.. أخيراً .. وفى رابع محاولة لشخصيات مصرية فاز الدكتور خالد العناني بمنصب مدير عام اليونسكو ليقود المنظمة التابعة للأمم المتحدة حتى عام 2029 .
من أحق من مصر بحضارتها وتاريخها وتراثها الإنساني وثقافتها ليتولى أحد كوادرها المؤهلة مسئولية المنظمة الأممية للتربية والعلوم والثقافة خاصة إذا كان الفائز « الدكتور العناني » من أهم المتخصصين في الآثار وعلم المصريات وهو الخبير السياحى والمدير لأكبر المتاحف إضافة إلى قيامه بالتدريس والبحث العلمي في الجامعات .. لكل تلك المؤهلات لشخصه التي جعلت مصر ترشحه رسمياً للمنصب وتقف الدولة وراءه بكل ثقلها بدءاً من القيادة السياسية ورئاسة الوزراء ووزارة الخارجية إلى كافة الجهات والمؤسسات الحكومية والأهلية ووسائل الإعلام .
منذ أن أعلن الدكتور مصطفى مدبولى رئيس الوزراء عن ترشيح الدولة رسميا للدكتور العناني لتولى منصب مدير عام اليونسكو فى أبريل 2023 .. وبدأ العمل الجاد لكسب أصوات المكتب التنفيذى المكون من 58 صوتاً .. طاف العنانى قارات العالم وزار الدول أصحاب الأصوات وعرض رؤيته على المكتب التنفيذي .. وقاد الدكتور بدر عبد العاطى وزير الخارجية حملة دبلوماسية مع فريق من السفراء لدعمه .. وكان لاختيار الإتحاد الأفريقى والقمة العربية لمرشح مصر وتأييده كمرشح عن المجموعتين أثره الكبير فى حسم الأمر خاصة بعد انسحاب مرشحة المكسيك .. حيث لم يتبق فى السباق سوى مرشح الكونغو الذي خرج عن الاجماع الأفريقي .. فكان من الطبيعى ألا يحصل سوى على صوت واحد ويكتسح العناني الانتخابات من الجولة الأولى بحصوله على 55 صوتاً بعد امتناع أمريكا التي أعلن الرئيس ترامب عن عودة انسحاب بلاده من المنظمة اعتباراً من يناير القادم .
لم يحدث طوال 80 عاماً هى عمر منظمة اليونسكو أن حصل مرشح على هذا العدد من أصوات المكتب التنفيذى ومن أول جولة مما يؤكد ثقة العالم في قدرات أبناء مصر التي سبق وأن تولى الدكتور بطرس غالى قيادة الأمم المتحدة والدكتور البرادعى إدارة الوكالة الدولية للطاقة الذرية والدكتورة غادة والى مديرة مكتب الأمم المتحدة المعنى بالمخدرات والجريمة والدكتورة ياسمين فؤاد التى تم اختيارها أمينة تنفيذية لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر والدكتور محمود محيى الدين بالبنك الدولى وصندوق النقد .. والدكتورة أمل قصرى التي اختارتها اليونسكو لترأس قسم الابتكار وبناء القدرات في العلوم الهندسية وغيرهم العديد فى مختلف المحافل والمنظمات الدولية .. ومن حسن الطالع أن فوز العناني جاء في 6 أكتوبر يوم النصر والعبور العظيم .
أعلن الدكتور العناني بعد فوزه فى حوار مع وكالة ( أ . ش . أ ) إنه يلتزم بجعل اليونسكو بيتاً يعبر عن القيم المتنوعة لكل الشعوب ويجعل من معاناتهم وأحلامهم جزءاً من الرسالة الإنسانية العالمية .. وأوضح ان رؤيته تقوم على تحقيق رسالة المنظمة من خلال التضامن والتعاون الحقيقي بين الدول .. والعمل على بناء توافقات تضمن ان يشعر كل عضو ان صوته مسموع وانه شريك في صنع القرار .
المدير العام الجديد لليونسكو الذى يخلف الفرنسية أودري أزولاي التي قضت 8 سنوات في المنصب على فترتين يتولى عمله رسمياً بعد تصديق المؤتمر العام الشهر القادم على اختيار المكتب التنفيذى لليونسكو وهو إجراء شكلى إلى حد كبير حيث لم يحدث ان اعترض المؤتمر العام أبداً على نتيجة الانتخابات .. وبعدها يصبح الدكتور العنانى رسمياً أول عربى وثاني أفريقي بعد مختار امبو السنغالي يدير اليونسكو .
يتزامن تولى العناني إدارة منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة مع افتتاح المتحف الكبير وهى فرصة لتبنى اليونسكو حملة لإعادة الآثار المنهوبة والمهربة إلى دولتها الأصلية طالما خرجت بطرق غير شرعية .. ووقف المزادات التي تعرض آثاراً مسروقة وإعادتها إلى دولها .. وبالتأكيد معظم دول العالم ستؤيد إصدار مثل هذه القرارات لأن الآثار المسروقة والتي تعرض بالمزادات ليست قاصرة على مصر كما يحسب البعض ولكن حتى اليونان وإيطاليا والصين وسوريا والعراق واليمن وإيران تباع آثارها على الإنترنت !! .
بالتأكيد سيعطى العناني التعليم اهتماماً كبيراً لتحقيق العدالة الاجتماعية وبناء القدرات خاصة في دول العالم الثالث .. وسيعمل عل حماية التراث الثقافي والحضاري ويشجع على الابتكار ولن ينسى أهمية الاهتمام بالعلوم الحديثة والرقمنة والذكاء الاصطناعي .
عندما لم يوفق الدكتور اسماعيل سراج الدين والفنان فاروق حسنى والسفيرة مشيرة خطاب فى الفوز بالمنصب كتبت أن « اليونسكو خسرت مصر » . وبعد نجاح العناني الساحق فإن اليونسكو كسبت بوجود شخصية مصرية على رأسها .. والآن اكتملت كمنظمة للتربية والعلوم والثقافة حيث لا توجد دولة في العالم أحق من مصر بتاريخها وحضارتها وثقافتها وتراثها الإنساني بتولى مسئوليتها !! .
****************
المتحف الكبير .. وركن للأثريين
.. طالبت أكثر من مرة بأن المتحف الكبير الذى ينتظر العالم افتتاحه الشهر القادم من الضروري أن يحتوى على غرفة أو ركن لكبار الأثريين المصريين والأجانب الذين قاموا بأهم الاكتشافات ومنهم أحمد كمال باشا والدكتور محمد إبراهيم بكر والدكتور أحمد عثمان الذى كان صاحب فكرة انقاذ معبد فيلة وتكرمه اليونسكو سنويا وكمال الملاخ مكتشف مراكب الشمس والدكتور زاهى حواس و.... ومن غير المصريين شامبليون الذى فك طلاسم حجر رشيد وعرفنا باللغة المصرية القديمة .. وهوارد كارتر مكتشف مقبرة توت عنخ أمون .. وأوجست مارييت باشا مؤسس أول متحف مصرى للآثار في بولاق وغيرهم .
لا يمكن أن يكون متحفاً كبيراً ولا يحتفى بالأثريين والمكتشفين الذين عثروا على هذه الكنوز وتعريف العالم والأجيال بهم .. فهؤلاء خدموا علم المصريات وكانوا سبباً في تعريفنا بتاريخنا العظيم وحضارتنا التى بهرت العالم وأقل شيء أن نرد لهم الجميل !! .