هيرمس
    مصر
  • 29℃ القاهرة, مصر

رئيس مجلس الإدارة

طارق لطفى

رئيس التحرير

أحمد سليمان

نظرة      

لنصنع صيفًا مختلفًا

 

مع انطلاق الإجازة الصيفية لمعظم المراحل التعليمية، تبرز تحديات جسيمة تواجه أبناءنا. ففي عصر تُسيطر فيه الهواتف الذكية ومنصات التواصل الاجتماعي، يتحول وقت الراحة الثمين إلى ساحة لاستنزاف الطاقة الذهنية وإهدار الساعات في محتوى تافه، صُمم بمهارة لاصطياد الانتباه وجني الأرباح على حساب عقول شبابنا. إنه إدمان خفي، يبني عالماً وهمياً من الإثارة الكاذبة، ويُضعف القدرات الفكرية لمن يقعون في شباكه.

لا يقتصر الخطر على إضاعة الوقت فحسب، بل يتعداه إلى تشكيل عقلية سلبية. فالمحتوى السائد يروج للسهولة والثراء الوهمي، ويُغري بالحلول السريعة التي قد تدفع بعض الشباب اليائس نحو الانحراف أو تجارة المحرمات، متأثرين بصورة مشوهة للنجاح تقدمها بعض المسلسلات والأفلام. هذا بالإضافة إلى ترسيخ ثقافة الاعتماد الكامل على الآباء، وانتظار المعلب الجاهز، دون بذل الجهد أو التفكير في بناء الذات.

 

حان الوقت لتغيير ثقافة الإجازة الصيفية من جذورها! علينا أن نتحول من ثقافة "الفراغ" و"الاستهلاك" إلى ثقافة "البناء" و"الإنتاج". الثقافة الحقيقية ليست مجرد قراءة وكتابة فحسب، بل هي أيضاً اكتساب المهارات العملية – مهما كانت بسيطة – التي تنفع الفرد في بيته ومجتمعه.

 

هذه فرصتنا الذهبية لغرس قيم العمل الجاد، وتنمية الاعتماد على النفس، وتقوية المهارات الحياتية، وتعلم كسب المال بشرف  و جهد وسعي، لا بالحيلة أو البطالة. ويمكن تحقيق ذلك عبر:

 

برامج التدريب الميداني: فتح أبواب المصانع والورش والمؤسسات الحرفية والمدارس الفنية لاستقبال الطلاب في برامج تدريبية قصيرة. تعلم أساسيات النجارة، التوصيلات الكهربائية البسيطة، صيانة الأجهزة المنزلية، البرمجة الأساسية، الزراعة، التصوير، أو حتى إدارة مشروع صغير  استخدام أدوات الذكاء الاصطناعى

 

 تنظيم ورش في الأندية والمراكز الثقافية لتعليم الحرف اليدوية (كالتطريز، ، صناعة الإكسسوارات)، أو مهارات مثل الطبخ الصحي، التصميم الجرافيكي، أو الإسعافات الأولية.

 

 توجيه الأبناء نحو فرص العمل الصيفي المناسبة لأعمارهم وقدراتهم (في المحلات، المزارع، مراكز الدعم الفني، تعليم الأطفال الصغار... إلخ)، لاختبار قيمة المال وجهد كسبه.

 

 تحفيز الأبناء على إنشاء مشروع صيفي صغير من المنزل، مثل بيع منتجات يدوية صنعوها، أو تقديم خدمة (تنظيم مكتبات إلكترونية، مساعدة كبار السن في التقنية).

 

يبدأ التغيير من البيت. على الآباء والأمهات الحديث مع أبنائهم حول مخاطر الإفراط في استخدام الموبايل وضرورة استثمار الوقت. كما أن على المؤسسات التعليمية والجهات الحكومية والقطاع الخاص التكاتف لخلق بيئة داعمة توفر هذه الفرص التدريبية والعملية بسهولة وانتظام.

 

الإجازة الصيفية ليست استراحة من التفكير والعطاء، بل هي فرصة ثمينة لتنمية جوانب مختلفة من شخصية أبنائنا. فلنستثمرها في بناء إنسان قادر، واثق، وماهر، يعتمد على نفسه ويساهم في بناء وطنه. فلننقذ صيف أبنائنا من وهن الشاشات، ولنوجههم نحو قوة المهارات وكرامة العمل وإثمار الجهد. ..المستقبل يبدأ من اليوم و كيف نقضي هذا الصيف.