الخبراء 

نتائج المعارك.. تحدد السيناريوهات المحتملة

في ظل الحرب الأهلية التي تعيشها أديس أبابا بين القوات التابعة لرئيس الوزراء أبي أحمد. وقوات المعارضة التي يقودها الجبهة الشعبية لتحرير تيجراي وقوات الأرومو وفي ظل رفض أثيوبيا دعوات أمريكا إلي الانخراط الجاد في مفاوضات سد النهضة وتوقيع اتفاق قانوني ملزم بشأن عملتي ملء وتشغيل السد. مع دولتي المصب مصر والسودان. وبالتالي تتصاعد احتمالية الإضرار بالحصة السنوية للقاهرة من مياه النيل. كان هناك تساؤل "هل الحرب الأهلية في أثيوبيا قد تؤثر علي مصير سد النهضة ومصير المفاوضات؟

"الجمهورية أون لاين" تواصلت مع الخبراء للإجابة عن هذا التساؤل الذين أكدوا أن نتائج المعارك التي تدار حالياً بين قوات آبي أحمد وقوات تحالف التيجراي والأورومو والمنظمات الأخري هي التي ستحدد مصير السد.

  د.عباس شراقي  

الشركة الايطالية غادرت أثوبيا.. وبناء السد يتوقف

أديس أبابا لم تنتج كهرباء من التوربينات حتي الآن

أكد د.عباس شراقي "أستاذ الجيولوجيا والموارد المائية بكلية الدراسات الافريقية جامعة القاهرة" أن مصير سد النهضة في ظل اشتعال الحرب الأهلية بأثيوبيا سيتوقف علي نتيجة هذه الحرب فإذا انتهت بعودة ابي أحمد للسيطرة علي اثيوبيا فسيستمر العناد الاثيوبي فيما يتعلق بسد النهضة. أما اذا تمكنت قوي تيجراي ومجموعات التحرر من إزاحة ابي أحمد. فمن المتوقع ان أي أحد سيأتي بعد ابي أحمد لن يكون في درجة تعنته وعناده وانما سيكون أكثر مرونة. مشيرا الي انه يتوقع ان يتعرض ابي أحمد للقتل أو انه قد يهرب. خاصة وانه محاط حاليا بحالة من الغضب من قبل عدد كبير من الولايات والاقاليم والاعراق. لانه ظلم الكثير من شعبه وقتل واعتقل عشرات الآلاف.

أضاف أن ابي أحمد كان يأمل في ان يمثل سد النهضة مشروعا قوميا ووسيلة لحشد الشعب الاثيوبي وتحقيق تماسكه بمختلف طوائفه ولغاته وتقاليده. وكان يدعي أن هذا السد سيحقق طفرة وتقدما سحريا في الاقتصاد الاثيوبي وكان يعد شعبه بوعود زائفه وبراقة إلا أن الواقع عكس ذلك لأن هذا السد يحتاج لتكلفة تزيد عن 8 مليارات دولار ولن يحقق الرخاء المنشود كما أن السعة المحددة له ضخمة جدا وليست موضوعية وتتمثل في 74 مليار متر مكعب. وكذلك فإن هذه السعة التخزينية تمثل خطرا فادحا علي دولة السودان فإذا انهار السد سيمثل طوفانا علي السودان ويهلكها وأهلها في غضون أيام قليلة. وبالتالي نأمل أن يأتي زعيم أثيوبي يتسم بالشفافية والنزاهة ويصارح الشعب الاثيوبي بحقيقة السد ويكون اكثر مرونة وموضوعية ويضع في اعتباره مصالح الأطراف المشتركة وعدم الاضرار بالغير ويتم توقيع اتفاق ملزم بين مصر واثيوبيا والسودان يضع قواعد للتخزين والتشغيل وكميته ومواعيده وتلتزم اثيوبيا بتنفيذه. فالسعة التخزينية للسد يجب ألا تزيد عن 30 أو 40 مليار متر مكعب علي الأكثر.

أكد أن سد النهضة لم يشهد تقدما خلال الفترة الأخيرة وأن ايطاليا دعت رعاياها مغادرة اثيوبيا في ضوء انتشار المعارك واقترابها من العاصمة اديس ابابا. مما ينبئ بالاحتمالية الكبري لتوقف العمال والمهندسون الايطاليون عن العمل في مشروع سد النهضة حيث من المتوقع أن يغادروا اثيوبيا تنفيذا لتعليمات الخارجية الإيطالية. ومضيفا ان الحكومة الاثيوبية لم تهتم حاليا بالسد وان كل ما يشغلها هو الدفاع عن نفسها.

أضاف أنه لا صحة لما صرح به المسئولون الإثيوبيون بأنه تم تخزين 18.5 مليار متر مكعب من المياه حول السد. مشيرًا إلي أن تصريحات أبي أحمد حول السد كلها تحمل أكاذيب وتضليل للشعب الإثيوبي. ويذكر أن إثيوبيا أجرت التخزين الأول العام الماضي بحوالي 5مليار متر مكعب. والتخزين الثاني الذي لم يكتمل في يوليو الماضي بحوالي 3 مليار متر مكعب. باجمالي 8 مليار م3 دون انتاج كهرباء حتي الآن رغم التصريحات الاثيوبية التي كانت تأمل بتشغيل التوربينات في أكتوبر الماضي. مضيفا أن الجانب الأيمن والأيسر بالسد لم يتجاوز ارتفاعه 100 متر والمنتصف لم يتجاوز 80 متراً. مؤكدا أنه لم يتم تركيب أي توربينات بالسد.

أشار إلي أنه رغم اعلان قوات الدفاع الإثيوبية انتشارها في منطقة سد النهضة. وادعائها أن أعمال بناء السد مستمرة دون أي مشاكل أمنية وأن الجيش الاثيوبي يقوم بتأمين المنطقة ليلا ونهارا. الا أن الواقع عكس ذلك فالصور الفضائية تظهر تدفق المياه أعلي الممر الأوسط. ومازالت بوابتا التصريف مغلقتين. وكذلك بوابتي التوربينات المنخفضة مما يعني عدم انتاج الكهرباء الذي كان مقررا في أكتوبر الماضي. وعدم اتخاذ أي استعدادات نحو التخزين الثالث. وتوقف المخزون في بحيرة سد النهضة عند 8 مليار متر مكعب. مشيرا إلي أن اديس أبابا لم تقم بإنتاج الكهرباء من السد الإثيوبي حتي وقتنا الحاضر.

  د.حسن سلامة  

القوي الخارجية.. ستحدد مصير المشروع الأثيوبي

يري د.حسن سلامة أستاذ العلوم السياسية بالمركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية أن الحرب الاهلية ليست بالضرورة تغير اتجاهات المصالح. مشيرا الي ان بناء ابي أحمد للسد كان الهدف منه هو تحقيق مجد شخصي اكثر من تحقيق مصالح وطنية. ومع ذلك فإننا نتمني ان تأتي سلطة إيجابية تراعي المصالح المشتركة وحقوق التشارك لمصر والسودان وان يتم الوصول الي نقطة وسط بتفعيل البند الخامس من اتفاق المبادئ 2015 والذي مغزاه ان عند ملأ السد أو تشغيله او ادارته لابد من الحصول علي موافقة دول المصب متمثلة في مصر والسودان.

أضاف ان أي زعيم سيأتي غير ابي احمد من المتوقع ان تختلف سياسته وأن ذلك سيتوقف علي النظرة الداخليه في اثيوبيا لمشروع سد النهضة. لأن أي زعيم سيضع تحقيق الالتفاف الشعبي حوله في الاعتبار. كما ان مصير السد سيتوقف أيضا علي غايات القوة الخارجية والدول الكبري التي تؤثر علي اثيوبيا فيما يتعلق بسد النهضة. وبالتالي فإن مصير سد النهضة لا يمكن حسمه الآن.

  د.عبدالرحمن عبدالعال  

توقعات بسقوط "آبي أحمد" وتشكيل حكومة جديدة

المجتمع الدولي.. لن يسمح بتفكك أثيوبيا

وضع دكتور عبدالرحمن عبدالعال "أستاذ العلوم السياسيه المساعد بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة بني سويف" ثلاثة سيناريوهات لمصير سد النهضة وعلاقته بالحرب الأهلية في اثيوبيا حيث قال إن السيناريو الأول المحتمل هو الإطاحة بأبي أحمد وتعيين حكومة جديدة وهذا السيناريو هو الأكثر أمانا لأنه من المتوقع أن أي حكومة جديدة تأتي ستكون أكثر تعاطفا مع الموقف المصري والسوداني وستوافق علي وضع اتفاق ملزم وهذا الحل هو الأكثر سلامة لكافة الأطراف.

أضاف أن السيناريو الثاني هو تفكك اثيوبيا إلي عدة دويلات صغيرة وتعيين حكومة انتقالية بمساعدة امريكا والغرب لتحقيق نوع من التوازن بين العرقيات المختلفة وهنا يتوقف مصير السد علي أمرين الأول يتمثل في موقف القوي الدولية والثاني موقف الحكومة الانتقالية فيما يتعلق بتوقيع اتفاق ملزم وهذه المواقف لا تمكن التنبؤ بها حاليا وبشكل عام فإنه من المتوقع الا يسمح المجتمع الدولي بتفكك أثيوبيا وسيحاول المحافظة علي وحدتها.

أما السيناريو الثالث فيتمثل في استمرار أبي احمد ووقف إطلاق النار وهنا يتوقف مصير السد علي مدي ضغط مصر وتكثيف جهودها وكذلك مدي ضغط المجتمع الدولي علي ابي أحمد لدفعه للتوقيع علي اتفاق ملزم.

  د.إكرام بدر الدين  

أي حاكم يأتي بعد "آبي أحمد".. سيتعلم الدرس

المفاوضات ستعود.. والاتفاق الملزم هو الأقرب

يري دكتور إكرام بدر الدين "أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة" أن ابي أحمد كان يحلم بتحقيق التماسك الداخلي بين شعبه من خلال بندين الأول بناء سد النهضة والثاني ايهام شعبه بأن هناك اخطار خارجية تهدد اثيوبيا. وكان يستخدم تصريحات غير دبلوماسية في هذا الصدد وقد فشل في تحقيق حلمه بتكاتف الشعب الاثيوبي وقبائله وجماعاته المختلفة. واكبر دليل علي فشله هو اندلاع الحرب الأهلية وتقدم تيجراي نحو العاصمة حتي لم يبقي بينها وبين العاصمة سوي مسافة قليلة جدا. وبالتالي فمن المرجح أن ابي أحمد قد كتب له الفشل الذريع وقد انتهي دوره وحتي الدول الكبري مثل أمريكا والاتحاد الاوروبي لم تعد تتعاطف معه بسبب انتهاكاته وجرائم الحرب التي يرتكبها.

أضاف أنه بعد خروج ابي أحمد من المشهد السياسي من المتوقع ان يكون أي زعيم بعده علي درجة اكبر من المرونة وان يدفع عملية التفاوض حول سد النهضة في مسار ايجابي وأن يتعلم من أخطاء ابي أحمد. وأن تتم المفاوضات بشكل جدي ودون مماطلة وأن يتم وضع حلا يحقق التنمية وتوليد الكهرباء لأثيوبيا مع مراعاة عدم الاضرار بمصالح الدول المؤثرة في حوض النيل والمتمثلة في مصر والسودان وكذلك عدم التعارض مع مصالح الدول الكبري بشكل عام. مشيرا إلي أن الأمور والأوضاع في اثيوبيا ستتضح في المستقبل القريب في غضون أسابيع قليلة. مؤكدا ان الجيش الاثيوبي يخوض حاليا معركته الأخيرة.

  د.سهام فوزي  

احتمالات توقف بناء السد.. كبيرة

الحرب الأهلية.. ستستمر طويلاً.. والمستثمرون يهربون من أديس أبابا

أوضحت د.سهام فوزي "أستاذ العلوم السياسية بجامعة المستقبل" أن أي نزاعات تحدث في اي دولة من الطبيعي ان يكون لها تأثير كبير علي المشروعات التنموية الكبري في هذه الدولة. حيث تتركز جهود الدولة علي استعادة الاستقرار والامن علي حساب هذه المشروعات. وكذلك فإن أي توتر عسكري او عدم استقرار يؤدي بالطبع الي توجيه الانفاق الي الأسلحة وارضاء الجنود والجيش. وبالتالي فإن ما يحدث الان في اثيوبيا من حرب أهلية تلعب دورا كبيرا في عرقلة بناء سد النهضة. خاصة وان السد كان يحتاج للكثير من الانفاق والجهد كي يكتمل. وبالإضافة إلي ذلك فإن بناء السد كان يعتمد بشكل أساسي علي الاستثمارات الخارجية. وفي ظل وجود السيناريو والمخطط الأمريكي بتقسيم اثيوبيا من المتوقع ان يعزف المستثمرين عن الاستثمار في السد وان يختفي رأس المال الاجنبي نظرا لعدم الاستقرار وانعدام وجود مناخ آمن وملائم.

أضافت أن انعدام الاستقرار السياسي يصاحبه اعمال عنف وشغب. ومن المتوقع ان تستمر الفوضي والعنف سواء انتصرت تيجراي ام لم تنتصر. فإذا انتصرت لن يروق لقوات الارومو وستستمر محاولاتها في زعزعة الاستقرار. كما سيستمر الصراع العرقي. وسواء استمر ابي احمد ستحاول تيجراي والارومو عدم إنجاح مشروع السد حتي لا ينسب نجاحه لابي أحمد. وبالتالي فعلي أي حال ووفقا لاي سيناريو من السيناريوهات المحتملة فإن مشروع السد سيتوقف فترة ومن المرجح أن تكون نهايته قد كتبت بلا رجعة.