يأبى أكتوبر وكل أكتوبر أن يمر الا ويذكر العدو الصهيوني بعقدة أكتوبر أو لعنته عليهم صار كابوسا أسودا حتى وهم يمارسون كل أصناف الغطرسة والاجرام وهم يرتكبون كل الجرائم ضد الإنسانية وفي مقدمتها حروب الإبادة الجماعية والتي اهلتهم جميعا للحصول على لقب مجرمي حرب وبحكم محكمة العدل الدولية وباعتراف كل دول العالم الحر..
أكتوبر أهم وأخطر درس لم تستوعبه قيادات الكيان الصهيوني بداية من الضربة القاصمة التي تلقاها جيشهم رافع راية الكذب بأنه الجيش الذي لايقهر، على أيدى خير أجناد الأرض جند مصر العظام وحتى أبطال المقاومة الصامدون في وجه قوى الغدر والاستكبار العالمي المهووسة بالابادة والتطهير العرقي ومحترفي سرقة الأوطان ومغتصبي الأرض والعرض..
من سخريات القدر أن يأتي السادس من أكتوبر هذا العام وإسرائيل تأتي صاغرة رغم انفها للتوقيع على اتفاقيات وقف حرب الإبادة في غزة بعد أن فشل جيش الاحتلال ومعه جيوش أمريكا والغرب بقضهم وقضيضهم امام فصائل المقاومة الفلسطينية في غزة وعلى مدى عامين كاملين بالتمام والكمال.. في يوم اخر من أيام أكتوبر يؤكد فشل العدو في تحقيق أهدافه من حربه الملعونة على البشر والحجر وبكل أنواع أسلحة الفتك التي عرفها العالم.. باختصار شديد فشل العدو في أن يحقق أهم وأبرز أهداف أعلنها لتبرير الحرب الطاحنة على غزة.. تحرير الأسرى والقضاء على حماس حركة المقاومة.. نسي ومعه كل داعميه أن المقاومة في أي مكان من العالم وعلى مر التاريخ لا يمكن القضاء عليها أو هزيمتها بالمعنى الحرفي للكلمة لأنها في الأصل فكرة وهي لاتموت..ويتناسون انه حتى ولو تم القضاء على جماعة فان سيول الدماء الطاهرة كفيلة بانبات الاف والاف من أشجار المقاومة الأشد بأسا والأعظم تنكيلا.. وأن الاحتلال مهما بغى وتجبر وتطاول بأسلحته وأسلحة القوى الداعمة له سرا وعلانية فهو الى زوال.. وما حديث الامبراطوريات التي كانت تعرف بانها لاتغيب عنها الشمس وغيرها ببعيد..
لم تستوعب إسرائيل درس أكتوبر حين اجبرها على القبول بالسلام وأفكار السلام وانه الضمانة الوحيدة لها للعيش والبقاء.. ولكن لان الغدر والخبث والمكر طبيعة ركبت أمواج السلام واتخذته ستارا لاهداف أخرى لاعلاقة لها بالسلام.. تلاعبت بمفهوم السلام والطرق اليه ومحاولة تطويعه لأهدافها المجرمة والمحرمة دوليا فقبلت اولا بمفهوم الأرض مقابل السلام ثم تخلت عنه الى السلام مقابل السلام ثم طوعت لها نفسها الوصول الى الدعوة الى السلام مقابل الاستسلام!
في عدوانها على السلام الذي استجاب العرب له من أجل التنمية والاستقرار والحياة الآمنة للشعوب والأجيال القادمة.. عاشت إسرائيل وعتاة التطرف الصهيوني فيها الذين وصلوا الى سدة الحكم أوهام القوة واحلام الردع وغرور اليد الطويلة والتفوق العسكري جوا وبحرا طبعا بمساعدة ومساندة الولايات المتحدة والدول الغربية الذين لم يكفوا عن الإعلان صراحة عن دعم وضمان امن إسرائيل وتفوقها العسكري دون ادنى اعتبار للمصالح العربية ولا العلاقات مع دول المنطقة والمصالح الاقتصادية الغربية معها فقد كان لإسرائيل الأولوية والافضلية بالحق وبالباطل..
نسي العدو الإسرائيلي في نشوة غرور القوة وغياب الحضور العربي الفاعل لغة أكتوبر الحقيقية..ونساها أيضا العرب ولم يتذكروها..الغريب ان العدو وهو يحاول ان يتناساها عمل بكل قوة على ان ينساها العرب أيضا ويتجاهلونها بل ونجح في تحطيم كل الأواصر والطرق التي تعزز لغة أكتوبر او تقرب اليها من قول او عمل.. حتى كاد العرب ان ينسوها بالفعل ولم يفيقوا الا على وقع قذائف العدو الصاروخية في عمق الخليج العربي في قلب العاصمة القطرية الدوحة ومن قبل على أبواب دمشق وسويداء سوريا وبيروت وفي قلب صنعاء..صواريخ الدوحة ربما أحدثت صدمة في الوعي العربي والإسلامي وايقظت ما كان مدفونا او تم اهالة عليه التراب تجاه العدو الغادر الغاصب للحقوق العربية المنتهك لكل شيء له علاقة بالمقدسات وغير المقدسات وسط حالة من الصمت المريب واللامبالاة تجاه جرائمه التي يتمادى فيها الى ابعد الحدود..
ولعل التنادي الى قمة عربية إسلامية وعقدها في الدوحة كان صيحة تحذير او جزء من نوبة صحيان مطلوبة للعودة الى روح أكتوبر ولغة أكتوبر التي لا يعرف الأعداء سواها..
لغة أكتوبر وموسيقاها التي عزفها خير أجناد الأرض هي النموذج الأمثل للحديث مع العدو وكل عدو..لغة تفرض الاحترام والهيبة وتحفظ الكرامة وتعيد الحقوق السليبة وتصون الأرض والعرض..
عندما تفاعلت لغة أكتوبر وتحدث بها العرب جميعا لم يقف امامها أي من الادعاءات المزيفة للعدو عن اي أسلحة اوقوة ردع صهيونية ولا أكاذيب الجيش الذي لا يقهر ولا دعاوى معاداة السامية ولا مظلوميات الاضطهاد ولا بكائيات المحارق والهولوكوست إياها..
نظرة سريعة على الخريطة تضع أيدينا على مواطن الألم ومواضع الجراح سنعرف الفروق الجوهرية بين عرب أكتوبر 1973 حين زلزلت الجندي المصري والعربي اركان الكيان الصهيوني الذي استغاث بامريكا لإنقاذ ما يمكن إنقاذه بعد ان انهارالجيش الإسرائيلي وفقد كل توازنه برا وبحرا وجوا ولم يعد قادرا على صد او إيقاف الهجوم المصري بعد نجاح العبور العظيم للمانع المائي قناة السويس وتحطيم خط بارليف الحصين..
كان العرب على قلب رجل واحد.. كانوا كتلة صلبة في وجه العدو والقوى المساندة له..استخدموا ما لديهم من أوراق سياسية واقتصادية وغيرها لنصرة الحق العربي.
كانت الدعوة لاجتماع عربي تصيب الأعداء بالقلق ويحسبون لها كل حساب ويسعون لاجهاضها أو منع عقدها أو على الأقل تفريغها من مضمونها ان استطاعوا..
الآن العرب متفرقون متشرذمون فرادى كل يبكي على ليلاه مع انها مريضة ليس فقط في العراق بل في كل الأقطار تقريبا..العرب فرادى متشاحنون متخاصمون بفعل سياسات واستهدافات من القوى التي تحركها الصهيونية العالمية..
العالم لا يعرف ولا يحترم الا الأقوياء والجماعات المتعاضدة في وجه التحديات الكبرى..الواقع يؤكد لامكان للمتفرقين والضعفاء وما يجرى على الساحة الدولية خير برهان امامنا أوروبا مجتمعة تكتلات شرق آسيا التكتلات الجديدة بريكس وغيرها.. كل دول العالم حتى القوية تبحث عن مظلة حماية جماعية نحن نمتلك واحدة يمكن أن تكون قوية مؤثرة لو توافرت الإرادة..
والله المستعان..