هيرمس
    مصر
  • 29℃ القاهرة, مصر

رئيس مجلس الإدارة

طارق لطفى

رئيس التحرير

أحمد سليمان

همس النيل

مصر وروسيا.. المستقبل يبتسم

كلما ظن البعض ان مصر لن تقوم لها قائمة.. اذا بها تنهض وتبهر بقوتها وشموخها الصديق قبل العدو.. فإن مصر اعرق الامم علي وجه الارض.. امة واحدة لشعب يضم مسلمين ومسيحيين بلسان عربي عاشوا عيشا مشتركا علي مدي زمني طويل.. لا احد استطاع او يتسطيع تفكيكها.. بهذه الكلمات اختتم الدكتور طه عبدالعليم تعقيبه علي عالم الحضارات الروسي الدكتور سهيل فرح رئيس الجامعة المفتوحة لحوار الحضارات بموسكو.. في ندوة كلية الاقتصاد والعلوم السياسية بالقاهرة اقامتها حول كتابه "الحضارة الروسية.. المعني والمصير" وشهدت مناقشات جادة كانت مصر حاضرة فيها بقوة. 
المشاركون رموز مصرية من بينهم الفريق الدكتور هشام الحلبي والدكتور عزت سعد سفير مصر الاسبق بموسكو والمدير التنفيذي للمجلس المصري للشئون الخارجية.. والدكتورة نورهان الشيخ الاستاذ بالكلية والدكتورة سماء سليمان بمجلس الوزراء وادارها الدكتور محمد سالمان وكيل كلية الاقتصاد والعلوم السياسية ومع سخونة المناقشات.. تتكشف المعلومات حول حقائق التاريخ.. وتأثير الجغرافيا.. وأوجه التأثر والشبه والاختلاف بين الحضارة الروسية والحضارات المصرية القديمة والقبطية والاسلامية. 
ولان جمهور الحاضرين ملء القاعة تجمعهم الاهتمام بالعلوم السياسية ومستقبل العلاقات الدولية فإن المناقشات لم تخل من حديث حول مستقبل روسيا.. والعالم الاسلامي ومصر في القلب. 
عبقرية المكان تجلت في مصر بكتابات جمال حمدان.. وفي روسيا أسموها جبروت المكان فإن روسيا تضم نصف القارة الاوروبية وثلث القارة الاسيوية.. والمناخ الروسي يتسم بالقسوة مما ادي لخلق حالة من التحدي الدائم واستطاع الانسان الروسي تطويع المكان رغم قسوته. 
وفي مصر لم تكن الارض سهلة ممهدة وانما قهرها المصريون بقوتهم وارادتهم فكانت ثورة الحياض ثم صورة الري الدائم.. وهنا تتجلي عظمة المصريين فعندما كان عددهم 10 ملايين نسمة لم تكن بريطانيا الا مليونا واحداً من السكان فكانت مصر سلة الغذاء ولديها ما يكفي كل سكانها.. فالمصريون روضوا الطبيعة لتلبية احتياجات الامة المصرية منذ 5400 سنة. 
وفي كل من مصر وروسيا تتجلي قيمة النهر مصدراً للحياة في الدولتين.. فالنيل في مصر لم يكن التعامل معه بالامر السهل.. فقد واجه المصريون تحدي الجفاف سنين.. والغرق سنوات.. وبينما استطاع المصريون كبح جماح النهر واقاموا اكواما من التراب لحمايتهم فكانت كوم حمادة وكوم امبو وغيرهما لدرء حظر الغرق وعرف المصريون كيف يدخرون من السنوات السمان.. لاحتياجاتهم في السنوات العجاف وفي روسيا فإن نهر الفولجا يمثل الام الحاضنة للحياة كما النيل للمصريين وهو اطول الانهار الاوروبية قاطبة ويمتد 1500 كيلو متر وعلي ضفافه عاش عدد كبير من الشعوب الروسية لكل منها تاريخه وشخصيته يتشاطرون الحياة بأفراحها واتراحها.. بانتصاراتها وانكساراتها.. وللاسف فإن ثلث السكان الروس يعيشون في مناطق غير صحية ورغم المدي الجغرافي الاوسع والاكبر علي هذا الكوكب للدولة الروسية فإن الارض الزراعية لاتكفي حتي الآن سوي 47 في المائة من السكان.. والثروة الحيوانية لاتلبي الا 53% من احتياجات الانسان لتتجسد الاسئلة لماذا ضعفت الانتاجية وهل السبب في ذلك قسوة الطبيعة ام ان هناك اسباباً اخري تظل مفتوحة. 
وناقش الحاضرون وبينهم المستشرقة الروسية الدكتورة نائلة عبدالحميدوف الاستاذة بجامعة قازان الفيدرالية والدكتور شريف جاد.. قضية الهوية.. وتبرز مجموعتان هما الاكثر تأثيراَ في الحضارة الروسية وهما الارثوذكسية والاسلام فقد ساهما في رسم الملامح الروحية والثقافية لروسيا.. وحتي بالقانون.. فقد صدر في 21 يونيو 2001 قانون يشير إلي التنسيق المشترك بين الدولة والمجموعات الدينية في حقل النشاطات التثقيفية الروحية والخيرية للحفاظ علي وحدة الدولة.. وبالارقام فإن عدد المساجد عام 1999 في روسيا وصل إلي 4 آلاف مسجد بالاضافة إلي 2734 جمعية اسلامية و106 مدارس ومعاهد عالية للتعليم الاسلامي ويصل عدد المسلمين في بعض التقديرات إلي 30 مليون مسلم.. وتكشف المناقشات ان مصطلح "الروسيا" ظهر اول ما ظهر عند البيزنطيين في القرنين التاسع والعاشر الميلادي.. لتظهر روسيا كتجمع تاريخي لتكتل من الشعوب الكثيرة ذات توجهات حضارية مختلفة وحدتها دولة مركزية قوية. 
وفي حالة مصر اشار الحاضرون إلي ان المصريين امتازوا بأنهم امة واحدة.. انها اعرق الامم علي وجه البسيطة.. انها تتكون من ملايين البشر يحكمها حاكم واحد وطوال 5400 سنة لم تعرف التقسيم طوليا ولا عرضيا وظهرت مركزية مصر حول النهر.. فالمصريون هم من عشوا في مصر في ظل عصر الاسرات ويسجل التاريخ لسنوسرت الثاني قوله هذه حدود مصر ومن يفرط فيها ليس ابني وليس من "صلبي". 
وحول تأثر الحضارة الروسية بالحضارة الاسلامية أشار الحاضرون إلي ابن سينا.. والفارابي وابن الهيثم وكيف كانت كتبهم تملأ المكتبة الروسية. 
وتحدث الحاضرون حول دور الاتحاد السوفيتي في شركة الحديد والصلب المصرية وفي الغزل والنسيج ومجمع الالومنيوم وغيرها.. وكيف كانت عروضه المالية والفنية هي الافضل.. واشارت الدكتورة نائلة عبدالحميدوف ان اللغة العربية هي اللغة الثانية في جمهورية تتارستان الروسية كما ان قازان هي ملتقي الثقافات العربية الروسية. 
وتعبرالدكتورة نورهان الشيخ الاستاذ بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية عن خلاصة قراءتها للتاريخ الروسي مؤكدة انه كلما فكر عدو ان ينال من روسيا.. كبرت روسيا وصارت اقوي واكثر.. ويأتي الرد علي لسان الدكتور طه عبدالعليم بأن كلا من مصر وروسيا مستهدفتان.. واكد ان في كل من مصر وروسيا قوة كامنة.. وتملك كل منهما مقدرات الانطلاق.. ومقومات التقدم وان تماسك الامة المصرية يستعصي علي التفكيك وارادتها تبهر الصديق قبل العدو.. فإن مصر تقدر.. وكذلك روسيا.. والمستقبل يبتسهم لهما. 
حمدي حنضل 
[email protected]