هيرمس
    مصر
  • 29℃ القاهرة, مصر

رئيس مجلس الإدارة

طارق لطفى

رئيس التحرير

أحمد سليمان

ثورتا يوليو ويونيو .. وزعيمان قلما يجود بمثلهما الزمان

 

23 يوليو 1952 تاريخ خالد في ذاكرة المصريين ، يوم لا ينسى في حياة الوطن والمنطقة بأكملها ففيه قامت أم الثورات التي كانت بمثابة شرارة البدء لكل حركات التحرر التى قامت فى المنطقة بأثرها، واستلهمت منها قيم الحرية والعدالة والعيش الكريم ،وهي الثورة التي أنهت سنوات الظلم والاستبداد وأعادت مصر إلى أهلها بعد أن تخلصت من كل القيود وأصبحت النموذج الملهم لكل الثورات وأيقونة كل البلدان المحتلة التي كانت ترغب في رفع أغلال الاحتلال من حول أعناقها.

وتطل الذكرى الثالثة والسبعون للثورة المباركة على مصر ، وهي تؤسس لعصر الجمهورية الجديدة بعد قيام الثورة الأهم في حياة المصريين في القرن الحادي والعشرين ثورة 30 يونيو التي غيرت مجرى التاريخ في مصر والمنطقة وأفشلت مخططات التقسيم والهدم والخراب وأعادت البناء والعمران في كل مكان بعد القضاء على أخوان الشياطين الذي تحالفوا مع أهل الشر لتحقيق مآربهم دون الألتفات لمصلحة الوطن .

نجاح الثورتين في تحقيق أهدافهما رغم الفارق الزمني الكبير بينهما يثبت أن وحدة الشعب مع جيشه والتفافه حول قائده الملهم ستظل دائما نظرية عبقرية مصرية خالصة قادرة على قلب موازين الكون والوقوف ضد الطغيان والمؤامرات والإرهاب ، وأنها وحدها قادرة على الحفاظ على وحدة الوطن وسلامة أراضيه وأن تلك النظرية قادرة على إفشال أي محاولات للهدم أو التخريب والتفتيت.

أوجه الشبه بين ثورتي 23 يوليو و30 يونيو كثيرة ولعل أبرزها أن كلا منهما قدم قائدا ملهما لمصر ففي زمن يوليو ظهر الرئيس الراحل جمال عبدالناصر البطل الذي التحم بالشعب وتحول لايقونة لثورة يوليو بعدما نفذ إلى قلوب كل المصريين وكان عشقهم الأول بعدما بذل كل حياته لخدمة وطنه وحمل على عاتقه مسئولية تحقيق العدالة الاجتماعية التي عرفها المصريون بعد ثورة يوليو فكان ناصر قائدا ملهما تاريخيا، وهو ما تكرر في 30 يونيو عندما حاول الأخوان استمالة الفريق عبدالفتاح السيسي قائد القوات المسلحة حينها ،ولكنه أبى إلا أن يحافظ على الأمانة التي أقسم على حفظها وجازف بحياته وأعلنها صراحة أن الموت أفضل له من أن تخيف الآلة الإرهابية المصريين وأكد أن الجيش لن يقف إلا في صف المصريين ومصلحة الوطن فقط فهو جيش وطنى خالص لا يعرف التحزب ولا يعمل لصالح جماعات ، فدخل السيسي قلوب المصريين من أوسع الأبواب وحملوه على الأعناق بعدما ساند إرادتهم وأنجح ثورتهم في الثلاثين من يونيو 2013.
ومثلما ارتضى المصريون بناصر زعيما ملهما ، خرجت الملايين لتفويض السيسي لحمايتهم من العمليات والمخططات الإرهابية ، ولم يعودا لمنازلهم إلا وقد نجحوا في ذلك بعدما تحول لأيقونة الفداء والتضحية ، وقد عكس التفاف الشعب حول السيسى وحبهم له مدى الشعبية التى يتمتع بها ووعيه التام بالأمانة الملقاة على عاتقه تجاه بناء الوطن وإعادة وضعه على الطريق الصحيح.

أيضا لم يكن طريق الثورتين ممهدا بالورود ، فقد أشعلا حقد الكارهين والمتآمرين فنجاح ثورة يوليو كان بمثابة نقطة الانطلاق التي كانت تقضي على مصالح الدول العظمى المحتلة في المنطقة وتنهي سنوات الاستبداد والاستيلاء على ثروات شعوب المنطقة وهو ما قوبل بردود أفعال عنيفة لإفشالها ، وهو ما تكرر مع ثورة 30 يونيو التي قضت على مخططات تفتيت المنطقة في مقتل وكتبت نهاية المخطط الذي قادته الجماعة الإرهابية لتقسيم الوطن إلى أربعة دويلات صغيرة وضياعه مثلما ضاعت دول شقيقة أخرى لم تعد حتى الآن ، لكن وعي المصريين وخروجهم بالملايين واستجابة القوات المسلحة لصوتهم كان بمثابة الاستفاقة من الغمة ونهضة للأمة فكان العقاب من أهل الشر ومعاونيهم ومموليهم  في الداخل والخارج بسيل من العمليات الإرهابية نجح رجال القوات المسلحة في صدها وافتدوا الوطن بأرواحهم وفي سبيل ذلك قدموا شهداء أبطالا سيظلون خالدين في تاريخ الوطن واسمهم مسجل بأحرف من نور شاهد عيان على غدر الجماعة الإرهابية وأفعالها الخبيثة ومآربها الخسيسة.

ويشهد التاريخ أن ثورتي يوليو ويونيو واجها التنظيم الإرهابي لجماعة الشيطان فقديما قال الزعيم ناصر "الإخوان ملهمش أمان" تعقيبا على تجنيدهم من قبل المخابرات البريطانية والأمريكية وبعد قيامهم بعدد من الاغتيالات توجوها بحادث المنشية الشهير ، بمحاولة اغتيال الرئيس جمال عبدالناصر الذي قرر القضاء عليهم، وأعدم بعض قياداتهم من الخونة، وطرد بعضهم خارج البلاد، وفي ثورة يونيو انتفض الشعب ضد الفاشية الدينية وحملات الترويع والتهديد، واستشعر وزير الدفاع آنذاك السيسى أن الجماعة الإرهابية سوف تمارس أدبياتها فى القتل والتخريب، فطالب الشعب بالنزول لمنحه تفويضا لمواجهة الإرهاب، والتطرف الإخوانى من خلال القوات المسلحة والشرطة، ونزل أكثر من ٣٠ مليون مواطن، ومنحوا وزير الدفاع التفويض، وبفضل شجاعة وجسارة أولاد مصر من رجال الجيش والشرطة أصبحت مصر آمنة ومستقرة، وتم دحض الإرهاب وذهبت الجماعة الإرهابية بلا رجعة.

وتتعدد أوجه الشبه بين الثورتين فقد شقا طريق الأمل لبناء جمهورية حديثة على أسس العدالة الاجتماعية فبعد نجاح ثورة يوليو فى تحقيق أهدافها فى الحرية والاستقلال واسترداد الشعب لحقوقه المسلوبة أصدر جمال قانون الإصلاح الزراعى الذى انتصر للفلاح ضد الإقطاع والرأسمالية، وشيد عبدالناصر العديد من المشروعات القومية مثل السد العالى ومصنع الحديد والصلب وغيرها من المشروعات والقوانين التي كانت نواة الدولة الحديثة.
أما ثورة 30 يونيو فقد شقت الطريق لبناء الجمهورية الجديدة الحديثة التي أرسى قواعدها الرئيس عبدالفتاح السيسي بتدشين العديد من المشروعات العملاقة في كافة المجالات إسكان وزراعة وصناعة وكهرباء وقناة سويس جديدة ومحور قناة السويس وإنشاء سلسة من مدن الجيل الرابع في مقدمتها العاصمة الإدارية الجديدة وإنشاء شبكة طرق عملاقة بلغت ٧ ملايين كم ربطت أرجاء المحروسة ومهدت الطريق للمستثمرين .

واختم حديثى بان أهم وجه شبه جمع  بين ثورتي يونيو ويوليو هو الغاء التبعية وأصبح القرار الوطني نابعا من إرادة مصرية خالصة تبحث عن مصلحة الوطن وحده فأسقطت ثورة يوليو النظام الملكي وانهت حقبة الاحتلال وأصبحت جمهورية مصر العربية دولة محورية في المنطقة وساندت كل حركات التحرر في الدول العربية ورفضت الوصاية بكافة أشكالها.
وكذلك بعد نجاح ثورة 30 يونيو تحررت مصر من كل أشكال التدخل في القرار المصري فقد حمل الرئيس السيسي على عاتقه مسئولية إعادة مصر إلى مكانتها اللائقة بها بين الأمم ، وانتهج سياسة خارحية اعتمدت على الندية والمصالح المشتركة ورفض أي تبعية أو تدخلات في الشأن المصرى وأفشل كل المحاولات التي كانت تعمل على لي ذراع مصر فأعاد لأم الدنيا هيبتها ومكانتها اللائقة بها على المستوى الأقليمى والدولى.