هيرمس
    مصر
  • 29℃ القاهرة, مصر

رئيس مجلس الإدارة

طارق لطفى

رئيس التحرير

أحمد سليمان

أبيض وأسود

السينما والهوية المصرية


نتحدث كثيرا عن دور السينما في تنمية الوعى الاجتماعي، وهو واحد من الأدوار شديدة الأهمية التي تلعبها السينما في مصر والعالم منذ عشرات السنين ، وكنت أتمنى دائما الحديث عن فيلم "أم العروسة" إخراج عاطف سالم عام 1963 وهو مأخوذ عن قصة لعبد الحميد جودة السحار وسيناريو عبد الحي أديب، ورغم بساطة الفيلم إلا أن وزارة الثقافة رشحته لتمثيل مصر فى مسابقة الأوسكار وقد عبر بعض النقاد وقتها عن دهشتهم لهذا الترشيح، الذي جاء بسبب صدق الفيلم في تصوير حال الأسرة المصرية في ستينيات القرن العشرين.
يتحدث الفيلم عن أسرة مصرية تعيش في السيتنيات بأسلوب الثلاثينيات بالاعتماد الكامل على الآب وحده "عماد حمدي" بدون عمل الزوجة "تحية كاريوكا" المتفرغة تماما لإنجاب 11 ولدا وبنتا في مراحل التعليم المختلفة، والابنة الكبرى "سميرة أحمد" لم تستكمل تعليمها وبالتالي لا تعمل مثل أمها وهى بذلك لن تستطيع المساهمة في تكاليف تجهيز نفسها للزواج، لذلك عندما يتقدم لها العريس "يوسف شعبان" يصبح الأب مطالبا وفي أضيق وقت باستكمال مصاريف الزواج ويضطر للتقدم بطلب لاستبدال معاشه ، وحتى تأتى الموافقة يأخذ المبلغ الذي يحتاجه من خزينة الشركة ويطلب من زميله "مرقص أفندى" مساعدته حتى إتمام زواج الابنة وهى بالمناسبة "البكرية" فكيف سيكون الحال عند زواج شقيقاتها البنات. 
الفيلم يثير عددا كبيرا من القضايا الاجتماعية الشائكة، أولها ضرورة عمل المرأة سواء كانت الأم أو الابنة لتخفيف العبء الاقتصادي على الأب ، كذلك من الضرورى تحديد النسل لأنه ليس من المنطقي أن تنجب الأسرة 11 طفلاً مثلما كان يفعل أجدادنا في القرن التاسع عشر وهو ما جعل أعدادنا تتضاعف عشرات المرات في القرن الواحد، كذلك من الضروري زيادة قيمة الأجور وبداية التفكير في تكوين صندوق الزمالة للعاملين بالشركات والمؤسسات وهو ما يساهم كثيرا في دعم قيمة مكافأة نهاية الخدمة.
بالطبع الذى يجلس لمشاهدة الفيلم يستمتع بالجودة الفنية وليس بالضرورة التفكير في معاناة الأب ومشاكل الأسرة المصرية .. ورسائل الفيلم تصل من خلال الدراما حيث مستوى كتابة السيناريو والتصوير والإخراج والأداء التمثيلي الجميل لعماد حمدى وتحية كاريوكا وسميرة أحمد ويوسف شعبان وحسن يوسف ومديحة سالم وإحسان شريف وملك الجمل وعدلي كاسب والطفلة إيناس عبد الله وغيرهم، ولولا الأداء الفنى المتقن لهؤلاء لعجز الفيلم عن تقديم رسالة واحدة من الرسائل الاجتماعية التي يريد تقديمها.
وفى النهاية تبقى الإشارة إلى أن فيلم "أم العروسة" واحد من الأفلام التي تساهم في تعزيز الهوية المصرية، بمعنى تبصير المشاهد بالواقع الاجتماعى المصرى ومحاولة التأثير عليه من أجل تنمية الوعى بضرورة مساهمة المواطن في حل مشاكله الاجتماعية.