هيرمس
    مصر
  • 29℃ القاهرة, مصر

رئيس مجلس الإدارة

طارق لطفى

رئيس التحرير

أحمد سليمان

قهوة الصباح

معنى السيادة يا سادة

 

السيادة ليست كلمة تقال في خطابات المناسبات، ولا لافتة ترفع في ساحات المزايدة السياسية، وإنما هي ممارسة حقيقية، جوهرها الاستقلال في القرار، والقدرة على قول لا وقتما يحاول الآخرون فرض نعم.. السيادة يا سادة أن تمتلك الدولة إرادتها الحرة، وأن تحدد بنفسها أولوياتها وخياراتها دون أن تملى عليها قوة من الخارج ماذا تفعل ومتى تفعل هي القدرة على رسم الخطوط الحمراء. والجرأة على إعلانها أمام الجميع، والإصرار على الدفاع عنها مهما كان الثمن. 

 

مصر حين تحدثت عن السيادة لم تتحدث من فراغ بل من تجربة تاريخية وواقع معاصر. حين أعلن الرئيس عبد الفتاح السيسى أن أمن ليبيا خط أحمر، ارتجت عواصم العالم، وفهمت القوى الإقليمية والدولية أن القاهرة وضعت حدا فاصلاً بين الممكن والممنوع لم يكن ذلك مجرد تصريح، بل كان موقفا يترجم معنى السيادة الحقيقية أن الدولة قادرة على حماية أمنها القومي، وأنها ومنذ تلك لن تسمح لأحد بالعبث بجوارها الإستراتيجي. ومنذ: اللحظة تغيرت قواعد اللعبة في ليبيا، وتراجعت حسابات المغامرين، لأن مصر قالت بوضوح: هذه حدود لا تمس. 

 

ونفس المعنى يتجلى في قضية مياه النيل مصر، التي عاشت على ضفاف النهر آلاف السنين، لم تترك حقها التاريخي رهينة لمفاوضات عبثية أو مساومات سياسية أكدت للعالم أن المياه مسألة وجود، وأن النيل ليس مجرد نهر بل شریان حياة. ورغم ما واجهته من ضغوط، تمسكت القاهرة بموقفها الثابت، وأدارت الملف بحكمة، توازن بين يد تمتد للتفاوض ويد أخرى قادرة على الردع هذا هو معنى السيادة يا سادة أن ترفض أن يتحكم الآخرون فى مصيرك، وأن تعلن أن حقوقك لا تقبل المساس. 

 

السيادة ليست عنادا أعمي، لكنها عقل راجح وإرادة صلبة. أن تعرف متى تلين ومتى تشدد، متى تفاوض ومتى تحسم. متى تصمت ومتى تصرخ. وهذا ما فعلته مصر في كل الملفات الإقليمية. فهي لا تنحاز إلا لمصالحها الوطنية، ولا تساوم على استقلال قرارها. فحين يضغط الشرق والغرب، تظل القاهرة واقفة في الوسط، تمسك بميزان مصالحها، وتقول: لا تحالف يملى علينا، ولا قرار يصدر باسمنا دون إرادتنا. 

 

من يتأمل تاريخ هذا الوطن يدرك أن السيادة لم تكن يوما رفاهية، بل ضرورة للبقاء في حرب أكتوبر 1973 كانت السيادة هي القرار بالعبور، رغم أن العالم كله تقريبا كان يرى العبور مستحيلاً في مواجهة الإرهاب كانت السيادة هي أن ترفض مصر الاستسلام لمخططات التقسيم، وأن تخوض معركتها منفردة دفاعا عن شعبها. وفي الاقتصاد كانت السيادة أن تقرر الدولة أن تبنى بنفسها، وتستصلح أراضيها ، وتضاعف رقعة المعمور من 6 إلى 14 ، دون انتظار معونات أو إملاءات. 

 

السيادة الحقيقية يا سادة ليست في رفع الشعارات بل في القدرة على صناعة القرار الحر. هي أن تعيش الدولة مستقلة في إرادتها ، لا تبيع قرارها بثمن بخس، ولا تخضع لابتزاز سياسي أو اقتصادي ومصر اليوم، وهي تواجه عواصف المنطقة، تثبت يوما بعد يوم أنها . م أنها صاحبة قرار لا تساوم على أمنها، ولا تتهاون في حقوقها، ولا تسمح لأحد أن يخط لها طريقها. 

 

قد يسميها البعض دبلوماسية الخطوط الحمراء». لكن في الحقيقة هي فلسفة حكم عنوانها أن الاستقلال ليس مجرد علم يرفرف فوق مبان حكومية، بل إرادة راسخة تنعكس في كل قرار سياسي أو عسكرى أو اقتصادي الخطوط الحمراء التي تضعها مصر ليست للتجميل الإعلامي، بل حدود واقعية يعرفها العالم جيدا، ويحسب لها ألف حساب. 

 

یا سادة معنى السيادة أن تعرف مصر حجمها، وتدرك قدرها، وتتمسك بحقوقها. أن تقول للعالم: لدينا لاء اتنا التي لا نتنازل عنها . لا للتفريط في الأرض، لا للمساس بالمياه، لا للاعتداء على الأمن القومي. هذه هي السيادة الحقيقية التي تعلنها مصر، لا في مقالات ولا في خطابات بل في المواقف والقرارات.

 

إن السيادة ليست كلمات رنانة، وإنما فعل صلب يترجم إلى مواقف ومصر حين تعلن لاء انها ، فهي تقول للعالم إنها دولة لا تنحني، ولا تنكسر، ولا تسمح لأحد أن يقرر عنها . هذه هي السيادة الكاملة غير المنقوصة، وهذا هو الدرس الذي تقدمه مصر للعالم أن الاستقلال قرار وإرادة قبل أن يكون جغرافيا وحدودا. 

 

معنى السيادة يا سادة أن تكون سيد قرارك، ومصر كانت ومازالت وستظل سيدة قرارها.