هيرمس
    مصر
  • 29℃ القاهرة, مصر

رئيس مجلس الإدارة

طارق لطفى

رئيس التحرير

أحمد سليمان

طيب القول

أكتوبر العزَّة والفَخَار.. طريق التنمية والازدهار



على مدى نصف قرن، ويزيد عامين، نستذْكر معًا بالعزَّة والفَخَار ما حقَّقه الجندي المصري فى السادس من أكتوبر 1973م/ العاشر من رمضان 1393هـ، من انتصار هو للإعجاز الربّاني أقرَبُ منه للانتصار العسكري، بكلّ المقاييس والمعايير العقلية البشَرية المحدودة، نظرًا للفارق الكبير فى العتاد والمُعدَّات والتجهيزات والأسلحة المتوفِّرة لدى كلّ طرف، فالكفَّة ليست فى صالحنا- آنذاك- ومع ذلك اقتحمنا غِمار المعركة وعقيدتنا الثابتة الراسخة، قول الحق سبحانه وتعالى: "وَلَا تَهِنُوا فِي ابْتِغَاءِ الْقَوْمِ ۖ إِن تَكُونُوا تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمُونَ ۖ وَتَرْجُونَ مِنَ اللَّهِ مَا لَا يَرْجُونَ ۗ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا" (سورة النساء: 104)، فتحقّق وعدُه عزَّ وجلَّ "وَمَا جَعَلَهُ اللَّهُ إِلَّا بُشْرَىٰ وَلِتَطْمَئِنَّ بِهِ قُلُوبُكُمْ ۚ وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِندِ اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ" (سورة الأنفال: 10).
فقد دخل المصريون- جنودٌ ومدنيون- المواجهة مع العدوّ المحتل، الغاصب للأرض والعِرض، بـ"عقيدة" إيمانية لا يخالطها شكٌّ فى أن النصر من عند الله، وتجارب وشواهد التاريخ تؤكّد وتُخبِر أن نصر المسلمين لم يكن أبدا وليد التفوّق سواء فى العتاد أو العَدَد، وإنما فى "القوّة الإيمانية" التي يتميّز بها عباد الله المؤمنين، لذلك كان الشِّعار بل الصيحة المدوّية فى سماء سيناء بأسْرها (الله أكبر) التى اهتّزت لها أركان المنطقة كلّها فكانت بردا وسلاما على قلوب المصريين جميعا، بل قوّة وعزيمة ومُحفِّزا وأقوى دافع للجندي المصري فى تحدي الصعاب والعقبات مهما كانت، وفى ذات الوقت كانت "الصيحة" مزلِزلة للأرض تحت أقدام عدوِّهم الذى انهار بالرّعب والخوف ففرَّ مذعورا مدحورا، ومَن توقَّف مكانه وقع فى الأسْر أو قتيلا مصروعا.
فما أحوجنا ونحن نواجه تحديات جِسام على مختلف الأصعدة والجبهات، أن نتسلَّح بما تسلَّح به أسلافُنا قريبي العهد بنا والذين لم يمُرّ على بطولتهم سوى نصف قرن ويزيد قليلا!
وأستشعر هذه الروح (الأكتوبرية/ الرمضانية) فى كثير من المشاريع العملاقة والإنجازات التى تحقّقت فى السنوات القليلة الماضية، فنحن نمرُّ بنفس الظروف والأوضاع، وربمّا تكون أشدّ قسوة وضراوة، لكن بفضل الله، وبقوّة العقيدة التي تتمكّن من قلوبنا، نصنع المعجزات فى كل الصعوبات التى تواجهنا أو التحديات التى نقتحمها.
ولولا فضل الله تعالى علينا، ثم تمسُّكنا بهذه "الروح" لوقعنا فيما لا يُحمد عقباه من أزمات ودَرَكَات انزلق إليها كثيرون كانوا "ملء السمع والبصر" بإمكاناتهم المادية والبشرية والعلمية.
فنحن ننطلق من إيماننا العميق بحفظ الله ورعايته لـ"أُمّ الدنيا" مصر المحروسة، كنانة الله فى أرضه، التى شرَّفها الخالق سبحانه وتعالى بالتجلِّي الأعظم على بقعة من أرضها العزيزة فى سيناء الحبيبة، والتى ارتوت بدماء الشهداء والأبطال من أبناء مصر الشرفاء، سواء فى قوَّاتها المسلَّحة أو شُرطتها الباسلة أو المدنيين الفدائيين والعُمَّال والصنَّاع والمزارعين، وكلّ ذِى حِرفة أو مِهنة، شارك فى خدمة الوطن والذَّود عنه، وتنميته بالفكر والعمل، لـ"تحيا مصر" دائما وأبدا بحِفْظ ورعاية الله، ثم عقول وسواعد أبنائها المُخلصين الأوفياء.