هيرمس
    مصر
  • 29℃ القاهرة, مصر

رئيس مجلس الإدارة

طارق لطفى

رئيس التحرير

أحمد سليمان

الصابرين علي البلاء

 

 

قال الدكتور أيمن كامل خطيب مسجد المدينة المنورة بالعبور إن المسلم يبتلى بأمراض ومصائب وأحزان، فيحتاج إلى ما يذكره ويصبره،   - قد وقع علينا من الابتلاءات والمصائب والأحزان والمحن الشيء الكثير،  ، وغيرها مما لا يحصيه إلا الله


 

أحببت أن أذكر كل مبتلى ببعض القصص لمن حسن إسلامه وذاق حلاوة الإيمان، ممن ابتلي فصبر، وتأدب مع ربه وشكر، وهذه القصص فيها عبر وعظات لكل مريض ومحزون، ومهموم ومكروب ومغموم، لهم فيها تسلية وتثبيت وتذكير، سائلًا المولى سبحانه تفريج الكرب، وجلاء الحزن، وذهاب الهم والغم، والشفاء من كل داء لكل محزون.

 

 

 

تذكر يا مبتلى:

 

يا من أصابه هم وحزن وغم، إلى كل مريض ومبتلى في نفسه أو في أهله أو في ماله، يا فاقد عزيزٍ وصديق...، تذكر قول الله تعالى: ﴿ وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ ﴾ [البقرة: 155]، وقوله تعالى: ﴿ الم * أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ * وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ ﴾ [العنكبوت: 1 - 3]، وقول النبي صلى الله عليه وسلم: (إن السعيد لمن جُنِّب الفتن، إن السعيد لمن جنب الفتن، إن السعيد لمن جنب الفتن، ولمن ابتلي فصبر فواهًا)؛ [سنن أبي داود، وصححه الألباني، وقوله: فواهًا؛ أي: ما أحسنَ فعله!]، وعن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ما يصيب المسلم من نصبٍ ولا وَصَبٍ ولا هم ولا حزنٍ (حزنٍ) ولا أذًى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفَّر الله بها من خطاياه)؛ [صحيح البخاري]، وقوله صلى الله عليه وسلم: (يقول الله تعالى: ما لعبدي المؤمن عندي جزاءٌ إذا قبضت صفيه من أهل الدنيا ثم احتسبه، إلا الجنة)؛ [صحيح البخاري]، وعن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا يتمنين أحدكم الموت لضرٍّ أصابه، فإن كان لا بد فاعلًا، فليقل: اللهم أحيني ما كانت الحياة خيرًا لي، وتوفني إذا كانت الوفاة خيرًا لي)؛ [متفق عليه].

 

 

 

فلا تحزن على ما أصابك؛ فإنما يبتلي الله من يحب، والله تعالى ما ابتلاك إلا لأنه أراد الخير لك في دنياك وآخرتك، فيغفر به ذنبك، أو يرفع قدرك؛ فصبرٌ جميلٌ، والله المستعان.

 

 

 

ارْضَ بحكم الله:

 

اعلم أيها المبتلى والمحزون: أن من عقيدة المسلم الراسخة الإيمان بالقضاء والقدر، خيره وشره؛ فرضاك بقضاء الله وقدره دليل على الإيمان؛ ذكر ابن أبي الدنيا بإسناده، قال: قال إبراهيم بن داود: (قال بعض الحكماء: إن لله عبادًا يستقبلون المصائب بالبِشْرِ)، قال: (فقال: أولئك الذين صفت من الدنيا قلوبهم)، ثم قال: قال وهب بن منبه: (وجدت في زبور داود: يقول الله تعالى: (يا داود، هل تدري من أسرع الناس ممرًّا على الصراط؟ الذين يرضَوْن بحكمي، وألسنتهم رطبة من ذكري).

 

 

 

ورحم الله ابن نصر الدين الدمشقي القائل:

 

سبحان من يبتلي أناسًا 

أحَبَّهم، والبلا عطاءُ 

فاصبر لبلوى وكن رضيًّا 

فإن هذا هو الدواءُ 

سلِّمْ إلى الله ما قضاه 

ويفعل الله ما يشاءُ 

 

 

ولله در القائل:

 

الصبرُ مثل اسمه مرٌّ مذاقتُه  لكِنْ عواقبُه أحلى مِن العسلِ

 

 

 

مع إمام الصابرين:

 

قال الله تعالى: ﴿ فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُو الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ وَلَا تَسْتَعْجِلْ لَهُمْ ﴾ [الأحقاف: 35].

 

 

 

قال السعدي رحمه الله: [ثم أمر تعالى رسوله أن يصبر على أذية المكذبين المعادين له، وألا يزال داعيًا لهم إلى الله، وأن يقتدي بصبر أولي العزم من المرسلين، سادات الخلق، أولي العزائم والهمم العالية، الذين عظُم صبرهم، وتم يقينهم؛ فهم أحق الخلق بالأسوة بهم، والقفو لآثارهم، والاهتداء بمنارهم.

 

 

 

فامتثل صلى الله عليه وسلم لأمر ربه؛ فصبر صبرًا لم يصبره نبي قبله، حتى رماه المعادون له عن قوس واحدة، وقاموا جميعًا بصده عن الدعوة إلى الله، وفعلوا ما يمكنهم من المعاداة والمحاربة، وهو صلى الله عليه وسلم لم يزل صادعًا بأمر الله، مقيمًا على جهاد أعداء الله، صابرًا على ما يناله من الأذى، حتى مكن الله له في الأرض، وأظهر دينه على سائر الأديان، وأمته على الأمم، فصلى الله عليه وسلم تسليمًا.

 

 

 

وقوله: ﴿ وَلَا تَسْتَعْجِلْ لَهُمْ ﴾ [الأحقاف: 35]؛ أي: لهؤلاء المكذبين المستعجلين للعذاب؛ فإن هذا من جهلهم وحمقهم، فلا يستخِفُّنَّك بجهلهم، ولا يحملك ما ترى من استعجالهم على أن تدعو الله عليهم بذلك؛ فإن كل ما هو آتٍ قريب]؛ [تفسير السعدي].

 

 

 

فنبينا الكريم صلى الله عليه وسلم يبتليه الله سبحانه وتعالى فيصبر كما صبر إخوانه من الرسل والأنبياء، ولو تتبعنا سيرته الشريفة لوجدناه قد لقي الكثير من المحن والشدائد والصعاب والأحزان، ما بين تعذيب قومه له ولأصحابه، وموت أحبابه، واستشهاد بعض أنصاره، والكثير الكثير؛ فعن عروة: أن عائشة رضي الله عنها زوج النبي صلى الله عليه وسلم حدثته أنها قالت للنبي صلى الله عليه وسلم: (هل أتى عليك يومٌ كان أشد من يوم أحدٍ؟)، قال: (لقد لقيت من قومك ما لقيت، وكان أشد ما لقيت منهم يوم العقبة؛ إذ عرضت نفسي على ابن عبدياليل بن عبدكلالٍ، فلم يجبني إلى ما أردت، فانطلقت وأنا مهمومٌ على وجهي، فلم أستفق إلا وأنا بقرن الثعالب [السيل]، فرفعت رأسي فإذا أنا بسحابةٍ قد أظلتني، فنظرت فإذا فيها جبريل، فناداني فقال: إن الله قد سمع قول قومك لك، وما ردوا عليك، وقد بعث الله إليك ملك الجبال لتأمره بما شئت فيهم، فناداني ملك الجبال، فسلم علي، ثم قال: يا محمد، إن الله قد سمع قول قومك لك، وأنا ملك الجبال، وقد بعثني ربك إليك لتأمرني بأمرك فيما شئت، إن شئت أن أطبق عليهم الأخشبين [جبلان بمكة]، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (بل أرجو أن يخرج الله من أصلابهم من يعبدالله وحده لا يشرك به شيئًا)؛ [متفق عليه].

 

 

 

فصبر على ما لقي منهم، ورحمهم، وهو الرحمة المهداة.

 

 

 

المشركون يستهزئون بالنبي صلى الله عليه وسلم:

 

عن عبدالله بن مسعودٍ رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي عند البيت، وأبو جهلٍ وأصحاب له جلوس، إذ قال بعضهم لبعضٍ: أيكم يجيء بسلا جزور بني فلانٍ فيضعه على ظهر محمدٍ إذا سجد، فانبعث أشقى القوم، فجاء به، فنظر حتى سجد النبي صلى الله عليه وسلم وضعه على ظهره بين كتفيه، وأنا أنظر لا أغير شيئًا، لو كان لي منعة، قال: فجعلوا يضحكون ويحيل بعضهم على بعضٍ، ورسول الله صلى الله عليه وسلم ساجد لا يرفع رأسه، حتى جاءته فاطمة، فطرحت عن ظهره، فرفع رأسه، ثم قال: (اللهم عليك بقريشٍ) ثلاث مراتٍ، فشق عليهم إذ دعا عليهم، قال: وكانوا يرون أن الدعوة في ذلك البلد مستجابة، ثم سمى: (اللهم عليك بأبي جهلٍ، وعليك بعتبة بن ربيعة، وشيبة بن ربيعة، والوليد بن عتبة، وأمية بن خلفٍ، وعقبة بن أبي معيطٍ)، وعد السابع فلم يحفظه، قال: (فوالذي نفسي بيده، لقد رأيت الذين عَدَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم صرعى في القليب، قليب بدرٍ)؛ [صحيح البخاري].

 

 

 

النبي صلى الله عليه وسلم طريد:

 

قد طرده المشركون من بلده حقدًا وحسدًا؛ عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: وقف النبي صلى الله عليه وسلم على الحزورة [عند باب الحناطين في سوق مكة] فقال: (علمت أنك خير أرض الله، وأحب الأرض إلى الله، ولولا أن أهلك أخرجوني منك ما خرجت)؛ [مسند أحمد، وصححه الألباني].

 

 

 

فصبر على ما أصابه وأصحابه وإخوانه؛ فكان النصر والعز والتمكين، ولقد ذاق شعبنا الفلسطيني ويلات الطرد والتشريد، فصبر جميل، والصبر يعقبه النصر، ﴿ وَيَقُولُونَ مَتَى هُوَ قُلْ عَسَى أَنْ يَكُونَ قَرِيبًا ﴾ [الإسراء: 51].

 

 





تابع بوابة الجمهورية اون لاين علي

تابع بوابة الجمهورية اون لاين علي جوجل نيوز جوجل نيوز

يمكنك مشاركة الخبر علي صفحات التواصل

اترك تعليق