قراءة القرآن الكريم والاجتماع عليها من أعظم القربات وأفضل الطاعات، وإحضار القُرَّاء لقراءة القرآن الكريم جائزٌ شرعًا ولا شيء فيه، وأجرُ القارئ جائزٌ ولا شيء فيه؛ فإن بذل الأجرة على المباح مباح، وتكييف الأجر جارٍ على أنه أجرُ احتباسٍ وليس أجرًا على محض قراءة القرآن؛ فنَحْنُ نُعطِي القارئَ أجرًا مقابل انقطاعه للقراءة وانشغاله بها عن مَصَالِحِهِ ومَعِيشَتِهِ.
وقد وردت السنة النبوية الشريفة بجواز أخذ الأجرة على تلاوة كتاب الله تعالى للأغراض المشروعة؛ تعليمًا، ورقيةً، ونحو ذلك مِن وجوه الاحتباس للمشتغلين بكتاب الله تعالى قراءةً وإقراءً؛ فعن ابن عباس رضي الله عنهما: أَنَّ نَفَرًا مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وَسَلَّمَ مَرُّوا بِمَاءٍ، فِيهِمْ لَدِيغٌ أَوْ سَلِيمٌ، فَعَرَضَ لَهُمْ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ المَاءِ، فَقَالَ: هَلْ فِيكُمْ مِنْ رَاقٍ، إِنَّ فِي المَاءِ رَجُلًا لَدِيغًا أَوْ سَلِيمًا، فَانْطَلَقَ رَجُلٌ مِنْهُمْ، فَقَرَأَ بِفَاتِحَةِ الكِتَابِ عَلَى شَاءٍ، فَبَرَأَ، فَجَاءَ بِالشَّاءِ إِلَى أَصْحَابِهِ، فَكَرِهُوا ذَلِكَ وَقَالُوا: أَخَذْتَ عَلَى كِتَابِ اللهِ أَجْرًا، حَتَّى قَدِمُوا المَدِينَةَ، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَخَذَ عَلَى كِتَابِ اللهِ أَجْرًا، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ أَحَقَّ مَا أَخَذْتُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا كِتَابُ اللهِ» رواه البخاري.
وبِناءً على ذلك وفي واقعة السؤال: فإنَّ قراءةَ القُرَّاءِ لكتاب الله تعالى في المناسبات وأخذهم على ذلك أجرًا هي مِن الأمور المشروعة التي جَرَت عليها عادَةُ المسلمين مِن غيرِ نَكِير، وعلى ذلك جرى أهل مصر؛ حتى صارت قراءة القرآن في مدنها وقُراها وأحيائها مَعْلَمًا من معالم حضارتها الإسلامية، ومظهرًا من مظاهر هُوِيَّتِها الدينية عبر القرون، ومُدَّعِي أن ذلك بدعةٌ هو المبتدع حقًّا بتضييقه لِمَا وسَّعه الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم على الناس مِن إقامة الذكر والاجتماع على قراءة القرآن.
والله سبحانه وتعالى أعلم
للمزيد من التفاصيل يمكن الرجوع لفتوى المنشورة برقم 16456 على الموقع الرسمي لدار الإفتاء المصرية على الإنترنت.
اترك تعليق