العلاقات المصرية الدنماركية منذ التمثيل الدبلوماسى بين البلدين فى ١٩٢٢ لاترقى لعمق هذا التاريخ الذى تجاوز قرنًا من الزمان رغم استقرارها على مدار تلك الفترة التى شهدت الدعم والمساندة والمشاورات المتبادلة فى إطار المصالح المشتركة، لكن فى الحقيقة كل ماتم من فاعليات لا يلبي طموحات البلدين بسبب تواضع هذا التمثيل حيث تُعد زيارة الدولة التي قام بها الرئيس عبد الفتاح السيسي للدنمارك هى الأولى لرئيس مصرى منذ نشأة العلاقات بين البلدين.
القيادة السياسية فى مصر أدركت أهمية التواصل مع جميع دول العالم ووضعت رؤية على مدار العشر سنوات الماضية لتوطيد علاقة مصر الخارجية فى إطار رؤية المصالح المشتركة والتنسق والتكامل وتحقيق العدالة والتسامح والمساوة ونبذ الخلافات والإرهاب وغيرها من القيم التى تدعو للسلام والمحبة، هذا الدور المتوازن نجحت مصر فى تحقيقه بقوة وأصبح لها مكانة كبيرة وسط العالم ،مكانة قائمة على الثقة المتبادلة باعتبارها دولة محورية فى منطقة الشرق الأوسط، هذا واضح بشدة فى علاقاتها المتميزة مع كل الدول والوقوف على مسافة واحدة من الجميع، الأمر الذى ساهم بشكل كبير فى إحترام وحرص الدول الكبرى فى التعاون مع مصر والدخول معها فى تكتلات اقتصادية مثل البريكس والمشاركة فى مجموعة العشرين للمرة الرابعة بدعوات من زعماء الصين واليابان والهند والبرازيل، هذا بجانب المشاركة فى العديد من الفاعليات العالمية التى تعقد فى عواصم دول قارات العالم.
وحتى لانخرج عن سياق حديثنا نعود مرة أخرى إلى الدنمارك والمصير المشترك واستقبالها الحافل للرئيس عبد الفتاح السيسى فى رحلته لشمال أوروبا تنتهى فى جمهورية ايرلندا بعد مملكة النرويج، حيث تم رفع العلاقات مع الدنمارك إلى مستوى الشراكة الاستراتيجية وافتتاح المؤتمر الاقتصادى فى كوبنهاجن وتشكيل مجلس الأعمال المصرى الدنماركى وتوقيع العديد من مذكرات التفاهم التى تصب فى مصلحة البلدين على كافة المجالات ما بين زراعة وصناعة وصحة وتعليم وغيرها من المجالات التي تدعم اقتصاد البلدين خاصة وأن الدنمارك اختارت مصر مدخلها الأساسي للسوق الأفريقي والشرق الأوسط.
الاستقبال الكبير للرئيس عبد الفتاح السيسي فى الدنمارك يليق بمصر وشعبها وقيادتها حيث تفاعل معها الشارع الدنماركى خاصة الحفاوة الكبيرة من الملك ورئيسة الوزراء ورئيس مجلس النواب ورؤساء الشركات العملاقة فى حجم "ميرسك" و"شركاء كوبنهاجن للبنية التحتية "وغيرهم من شرائح المجتمع الدنماركي.
ماحدث فى زيارة الرئيس للدنمارك يؤكد أن هناك انطلاقة كبرى فى العلاقات الاقتصادية والاستثمارات الدنماركية خاصة فى مجالات النقل البحري وإنشاء محطات الحاويات وتطوير الموانئ وغيرها من اللوجستيات الهامة، هذا بجانب التوسع فى إنتاج الهيدروجين الأخضر والأمونيا الخضراء والطاقة الجديدة والمتجددة بما يخدم التحول للاقتصاد الأخضر وتحويل مصر لمركز اقليمى لإنتاج الهيدروجين الأخضر كل هذه الطموحات تتحقق بالتعاون مع الدنمارك حيث تمتلك مقومات نجاح هذه الانشطة بمالديها من خبرات واسعة وتكنولوجيا كبيرة متقدمة ونظم معلومات حديثة .