وهَبَ اللهُ تعالى مصرَنا الحبيبة عدّة امتيازات واختصاصات تفرَّدت بها، أهمّها ما جاء على لسان سيّدنا موسى- عليه وعلى نبيِّنا الصلاة والسلام- قوله عزَّ وجلَّ في سورة البقرة ٦١: "...اهْبِطُوا مِصْرًا فَإِنَّ لَكُم مَّا سَأَلْتُمْ..."، ما سألتم من أيّ شئ وكلّ شئ تسألون عنه أو تطلبونه، من أمْنِ الجِسم والرّوح، متطلّبات الحياة أو أجْر الآخرة، من أيّ الاحتياجات والمطالِب الإنسانية.
من هنا نعيش نحن المصريين، فى كَنَف المولَى سبحانه، آمنين مطمئنين على حياتنا الدنيوية والأُخروية- إن شاء الله- لا يضُرّنا ولا يُخيفنا ما يُكيده أو يدبِّره الأعداء والحاقدون، "وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ ۖ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ" (الأنفال: 30).
والأيام والأحداث الأخيرة، أكّدت لكلِّ ذِي عينين بصيرتين وعقْل مُدْرِك، هذه الحقيقة الإلهية التى لا جِدال ولا مِراء فيها.
فكمّ من الدول والحكومات سعَت وخطّطت لسَلْبِ مكانة مصر وسرقة دورها وريادتها، لكن هيهات وأنَّى يحدث ذلك؟!
فحينما اشتدّ الخَطْب، لم يجد العالَم سوى مصر لطلب الأمن والسلام العالمي، وبدورها لم تتأخّر مصر- كما لم تُقصِّر طوال تاريخها- فاحتضنت القمَّة الدولية في "قمة شرم الشيخ للسلام" بمدينة شرم الشيخ، أمس الاثنين ١٣ أكتوبر، برئاسة مشتركة بين السيد الرئيس عبدالفتاح السيسي والرئيس الأمريكي دونالد ترامب، بمشاركة ٣١ دولة ومنظمة دولية وإقليمية، سعيًا لإنهاء الحرب في قطاع غزة، وتعزيز جهود إحلال السلام والاستقرار في منطقة الشرق الأوسط، وفتْح صفحة جديدة من الأمن والاستقرار الإقليمي. انطلاقًا من رؤية الرئيس ترامب لتحقيق السلام في المنطقة، وسعيه الحثيث لإنهاء النزاعات حول العالم. ولهذا السبب قرر الرئيس السيسي إهداء الرئيس ترامب، قلادة النيل، تقديرًا لإسهاماته البارزة في دعم جهود السلام، ونزع فتيل النزاعات، وآخرها دوره المحوري في وقف الحرب في غزة.
وأكد أن مصر ستظل سنداً للشعب الفلسطيني، وداعمة لهذا الصمود، ولحقوقه المشروعة غير القابلة للتصرف بما في ذلك حق تقرير المصير، وحقه في العيش بأمان وسلام، مثله كمثل باقي شعوب العالم، في دولة مستقلة تعيش جنبًا إلى جنب مع إسرائيل، وعلى أرضه بغزة والضفة الغربية بما في ذلك القدس الشرقية، تحت قيادته الشرعية وعلى خطوط الرابع من يونيو لعام ١٩٦٧، وفقًا للقانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية ذات الصلة.
وأن مصر تتطلع لتحقيق السلام، وستتعاون مع الجميع، لبناء شرق أوسط خال من النزاعات، شرق أوسط يتم بناؤه على العدالة والمساواة في الحقوق، وعلى علاقات حسن الجوار والتعايش السلمي بين جميع شعوبه بلا استثناء.
***
قبل هذه "القمَّة" بأيام قلائل بعَث فخامة الرئيس السيسي بعدّة رسائل مهمّة، للداخل المصرى وللخارج أيضا، حين شهد احتفال أكاديمية الشرطة بمناسبة يوم الخرِّيجين، والاحتفال باليوبيل الذهبي لأكاديمية الشُرطة، برعاية اللواء محمود توفيق- وزير الداخلية- وإشراف اللواء د. نضال يوسف- مساعد وزير الداخلية، رئيس أكاديمية الشرطة- حيث وجّه الرئيس رسالة طمْأنة إلى الشعب المصري بشأن الأوضاع الداخلية والخارجية، موضّحًا أنه رغم المرحلة الصعبة التي تمُرُّ بها منطقتنا، فإن الأمور في مصر تسير على خيرٍ بفضل الله أولًا، ثم بفضل الشعب المصري العظيم. وأخْذًا في الاعتبار أن مصر قد واجهت منذ عام ٢٠١٣ وحتى الآن ظروفًا قاسية وإرهابًا عنيفًا، إلا أنه تم التمكُّن من هزيمة الإرهاب وتجاوز الظروف بفضل الله وأبناء مصر من الجيش والشُرطة والأجهزة المعنية.
وأكّد الرئيس أن أيّ تهديد لا ينبغي أن يثير قلَق المصريين، طالما أنهم جميعًا متّحدون، مشيرًا إلى أنه يمكن تجاوز كل تحدٍ والتصدّي لكل خطر، داعيًا المصريين إلى الحفاظ على ترابطهم، ومؤكّدًا أن الصبر والصلابة هما السبيل لتجاوز أي أزمة.
وفي رسالة واضحة من الرئيس إلى الشعب المصري، وجّه كل الشكر والتقدير للمصريين، مؤكّدا أنهم شعب أصيل وكريم، وأن القادم أفضل بإذن الله، وأنه لا يمكن لأحد أن يُلحق الضرَرَ بمصر طالما أن المصريين جميعًا على قلب رجل واحد.
ووجّه الرئيس التحية والتقدير إلى الأُسَر التي قدّمت أبناءها لخدمة الوطن، كما وجّه رسالة إلى الخرّيجين والخرّيجات مفادها أنهم يتحمَّلون مسئولية عظيمة بعد تأهيلهم وتدريبهم، وهي حماية أمن وسلامة الوطن، وبالتالي يتعيَّن أن يكونوا قدوة لأبناء الشعب.
ودعا الرئيسُ أكاديمية الشُرطة والأكاديمية العسكرية المصرية إلى دراسة إمكانية إتاحة الفرصة لطلاب الجامعات المصرية للتعايش لمدّة أسبوع أو أكثر مع إخوانهم من أبناء الشُرطة والجيش، في إطار تطوير الأداء وتعزيز روح التآخي بين مؤسسات الدولة والشعب.
وبالنسبة للوضع الاقتصادي، أشار الرئيسُ إلى أن المؤشِّرات تتحسَّن باستمرار، وأنه لا توجد دولة تخلو من التحديات، وأن دور الشباب هو إحداث التغيير الإيجابي في جميع المجالات، مؤكّدًا مجدَّدًا أنه رغم الظروف المحيطة، فإن موقف مصر الاقتصادي يشهد تحسُّنًا ملحوظًا.
وفيما يتعلّق بالوضع الخارجي، أشار الرئيس إلى مرور عامين على اندلاع حرب غزّة، وأنها حرب قاسية تمرُّ بها المنطقة، وخاصة في قطاع غزّة، مؤكّدًا أن مصر كانت دائمًا حريصة على التفاعل الإيجابي مع القضية الفلسطينية، مُعْرِبًا عن تقديره واحترامه الشديد للرئيس "ترامب" على إرادته الحقيقية في إنهاء الحرب، مؤكّدًا دعم مصر لكل جهد يُبذَل من أجل إيجاد حلٍّ، وبدء عملية الإعمار لصالح شعب غزّة والشعب الفلسطيني في الضفة الغربية.