*حين تستمع إلى صوت عبد الباسط عبد الصمد يتلو آيات من كتاب الله، أو تتذكر خشوع الحصري، أو رهبة صوت مصطفى إسماعيل، تشعر أن الزمن قد توقف، وأن روحك عادت إلى نقائها الأول. تلك الأصوات لم تكن مجرد تلاوات، بل كانت جسورًا بين السماء والأرض، بين الماضي العريق والحاضر. واليوم، تعود مصر – برؤية الرئيس عبد الفتاح السيسي – لتعيد لهذه الكنوز الخالدة حياتها، ولتقول للعالم: صوت الحق باقٍ، وتراثنا أمانة لا تضيع.*
في مشهد يعيد إلى الأذهان دور مصر التاريخي كمنارة للعلم وصوتٍ للحق، وجّه الرئيس عبد الفتاح السيسي بإطلاق *الموقع العالمي لإذاعة القرآن الكريم*، ليكون بوابة رقمية تحفظ إرث القراء والمبتهلين، وتوثّق عقودًا من البرامج الإذاعية التي شكّلت وجدان الأجيال، ليس في مصر وحدها، بل في العالم العربي والإسلامي أجمع.
وفي اجتماع برئاسة الجمهورية، أصدر الرئيس توجيهاته لوزير الاتصالات الدكتور عمرو طلعت، ورئيس الهيئة الوطنية للإعلام أحمد المسلماني، بسرعة رقمنة جميع الأشرطة الإذاعية والتلفزيونية التابعة للهيئة، مؤكّدًا أن حماية هذا التراث ليست رفاهية، بل واجب وطني ورسالة حضارية.
## إذاعة القرآن الكريم... حارس النقاء ومنبر الوسطية
منذ أن انطلق صوتها في *25 مارس 1964* بقرار من الزعيم جمال عبد الناصر، كانت إذاعة القرآن الكريم صمّام الأمان في وجه محاولات العبث بكتاب الله، بعد أن ظهرت نسخ محرّفة من المصحف الشريف. ومنذ ذلك اليوم، حملت الإذاعة على عاتقها رسالة الدفاع عن النقاء الديني ونشر الوسطية، لتتحول مع السنين إلى مدرسة متكاملة لتعليم صحيح الدين وإحياء لغة القرآن في القلوب والعقول.
لقد صنعت هذه الإذاعة تاريخًا لا يُقدّر بثمن:
* أصوات قراء عظام مثل عبد الباسط عبد الصمد، ومصطفى إسماعيل، والحصري، وأبو العينين شعيشع، وصلت إلى أبعد بقاع الأرض.
* برامج علمية ودينية صاغت الفكر وأثرت الوعي الجمعي للأمة.
* أرشيف زاخر بتلاوات وابتهالات ومناقشات علمية لا مثيل لها.
## إرث ماسبيرو... ذاكرة شعب وصوت أمة
وإذا كانت إذاعة القرآن الكريم قد شكّلت وجدان الأمة دينيًا، فإن *ماسبيرو*، بكنوزه الفنية والإعلامية، شكّل وجدانها الثقافي والاجتماعي. على مدار عقود، أنتج ماسبيرو دراما وبرامج وثائقية وحوارات شكلت وعي أجيال، وروت قصة مصر والعرب في أبهى صورها.
إن قرار الرئيس برقمنة هذا الإرث يعني أن مصر لا تنظر إلى ماضيها بعين الحنين فقط، بل تسعى لأن تمنحه حياة جديدة، ليبقى حيًا في ذاكرة الأجيال، ويصل إلى كل بيت على هذا الكوكب.
## رؤية السيسي... حين يلتقي الماضي بالمستقبل
إطلاق الموقع العالمي لإذاعة القرآن الكريم ليس مجرد مشروع تقني، بل هو *جسر بين القرون*، يربط أصوات القراء الأوائل بالجيل الرقمي الذي يعيش على الشاشات والأجهزة الذكية. إنها رسالة بأن تراث الأمة ليس أسير رفوف الأرشيف، بل نورٌ متجدد يُبث للعالم في ثوب يليق به.
## مصر... باقية ما بقي الزمان
برعاية الرئيس السيسي، تعود مصر لتقول للعالم: هنا منبع الأصالة، وهنا الحارس الأمين لتراث الأمة. فمن القاهرة، منارة القرآن والعلم، ينطلق صوت الحق من جديد، ليعانق السماء ويصل إلى آذان وقلوب المؤمنين في كل مكان، مؤكدًا أن مصر كانت وستبقى قلب العروبة والإسلام النابض، وحاملة مشعل الحضارة جيلاً بعد جيل.