مبادرة حوض النيل إلى قواعدها التوافقية،ويمثل تهديداً مستمراً لاستقرار الوضع في حوض النيل الشرقي طبقاً للقانون الدولي،
الرسالة الاخري هي طمأنه شعوب البلدين بانه رغم التحديات التي تواجههم فان القيادة السياسية بالبلدين حريصة علي أهمية تأمين الأمن المائي لدولتي مصب نهر النيل، كجزء واحد لا يتجزأ، والعمل المشترك للحفاظ على حقوق واستخدامات البلدين المائية كاملة، وفقاً للنظام القانوني الحاكم لنهر النيل في إطار مبدأ مجتمع المصالح المشتركة والمساواة في الحقوق، طبقاً للقانون الدولي واتفاقية عام 1959 المبرمة بين البلدين.
و تبقي الرسالة الأهمّ من وجهة نظريّ تاكيد البيان علي ان قضية السد الأثيوبي تظل مشكلة بين الدول الثلاث (مصر- السودان -اثيوبيا)، مع رفض أية مساعي لإقحام باقي دول الحوض في هذه القضية الخلافية،وبالتالي فإننا يقظين لما يحاك حولنا في هذا الملف.
خارج النص:
وحول مناورات النجم الساطع التي تتم حاليا بمصر يكفي أن نشير إلي تصريحات قائد القيادة المركزية الأمريكية براد كوبر: ان مناورات النجم الساطع "19" تعكس عمق الثقة والتعاون المستمر بين الولايات المتحدة ومصر، والتزامنا المشترك باستقرار المنطقة، كما أن هذه المناورة "تبقى ركيزة اساسية في العلاقات الدفاعية الأمريكية - المصرية، وتلعب دوراً رئيسياً في تعزيز السلام والأمن في المنطقة ،ومن خلال الاستمرار في التدريب المشترك، تعزز قواتنا العسكرية قدرتها على العمل المشترك، وتُطور إمكاناتها، وتُعزز التوافق حول الأهداف الاستراتيجية المشتركة" والحدق يفهم.
بقلم :
عصام الشيخ
[email protected]