هيرمس
    مصر
  • 29℃ القاهرة, مصر

رئيس مجلس الإدارة

طارق لطفى

رئيس التحرير

أحمد سليمان

همس النيل

أكتوبر .. روح الإعجاز والبناء 


ما أشبه الليلة بالبارحة.. فإنه وبعد مضى 52 عاماً على أكتوبر المجيد بانه وبعد. 1973.. وتحقيق مصر جيشاً وشعباً لمعجزة العبور وتحقيق أعظم الانتصارات العربية في العصر الحديث فإن مصر الكنانة تحاصرها الآن وبشكل غير مسبوق العواصف والأنواء .. تحيطها في كل الاتجاهات الاستراتيجية أحزمة من النيران تتصدى بكل ما تملك دفاعا عن القضية الفلسطينية والأمن القومى المصرى والعربي قوامها الشرف والقبل والأمانة والاستقامة وكما انتصرت مصر ولم تنكسر في 1973 فإنها أبداً لم ولن تنكسر مهما كانت التحديات والضغوط فإن شعب مصر يؤمن بالله الواحد القهار. يؤمن بقدرته واصطفافه و جيشاً وشعباً، في خندق واحد وراء القائد. ورباط لا ينفصم أبداً قوامه جنودهم خير أجناد الأرض وظهير شعبي عظيم قوى ومتين لا يعرف للعطاء والفداء حدوداً . . يمتلئون جيشاً وشعباً بروح فريدة أودعها فيهم الله عز وجل كانت ولا تزال وسوف تظل الوقود النووى، الذي يقهر كل التحديات ويدمر كل النظريات وقد نجح في تحقيق النصر مرة ... وهو بهذه الروح سوف يحققها مرات ومرات.

 هذه الروح التي تجسدت فوق أرض سيناء وعلى كل شبر من أرض مصر معارك وبطولات هي ذاتها الروح التي ملأت وجدان المصريين طوال 12 عاماً مضت تنمية وبناء وقهر للإرهاب وزبانيته ومموليه وأخوانه المجرمين وهي ذاتها الروح التي تشعل حماسة المصريين شعباً وقيادة وجيشاً هذه الأيام في مواجهة أعتى التحديات وأقوى الأعاصير والضغوط وهي ذاتها الروح التي يمسك بها الشعب المصرى وهو يحلق في سماوات الغد الأفضل متمسكا بالأمل والعمل.

إنها روح أكتوبر التي قهرت كل الأرقام والاحصائيات والخصائص والمقومات وحتى الثوابت.

لم تعترف روح أكتوبر بما يسمى توازن القوى بين مصر وأعدائها .. لم ترهبها الفوارق بين أعداد الطائرات بين مصر وإسرائيل وخواصها وعناصر تفوقها وهي الروح التي جعلت الرئيس العظيم الراحل بطل الحرب والسلام الرئيس أنور السادات يصر على دخول الحرب ومفاجأة العدو وقد تلقى من قائد القوات الجوية أنذاك الفريق حسني مبارك ما يؤكد الفارق الكمى والكيفي.. فكان قراره منحازا الروحالجندى المصرى وتقدير شجاعته كعنصر حاسم يقهر أي فروق كمية أو كيفية.. وجاءت الضربة الجوية الأولى لطيران مصر بنجاح يفوق تحقيق أكثر من 95 من أهدافه. 

إنها روح أكتوبر التي لم تتراجع أمام أقوى الخطوط الدفاعية التي عرفها العالم الحديث. وهي خط بارليف المنيع.. ولا تقوى على قهره وتدميره أقوى القنابل الذرية وهو القادر على تحويل قناة السويس إلى ساحة من جحيم مشتعل بالنابالم وكتل النيران... ولا تأبه لذلك روح أكتوبر ويقوم الجندى المصرى بتحويل نفس مياه القناة إلى قنابل أشد فتكا .. ويتهاوى خط بارليف وحصونه امام خراطيم مياه المصريين. وتسقط كل حصون ودفاعات العدو وقلاعه الفولاذية. 

لم تعترف روح أكتوبر بما ملأت به الدعاية الصهيونية أرجاء العالم وجيوشه ومراكز أبحاثه بأن إسرائيل تملك الجيش الذي لا يقهر . فكانت حرب أكتوبر سحراً يحول الجندى المصرى عبد العاطي إلى صياد ماهر العشرات الدبابات الإسرائيلية الحديثة والقديمة.. ويقوم الجنود المصريون بأسر كبار الضباط الميدانيين الإسرائيليين. 

هي روح أكتوبر التي لم تتقهقر إلى غرب القناة تحت وطأة الحرب والنيران الكثيفة.. وأصرت على التمسك بمواقفها شرق القناة رغم الجسر الجوي الأمريكي الذي جاء إلى ساحة المعركة مباشرة بأحدث ما أنتجته ترسانة الحرب الأمريكية إنقاذ الإسرائيل وكانت عدادات تشغيلها خير دليل على أنها من المصنع إلى إسرائيل رأساً واستمرت مصر تقاتل ببسالة وشرف حتى وقف إطلاق النار.

إنها روح أكتوبر التي صنعت مئات بل الآلاف من أعظم قصص البطولات حققها جنود مصريون بسطاء في معارك امتزج فيها الدم المصرى مسلميه ومسيحيه و صعيدي وبحرى و مطروحى وسيناوي طبعتهم روح أكتوبر بسمات التضحية والبسالة والفداء فكانت أرواحهم الطاهرة وقصص فدائهم نبراساً للأجيال.

إنها روح أكتوبر التي نزعت عن اللصوص ، رداء السرقة وأحالتهم رجالاً صالحين يعملون في خدمة الوطن. وخلت سجلات الشرطة من أي بلاغات خلال فترة الحرب. 

إنها روح أكتوبر التي صهرت الشعب المصرى والجيش المصري في خندق الوطن وكانت قوة الجبهة الداخلية وتماسكها كالبنيان المرصوص يمثل العقبة الكتور والصخرة الفولاذية التي تكسرت على صلابتها كل الشائعات والدعايات السوداء الضالة والمضلة. 

إنها هي روح أكتوبر التي صنعت ثورة الثلاثين من يونيو عام 1913 و خلصت مصر من حكم سوفيتي عنصري إقصائي وتحكم قبلي عشائري يقوده من خلف ستار مكتب إرشاد الإخوان المجرمين لطمس هوية الوطن. وأخونة مفاصل الأمة. 

إنها الروح التي مثلت أنقى الوقود وأقواه وطوال 12 عاماً من حكم الرئيس عبد الفتاح السيسي لصناعة واقع مصرى جديد يستجيب التحديات العصر وما تتسم به مصر من كثافة سكانية لتنطلق عبر الاف الا المشروعات العملاقة تنشر الخير والتنمية والنماء فوق كل شبر من أرض مصر تلبية لاحتياجات الحاضر.. وبناء للمستقبل الأفضل. 

إنها الروح التي جعلت المصريين يكشفون طواعية عن أغطية ما كانوا يدخرونه ، تحت البلاطة، ويضعوا ما يزيد على 68 ملياراً من الجنيهات تحت أمر القائد والزعيم... لتنجح مصر قيادة وشعباً في شق قناة السويس الجديدة في معجزة مصرية هزت العالم بأسره. 

إنها الروح التي أعادت للحياة من العدم ومن الأدراج مشروع التأمين الصحى الشامل فانطلق منهياً المرحلة الأولى.. وها هو الآن في مرحلته الثانية. يوفر علاجا بمواصفات عالمية يتشارك فيه بلا أدنى فرق المواطن الغنى والمواطن الفقير وهي ذاتها الروح التي هزمت فيروس سي بعد أن اغتال آلاف المصريين وكانت تجربة مصر نموذجاً أممياً فريداً.. وإنجازاً ملهماً لكل دولة العالم. 

إنها روح أكتوبر الروح الوثابة التي تجعل مصر تحلق عالياً في سماوات المستقبل الأفضل بالعلوم والتكنولوجيا وتحويل مصر إلى مركز دولي ومركز إقليمي لكل ما يحتاجه مستقبلا ل البشرية من صناعات وخدمات ولوجستيات والاستفادة بالخبرات الإنسانية من شتى أنحاء العالم... وهذا موضوع المقال القادم بإذن الله.. روح أكتوبر ومستقبل مصر. [email protected]