إستراحة قصيرة من السياحة وهمومها لنتحدث عن هموم وأوجاع أخري لا تنفصل في حقيقة الأمر عن مجتمعنا الذي نعيش فيه.
من أكثر الأمور أهمية وخطورة موضوع التربية السليمة وأهميتها،والعادات السيئة التي نزرعها بجهلنا داخل أطفالنا فنحولهم دون أن نشعر إلي نماذج مشوهة تسيء للمجتمع ولا تصلح لتولي دفة قيادة الوطن.
ولكي نكون أكثر دقة فنحن نرصد ظواهر نراها واضحة ونتحدث عنها من وجهة نظرنا غير مدعين أننا من المتخصصين أو من ذوي الحجة في هذا الأمر.
التربية الصحيحة تبدأ من المنزل الذي لابد أن يدرك من فيه من كلا الأبوين ان التربية تحتاج إلي مقومات محددة لكي تثمر إنسانا ناجحا،ومن أهم هذه المقومات التفاهم بين الطرفين في كل ما يخص الأطفال فليس معقولا ان يكون الخلاف هو العنوان المشترك لكل القضايا التي تتعلق بالأطفال.
هذا الخلاف إن نما فسيؤدي بدوره الي إتخاذ قرارات قد تكون في مجملها غير صحيحة لمجرد فرض السيطرة والتحكم.
لذلك كان للتعليم دور هام في تثقيف أولياء الأمور،فالجهل يجعل الإنسان جاهلا بكل شيء ولا يقبل بأي شيء ولنا فيما نراه حولنا من نماذج العبرة.
فكل الجهلاء (وإن كانوا أخيارا) إلا أنهم يحاولون تعويض نقص ما بداخلهم،إما بسبب جهلهم أو إفتقادهم لكثير من المزايا التي يرون غيرهم يتمتع بها فيتصرفون تصرفات تضر ولا تنفع.
فليس من الحكمة تفضيل طفل علي الآخر أو تمييز طفل علي آخر سواء في المسكن أو الماكل أو أي شيء مهما صغر حجمه.
فالطفل الذي يعتاد علي الحصول علي حق الآخرين يستوي عنده الحق مع الباطل ويتحول الي إنسان مريض يحب الإستحواذ علي كل شيء ولا يعرف معني وأهمية المشاركة لأنكم جعلتموه يأخذ حقه وحق الآخرين فينشأ علي حب الذات ولا يلتفت إلي أهمية التعاون.
وليس من الفطنة إرضاء رغبات الطفل في كل وقت فلكل بيت ظروفه الخاصة والتي تتحكم في مجريات الأحداث داخله.
فبعض الأمهات تصيبهم لعنة الغيرة والتقليد الاعمي خاصة داخل المجتمعات التي تتصف بالجهل المستتر وراء عباءة الدين فنري الأمهات يتسابقن في شراء أشياء لا أهمية لها لمجرد أن إبن الجيران يملك مثلها!!
هذه العادة القبيحة تدل علي تفشي الوباء الذي هو أخطر من الكورونا ويحدث آثارا غير حميدة علي كافة الأطراف.
الآباء والأمهات يجب أن يدركوا أن التربية ليست تدليلا مبالغا فيه طيلة الوقت وليست قسوة لا تنقطع فالطفل ليس آلة تحركها كيف تشاء بل هو إنسان لديه مشاعر وأحاسيس وأحلام.
لا تنظروا الي ما في أيدي الغير حتي لا يقلدكم الأطفال،ولا وحاولوا تمثيل أدوار العطف والحنان،فالمشاعر لا يمكن أن تكون مجرد لعبة أو وسيلة للحصول علي مكاسب معينة.
ومعروف ان الطفل يميل بطبيعته الي التقليد فكل سلوك وكل كلمة وكل إشارة تصدر منا أمام الأطفال تثبت في ذاكرته ويعيد استعمالها في مواقف لاحقة.
الأنانية قد تكون مكتسبة وهي مرض خطير بدلا من تجنبه نقوم بتحفيزه داخل نفوس الأطفال فالمنازل التي نري فيها هذه الصفة بين الأبوين في الغالب سوف تنتقل بسهولة الي الأطفال.
العادات السيئة والصفات المذمومة موجودة في كل مجتمع وفي كل زمان ولكن دورنا هو محاربتها بكل السبل الممكنة وليس بالإيحاء فالمتضرر الأكبر هو أبناؤنا.
عملية بناء الإنسان ليست كبناء عقار بل هي اكثر تعقيدا وتتطلب منا الصدق مع انفسنا وتجنيب أطفالنا مشاق كثيرة من السهل تخطيها اذا اخلصنا النوايا.
الام التي تستهلك معظم وقتها في أشياء تافهة كتصفح الإنترنت أو مشاهدة التلفاز أو قضاء ساعات طويلة في الثرثرة التي لا تفيد يجب عليها أن تخصص وقتا لأبنائها فهي عماد المنزل وبدون دور الام لا تستقيم عملية التربية،فالطفل يقلد الام اكثر من أي شيء آخر، ولعلنا نلاحظ أن الأطفال يقلدون ويتقمصون شخصية الام في كثير من تصرفاتهم.
وبعيدا عن التفسيرات التي يسوقها علماء علم الاجتماع فإن الأم لو إستقامت فسوف يستقيم كل شيء.
والطفل يحتاج الي الأم أكثر من أي شيء آخر،الأم التي تفهم وتعي وتدرك أن الطفل مسؤولية عظيمة سوف تحاسب عليها.
معلوم أن بعض الجهلاء لا ينتبهون الي خطورة التربية،كما أن العادات التي يظن البعض أنها عادات جيدة قد تدمر أطفالنا دون ان نشعر.فالأم التي تسمح لطفلها بنقل ما يسمعه هنا وهناك تدمره بطريقة بطيئة،وتلك التي تحجر علي رأي طفلها تحوله الي إنسان جبان ضعيف لا شخصية له.
اما التي تدلل طوال الوقت وتري الطفل يتصرف بطريقة غير طبيعية ورغم ذلك تتركه دون توجيه او إرشاد او عقاب في بعض الأحيان فهي تسمح للطفل ان يصبح شيطانا صغيرا في صورة انسان.
التعليم والاعلام والوسطية التي ينشرها الأزهر الشريف عليهم جميعا دور أساسي في التربية وتثقيف الآباء والأمهات حتي يدركوا كيفية التعامل مع الأطفال.
حفظ الله مصر جيشا وشعبا