اكد رؤساء بنوك وخبراء بالجهاز المصرفي قوة القطاع المصرفي وسلامة مركزه المالي وصلابته في مواجهة التحديات المحلية والدولية بداية من الازمة العالمية عام 2008 ومرورا بالظروف الاقتصادية المضطربة التي صاحبت ثورة 25 يناير وانتهاء بجائحة كورونا العالمية.
قالوا إن جميع المؤشرات تؤكد ان البنوك المصرية لا تعاني من ازمة سيولة بل ان نسب السيولة بها تتجاوز بكثير المعدلات الدولية المتعارف عليها.
كانت الفترة الاخيرة قد شهدت تداول اخبار مغلوطة حول بوادر ازمة سيولة ببعض البنوك المصرية وفسر البعض ما جاء بتقرير لمؤسسة "فتيش" الدولية عن الجهاز المصرفي المصري تفسيرات خاطئة. وبنفس القدر من التضليل تم استقبال تعليمات البنك المركزي الاخيرة الخاصة بمنح سيولة طارئة للبنوك في وقت الحاجة اليها وذلك في اطار تطبيق قانون البنك المركزي والبنوك الجديد الذي صدر في عام 2020 ونص علي الية "السيولة الطارئة" لهدف ضمان سلامة الاداء المصرفي.
اكد محمد الاتربي رئيس اتحاد البنوك ورئيس مجلس ادارة بنك مصر علي سلامة الجهاز المصرفي وسلامة مراكزه المالية ومتانتها وقدرته علي حماية أموال عملائه مشيراً إلي أن ما تردد خلال الايام القليلة الماضية حول ازمة سيولة بالقطاع المصرفي محض افتراءات واكاذيب مغرضة. لافتا الي ان اتحاد البنوك ادان بشدة هذه الاكاذيب التي تستهدف اثارة مخاوف المودعين.
قال الاتربي إن القطاع المصرفي المصري يتمتع باعلي معايير السلامة والامان وكان محل إشادات مؤسسات التمويل والتقييم الدولية ونجح القطاع في قيادة التطور الاقتصادي الذي تشهده البلاد مشيراً إلي أن الجهاز المصرفي واجه كافة التحديات السياسية والاقتصادية المحلية والدولية طوال الفترة الماضية بمنتهي الصلابة والقوة وتصدي لها بكفاءة وفاعلية من خلال إجراءات استباقية ناجحة.
أشار إلي أنه علي الرغم من التحديات الدولية والتداعيات السلبية التي خلفتها جائحة كورونا علي الاقتصاد العالمي ككل. إلا أن القطاع المصرفي مازال يتمتع بقوة ومتانة مراكزه المالية وارتفاع معدلات السيولة لديه.
وهو ما يستدعي تدخل البنك المركزي المصري من خلال أدوات السياسة النقدية والسوق المفتوح لسحب فائض السيولة من القطاع المصرفي بشكل اسبوعي مما يدل علي ارتفاع معدلات السيولة في القطاع.
وتمكن القطاع المصرفي من خلال برنامج اصلاح مصرفي شامل من رفع رؤوس أموال مؤسساته وتحسين ملاءتها المالية بشكل غير مسبوق وتحقيق متطلبات ومعايير الاتفاقيات الدولية بما فيها اتفاقيات بازل وما توليه من اهتمام بمعايير كفاية رأس المال وتحقيق السلامة المصرفية في نواحي السيولة وإدارة المخاطر وكفاية رأس المال فضلاً عن الالتزام بمعايير المحاسبية بما يضمن مزيداً من الشفافية وإتاحة البيانات الرقابية المطلوبة.
أشار الاتربي ألي نجاح القطاع المصرفي بعد تحرير سعر الصرف. في ضبط سوق الصرف والقضاء علي سوق العملة الموازي بشكل نهائي. وتحقيق تحسن ملحوظ في المراكز المالية بالعملات الأجنبية لدي البنوك والبنك المركزي. وتحول صافي الأصول الأجنبية لدي الجهاز المصرفي إلي رصيد فائض وصل الي 114 مليار جنيه في أكتوبر 2021.
لفت الاتربي الي نجاح البنوك في تطبيق في تطبيق السياسة النقدية التيسيرية التي أطلقها البنك المركزي المصري لمواجهة التداعيات السلبية لجائحة كورونا علي القطاعات الاقتصادية المختلفة. وتنفيذ المبادرات المختلفة التي
اطلقها البنك المركزي في مختلف القطاعات مثل السياحة والصناعة والزراعة والتمويل العقاري الذي استهدف الفئات متوسطة ومحدودو الدخل فضلا عن مبادرات تمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة حيث بلغت قيمة التمويل نحو 400 مليار جنيه بنهاية العام الماضي.
تعد هذه المبادرات دلالة قوية علي تمتع الجهاز المصرفي المصري بقدر كبير من السيولة تعزز قدرته علي التوظيف الإقراض.
وبحسب رئيس بنك مصر فان السيولة المحلية بلغت نحو 90% من الناتج المحلي الإجمالي في أكتوبر 2021. وبلغت معدلات توظيف الاموال لدي البنوك "القروض والتسهيلات الائتمانية الممنوحة للعملاء" نحو 48.5% من حجم ودائع العملاء في أكتوبر الماضي كما ارتفعت حجم أصول القطاع المصرفي المصري لنحو 8,758 تريليون جنيه في أكتوبر.
وقفزت الاحتياطيات من النقد الأجنبي من حوالي 16.7 مليار دولار أمريكي في يونيو 2014 إلي حوالي 41 مليار دولار أمريكي في ديسمبر الماضي.
وأظهر مؤشر القروض غير المنتظمة إلي إجمالي القروض تحسن في الأداء. حيث انخفض المؤشر من 8.5% في يونيو 2014 إلي 3.6% في سبتمبر 2021.
قال الاتربي إن قانون البنك المركزي الذي صدر في عام 2020 استهدف خلق بيئة تشريعية قوية ترسخ تفوق القطاع المصرفي المصري وتعزز من استقلاليته وتحمي أموال عملائه.
قد تضمن القانون مزيد من تعزيز استقلالية البنك المركزي في ضوء أحكام الدستور. وتطوير قواعد الحوكمة سواء بالبنك المركزي أو البنوك. وضمان عدم تضارب المصالح. وزيادة التنسيق والتعاون بين الجهات الرقابية علي القطاع المالي. كما يضمن أيضاً تدخل البنك المركزي المبكر لمنع حدوث الأزمات المصرفية. ومعالجة أوضاع البنوك المتعثرة. وتنظيم الرقابة والإشراف علي نظم وخدمات الدفع والتكنولوجيا المالية. وقد تضمن القانون الجديد وضع قواعد للمنافسة العادلة ومنع الاحتكار وحماية حقوق العملاء في الجهاز المصرفي. اعتماداً علي أفضل الممارسات الدولية للبنوك المركزية.
قال شريف سامي رئيس البنك التجاري الدولي والرئيس السابق للهيئة العامة للرقابة المالية. إن معيار كفاية رأس المال في البنوك المصرية مرتفع ومعظمها تخطي الحد الأدني المتعارف عليه دولياً ضمن ما يعرف بمعايير بازل للبنوك.
قال إن ما أصدره البنك المركزي منذ أيام بشأن "تحديد إطار عام وقواعد حاكمة لمنح السيولة الطارئة للبنوك" يأتي في إطار دوره كبنك البنوك ومسئوليته عن الحفاظ علي سلامة واستقرار النظام المالي لافتا الي ان البنك المركزي يتابع عن كثب أوضاع كافة المصارف الخاضعة تحت اشرافه.
اضاف أن التنظيم الصادر جاء إعمالاً لما نص عليه القانون الجديد للبنك المركزي والجهاز المصرفي. والذي استوجب اصدار العديد من القرارات التنظيمية والرقابية من ضمنها هذا الموضوع. وبالتالي فإن توقيته ليس نابعاً من حدث ما أو أنه جاء كرد فعل لمشكلة تلوح في الأفق. ولفت إلي أن البنوك المركزية في مختلف الدول لديها مثل تلك الآليات التي لا تستخدم إلا عند الحاجة.
تقرير مؤسسة فيتش حول مدي سلامة الجهاز المصرفي المصري كان المدخل الذي استغله البعض ليثير مخاوف المصريين من ازمة سيولة مفتعلة بالبنوك.
تقول الدكتورة سلوي العنتري الخبيرة المصرفية والرئيس السابق لقسم الابحاث بالبنك الاهلي المصري إن تقرير مؤسسة فيتش الدولية الذي أشعل تلك المخاوف هو تقرير مثير للدهشة. فالتقرير مليء بالمتناقضات فمن ناحية يؤكد أن التزامات البنوك المصرية بالعملة الأجنبية لا تزيد علي 20% من إجمالي ميزانيتها وأنها مغطاة تماما بالعملات الأجنبية.. بل ويؤكد أيضا أن نسبة القروض بالعملة الأجنبية لا تتجاوز 72% من الودائع وهو ما يعني تمتع تلك الودائع بالأمان ووجود سيولة كافية للوفاء بها.
إلا أن التقرير يعود فيقول ان هناك خطرا يمكن أن يهدد البنوك المصرية.. لماذا؟ لأن البنك المركزي المصري سحب جزءا من ودائعه بالعملة الأجنبية لدي الجهاز المصرفي المصري وان هذا يمكن ان يشكل ضغوط علي مراكز النقد الاجنبي في حالة تكراره وفي حال تراجع موارد مصر بالنقد الاجنبي خلال الفترة المقبلة في ظل الظروف الدولية الحالية. وخاصة إذا ماادت تلك الظروف إلي انحسار تدفقات رؤوس الأموال الأجنبية أو قيام الأجانب ببيع ما في بحوزتهم من أذون خزانة.
وترد "العنتري" علي ذلك مؤكدة ان ودائع البنك المركزي المصري لدي البنوك المحلية لاتشكل إلا جزءا صغيرا من إجمالي مالديها من موارد بالنقد الاجنبي ولايمكن ان يؤدي سحب جزء منها إلي اهتزاز موقف السيولة في تلك البنوك حيث إن 86% من الودائع بالعملات الاجنبية مصدرها القطاع العائلي اصلا.
اشارت إلي أن مؤسسة فيتش دأبت مؤخرا علي إسداء النصيحة لمصر بأن الحفاظ علي جاذبيتها امام تدفقات رؤوس الأموال الأجنبية يتطلب رفع سعر الفائدة المحلية وتخفيض قيمة الجنيه المصري. فضلا عن العودة إلي الارتباط ببرنامج قرض مع صندوق النقد الدولي. وهي نصائح في غير محلها.
قالت إن الموضوع إذن لا يتعلق بسلامة أداء البنوك المصرية وإنما بدعوة صريحة إلي تخفيض قيمة الجنيه المصري والعودة إلي مشروطية صندوق النقد الدولي.
اما فيما يتعلق بالبنوك المصرية فإن كافة البيانات تؤكد تمتعها بمعدلات سيولة مرتفعة بالعملة الأجنبية سواء بالمقاييس المحلية أو العالمية.
فعلي صعيد القواعد المحلية تحتفظ البنوك بنسبة سيولة فعلية بالعملة الأجنبية تبلغ أكثر من 65% بما يفوق كثيرا حد ادني الزامي 25% وعلي صعيد القواعد الدولية وفقا لمقررات بازل 3.. تحتفظ البنوك المصرية بنسبة تغطية سيولة تقترب من 178% مقابل حد أدني مطلوب 100%.
اما نسبة صافي التمويل المستقر لتلك السيولة فتبلغ نحو 176% مقابل حد أدني مطلوب 100% أي أن البنوك المصرية تتمتع بسيولة عالية بالعملة الأجنبية وأن مصادر هذه السيولة هي مصادر تتمتع بالاستقرار.
حول تعليمات البنك المركزي المصري للبنوك و الخاصة بقضية تقديم المركزي السيولة الطارئة للبنوك التي تتطلب ظروفها الحصول عليها في اطار اشتراطات محددة تتعلق بالسلامة المالية والقدرة علي السداد قالت دكتورة سلوي العنتري ان القانون الجديد للبنك المركزي والجهاز المصرفي ينص علي استخدام الية السيولة الطارئة لاي بنك لديه مشكلة مؤقتة في السيولة علي ان يمتلك البنك الملاءة المالية والقدرة علي سداد هذه السيولة.
ويعد ذلك انذار مبكر للبنوك بضرورة حل اي مشاكل تواجهها دون ان يتحمل المركزي اعباء هذه المشاكل كما كان يحدث في السابق عندما تكفل بايجاد حلول لعدد من البنوك التي تعثرت. وهذه التعليمات تطبيق لما ورد في قانون البنوك الذي صدر سنة 2020 ولا يعني بالضرورة ان هناك مشاكل مالية في بعض اعضاء المنظومة المصرفية.
كشف البنك المركزي المصري في احدث تقرير له ان السيولة المحلية ارتفعت بمقدار 295.3 مليار جنيه بمعدل 5.5% خلال الشهور الاربعة الاولي من العام المالي الحالي "يوليو ــ أكتوبر لتصل الي نحو 5,6 تريليون جنيه بنهاية اكتوبر الماضي.
خلال شهر اكتوبر وحده سجلت السيولة المحلية نموا بنسبة 17.6% ومثلت السيولة نحو 89.1% من الناتج المحلي الاجمالي. وكان معدل نمو السيولة المحلية بالجنيه المصري 20.3%.
أشار التقرير الي زيادة الودائع المحلية بنسبة 18.2% واستحوذ القطاع العائلي علي نحو 82.7% من جملة الودائع. وحققت الودائع بالعملات الاجنبية نموا بنحو 5% وكان نصيب القطاع العائلي منها 67.7%.
وفي نهاية اكتوبر الماضي سجلت الودائع لدي الجهاز المصرفي 6.1 تريليون جنية مقابل 6.07 تريليون في سبتمبر الماضي بزيادة بلغت نحو 111 مليار جنيه وبلغت قيمة الودائع غير الحكومية بالعملة المحلية نحو 4.3 تريليون جنية مقابل 4.2 وكان نصيب القطاع العائلي 3.66 تريليون جنيه في اكتوبر الماضي مقابل 3.61 تريليون في سبتمبر بزيادة بلغت نحو 50 مليار جنيه في شهر واحد.
اما الودائع بالعملات الاجنبية فقد سجلت ما يعادل 665.3 مليار جنية مقابل 657.6 مليار بزيادة بلغت نحو ما يعادل 6.7 مليار جنية.
تصاعد المركز المالي للبنوك بخلاف البنك المركزي المصري بنحو 810 مليارات جنيه بما يعادل 10.2% ليصل الي نحو 8.7 تريليون جنيه بنهاية اكتوبر الماضي.
اصدر البنك المركزي المصري مؤخرا الاطار العام القواعد الخاصة بحصول البنوك وقت الحاجةعلي السيولة الطارئة وقال البنك ان السيولة الطارئة اداة من الادوات المتاحة للبنوك المركزية التي يتم بموجبها دعم البنوك ومساندتها لمواجهة ازمات السيولة علي المدي القصير نظرا لما قد تمثله هذه الازمات من تهديد لاستمرارية عمل البنوك ووضع المركزي عددا من الاشتراطات لحصول اي بنك علي السيولة الطارئة وهي :
ان يكون منح السيولة الطارئة مقتصرا علي البنوك ذات الملاءة المالية وان تكون السيولة الطارئة مقابل ضمانات كافية وان يكون سعر العائد المطبق اعلي من متوسط اسعار الاقراض السائدة بالسوق وان يكون الاقراض قصير الاجل.
واصدر البنك المركزي عددا من القواعد العامة الخاصة بهذه الاداة التي ينص عليها القانون الجديد للبنوك واهم هذه القواعد.
يجوز للبنك المركزي منح السيولة الطارئة كملاذ اخير في حالة عدم قدرة اي من البنوك علي تلبية احتياجاته من السيولة من سوق الانتربنك او الاسواق المالية الاخري.
وتحظر القواعد استخدام السيولة الطارئة لتمويل توزيع الارباح او اعادة شراء الاسهم او صرف مكافآت اعضاء مجالس الادرات او توزيعات العاملين او تمويل الاطراف المرتبطة.
ويجوز للبنك المركزي الافصاح عن السيولة الطارئة لاحد البنوك متي كان الافصاح ضروريا للحفاظ علي الاستقرار المالي وثقة المتعاملين مع الجهاز المصرفي , ويلتزم البنك الحاصل علي السيولة الطارئة بموافاة البنك المركزي بتقرير شهري يوضح مدي التزامه بمعايير الملاءة المالية او بخطة اعادة الهيكلة ويوضح كافة الاصول التي يمكن للبنك استخدامها كضمانات . وكافة التطورات والاجراءات التي يقوم بها البنك لاعادة السيولة الي وضعها المستقر.
وبحسب تعليمات البنك المركزي يخضع البنك الحاصل علي السيولة الي رقابة مشددة من قبل البنك المركزي لمتابعة موقف السيولة لديه بشكل يومي.
وتتضمن شروط الضمانات المقبولة من جانب المركزي ان تقتصر الضمانات علي الاوراق المالية الصادرة عن الحكومة المصرية ويتم تحديد نسبة تغطية الضمانات للسيولة الطارئة وفقا للمركز المالي للبنك علي الا تقل هذه النسبة عن 100%.
وان يتم ايداع الضمانات لدي البنك المركزي او اي جهة يحددها البنك وفي حالة عدم قدرة البنك علي السداد ورف ض المركزي مد اجل السيولة يصبح من حق المركزي تسييل الضمانات لسداد تمويل السيولة الطارئة.
وفيما يخص سعر العائد علي السيولة الطارئة اشارت التعليمات الي ان سعر العائد يكون اعلي من المتوسطات السائدة في السوق ويحدد بسعر البنك المركزي للاقراض لليلة واحدة بالاضافة الي هامش يحدده مجلس ادارة البنك بحد ادني 5%.
اما مدة السيولة فحددها البنك المركزي بحد اقصي 180 يوما ويمكن مد التمويل او جزء منه لفترة او فترات اخري وفقا للمركز المالي للبنك وقدرته علي السدادومدي حاجته للسيولة شريطة الا تزيد مدة التمويل عن عام ويجوز للمركزي في حالة مد اجل السيولة تعديل شروط التمويل ويتعين علي البنوك تقديم ضمانات بما يتوافق مع الشروط بعد التجديد.
اترك تعليق