هيرمس
    مصر
  • 29℃ القاهرة, مصر

رئيس مجلس الإدارة

طارق لطفى

رئيس التحرير

أحمد سليمان

من آن لآخر

الجيش المصرى بعد 52 عاماً على نصر أكتوبر

 

رغم مرور 52 عاماً على أعظم انتصارات العسكرية المصرية، ملحمة العبور فى أكتوبر 1973 إلا أنه مازال راسخاً فى ذاكرة هذا الوطن، نهراً فياضاً للفخر والدروس وطاقة تتدفق لتمنح هذا الوطن قدرة وثقة فى تحقيق المعجزات مهما كانت الصعوبات فلم يكن هذا النصر حدثاً عادياً أو عشوائياً ولكن نتاج عمل ملحمى أسطورى، عكس عظمة الإنسان المصرى.

الدرس الأعظم من ملحمة العبور، أن ما حدث فى 1967 لن يتكرر مرة أخرى وغير مسموح أن يتكرر ليس فقط فى امتلاك أعلى درجات القوة والقدرة وما استطعنا إلى أحدث نظم التسليح سبيلاً ولكن أيضاً ليس فقط فى عدم السماح بوجود فجوة وفارق أو خلل فى موازين القوة، ولكن أيضا الاستثمار فى العلم والحسابات والتقديرات الدقيقة والصحيحة وانتهاج عقيدة الحكمة، ووضع ثوابت ومبادئ وخطوط حمراء، وعدم الاندفاع والتهور، والدفاع عن الأمن القومى المصرى والمصالح العليا للوطن ومقدراته الوجودية، وتأمين حدوده، وحماية قدسية أراضيه، بعيداً عن المغامرات والشعارات والعواطف، فالجيش المصرى العظيم رغم ما يتمتع به من قوة وردع واحترافية وجاهزية لا يعتدى ولا يهاجم أحداً، ولكن يدافع عن الوطن.

نصر أكتوبر 1973 منح هذا الوطن دروساً ونتائج، وقدرة وثقة بالنفس، لا تقدر بثمن، بل سيظل رسالة لا تصاب بالتقادم، أو تمحى من ذاكرة الوطن، رسالة ردع لا يمكن أن يتجاهلها أعداء هذا الوطن إذا فكروا فى المساس بأمن مصر القومى.

ما بين أكتوبر 1973، وأكتوبر 2025، رحلة طويلة، حافلة بالبطولات والانجازات والملاحم الوطنية لجيش مصر العظيم، لم يتأخر يوماً فى الدفاع عن البلاد والعباد كان ومازال عمود الخيمة، والضمانة الأساسية والركيزة الرئيسية لبقاء وخلود الأمة المصرية، لكن فى الـ12 عاماً الأخيرة وتحديداً فى عهد الرئيس عبدالفتاح السيسى نستطيع أن ندرك قيمة روح أكتوبر الفياضة، خاصة فيما شهده وأنجزه الجيش المصرى خلال 12 عاماً، حتى بات الجيش الأقوى فى المنطقة، وأحد أقوى جيوش العالم ومازال التطوير والتحديث والطموح والإرادة بلا حدود.

ما حققه الرئيس عبدالفتاح السيسى من تمكين الأمة المصرية، من امتلاك القوة والقدرة على الردع الحاسم فى توقيت بالغ التعقيد، وحافل بالتحديات والتهديدات والمخططات هو إنجاز تاريخى بكل المقاييس وهو ما يحكى به فى العامين الأخيرين، من تصدى لمخططات ومؤامرات، استهدفت الأمن القومى المصرى، فى استشراف للمستقبل ورؤية وقراءة إستراتيجية استباقية قبل سنوات، لما حدث خلال هذين العامين، الذى أدرك الجميع خلالهما أهمية وقيمة رؤية السيسى الذى غير موازين القوة فى المنطقة، وأصلح الخلل الإستراتيجى وفارق القوة والامكانيات والقدرات حتى تفوقت مصر على الجميع، لكن القوة المصرية، هى قوة رشيدة، وتتسم بالحكمة، تحكمها ضوابط ومبادئ أبرزها الدفاع عن الوطن وعدم الاعتداء أو الهجوم على الآخرين.

ما بين أكتوبر 1973.. وأكتوبر 2025 رابط قوى، فما بين الملحمة الأسطورية فى معجزة العبور، والتحرير، قبل 52 عاماً وبين ملحمة التطوير والتحديث وتزويد قواتنا المسلحة الباسلة بأحدث منظومات القتال فى العالم، ومن مصادر مختلفة فى تطبيق الإستراتيجية وتنويع مصادر السلاح بما يعكس السيادة واستقلال القرار الوطنى بما يحقق المصالح العليا للوطن وحماية أمنه القومى، ويضمن وجوده فى أتون الصراعات والتوترات والمخططات فى المنطقة.

لم يكن تطوير وتحديث القوات المسلحة بقرار تاريخى من الرئيس السيسى عملاً جاء بالصدفة أو مجرد الحصول على أحدث الأسلحة، ولكن جاء وفقاً لرؤية شاملة لجيش عظيم يمتلك قدراً غير محدود من الخبرات والأمجاد، والانتصارات، والاحترافية، عكس تحديد وإدراك لحجم التهديدات والمخططات وما يراد ويحاك لمصر، وطبيعة منطقة نعيش فيها شديدة الاضطراب، ونيران مشتعلة على كافة الحدود من جميع الاتجاهات الإستراتيجية، وتهديدات مستجدة وغير تقليدية تشمل الإرهاب، والحروب الجديدة التى تستهدف إحداث الفوضى، وحرب العصابات، وتنفيذ عمليات إجرامية، والحقيقة أن الجيش المصرى تفوق بشكل لافت فى الحروب التقليدية النظامية عن الحروب غير النظامية أو الجديدة، فما بين تحقيق النصر على العدو والمحتل فى أكتوبر 1973 والقضاء على الإرهاب فى سيناء قبل سنوات قليلة بكفاءة واستعادة كامل الأمن والاستقرار وإطلاق أكبر ملحمة للتنمية والتعمير فى سيناء تتجلى قوة واحترافية الجيش المصرى العظيم.

نستطيع أن ندرك ما وصل إليه الجيش المصرى العظيم من قوة وقدرة وردع بعد 52 عاماً من نصر أكتوبر، أنه رغم اشتعال النيران فى المنطقة، فى البر والبحر، وعلى كافة الحدود، ورغم شدة الضغوط والتحديات ورغم استهداف مصر بشكل مباشر بالمخططات والأوهام، إلا أنه لم تجرؤ أى قوة من الاقتراب من مصر أو حدودها، أو مياهها أو مقدراتها، بل ظلت ومازالت تفرض مواقفها، وتحمى خطوطها الحمراء بكفاءة وردع،.. بل وتجهض وتحبط مخططات كادت تفتك بالمنطقة، ولعل مخطط التهجير الذى فشل بسبب موقف مصر الحاسم هو خير دليل، ورغم ضغوط أكبر وأقوى دولة فى العالم، إلا أن الواقع الذى تعيشه مصر فرض الكلمة النهائية بأنه لا تهجير ولا اقتراب من الحدود والأرض المصرية، ولا مساس بأمنها القومى، لذلك يتجه الجميع إلى إنهاء العدوان الصهيونى على غزة الذى استمر عامين دون تحقيق هدف أو مخطط التهجير.

الجيش المصرى بعد 52 عاماً من حرب أكتوبر يدخل مرحلة جديدة فى عالم القوة التى يفرضها هذا العصر، بات يمتلك قاعدة وطنية متقدمة فى التصنيع العسكرى والاعتماد على الذات فى توفير جزء كبير من تسليحه أو توطين صناعة السلاح، وليس غريباً على جيش مصر الذى هو جزء من النسيج الوطنى أن يساهم فى بناء هذا الوطن، فى أكبر ملحمة للتنمية وليس غريباً بعد هذا الكم من الخبرات والكفاءة والجاهزية والاحترافية أن تقبل الدول الصديقة والشقيقة المتقدمة منها على إجراء وتنفيذ تدريبات مشتركة مع الجيش المصرى العظيم للاستفادة من خبراته.

سيظل الجيش المصرى مصدر فخر لأبناء هذا الشعب وثروتهم الحقيقية، وسيف الأمة ودرعها وصمام الأمان للحفاظ على الحاضر والمستقبل فمازال أكتوبر 1973 يجرى فى عروقنا، ويفيض بقوة وطاقة الدفع، يلهمنا الدروس والثقة، لكن الشرفاء والعظماء من أبناء الأمة المصرية وفى مقدمتهم الرئيس السيسى حفظوا الأمانة، وبنوا القوة والقدرة والردع لأن هذا الوطن دائماً مستهدف ولابد من قوة تحميه، وما أعظم قوة وشرف الجيش المصرى، الأمين على هذا الوطن وشعبه.