هيرمس
    مصر
  • 29℃ القاهرة, مصر

رئيس مجلس الإدارة

طارق لطفى

رئيس التحرير

أحمد سليمان

جامعاتنا الوطنية وتحديات عصر الأنظمة الذكية
 د. وائل محمد لطفي- قائم بأعمال عميد كلية التمريض بجامعة مطروح
د. وائل محمد لطفي- قائم بأعمال عميد كلية التمريض بجامعة مطروح

أصبح مُؤخَّرًا ما يعرف بالذكاء الاصطناعي عنصرًا أساسيًا في العديد من مرافق ومناحي الحياة، وأصبحت الأنظمة الذكية مثل المدن الذكية والمباني الذكية السمة المميزة للعصر وأجل إنتاجاته؛ لذلك سعت العديد من الجامعات العالمية إلى مواكبة التطورات التكنولوجية.


وشرعت في التوسع في استخدام الأنظمة الذكية في العمليات الإدارية، والتعليمية، وأغراض البحث العلمي من أجل التحول إلى جامعات ذكية، وهنا يجب التأكيد على أن الهدف من هذا التحوّل ليس فقط الاهتمام بالمباني وتجهيزاتها، وإِنَّمَا هو ثورة على دَرب إنشاء المعرفة وإدارتها.

جدير بالذكر أن هناك أربع مقومات أساسية لتحول الجامعات التقليدية إلى جامعات ذكية، وأن هذه المقومات تشكل وحدة واحدة لا يمكن الاستغناء عن أي منها، ويمكن إيجاز هذه المقومات فيما يلي:

أولًا- أشخاص أذكياء: أي لديهم القدرة على الفهم، والابتكار، والتوجيه الهادف للسلوك، والتحليل، والربط، والتفكير النقدي، والقدرة على تطوير الذات. هذا ما يطلق عليه رأس المال البشري، ويمثل رأس المال الحقيقي لأي مؤسسة، وموردًا إستراتيجيًا يحقق لها الميزة التنافسية. ويتطلب التحول إلى جامعة ذكية ضرورة تدريب القيادات الجامعية وأعضاء هيئة التدريس والعاملين، وتحسين قدراتهم فيما يتعلق بالتوسع في استخدام التكنولوجيا، وإكسابهم المهارات اللازمة.

ثانيًا- إدارة ذكية لإدارة الحرم الجامعي بشكل كامل: وبدورها تنقسم الإدارة الذكية إلى قسمين هما: إدارة المباني الذكية، وإدارة الأفراد الأذكياء. تتضمن إدارة المباني الذكية إدارة المرافق والبنية التحتية للحرم الجامعي، ولعل من أهم أمثلة ذلك وجود نظام متكامل لإدارة المباني يساعد في تتبع ومراقبة أنظمة التدفئة والتهوية والتكييف، ونظام مركزي لصيانة المباني يساعد على التنبيه الوقائي أو اكتشاف الأعطال، بالإضافة إلى نظام إضاءة ذكي يستطيع تشغيل وإضاءة الأضواء في القاعات الدراسية أو المكاتب عند الحاجة، وأنظمة طوارئ ذكية مثل نظام إنذار الحريق. بينما تشمل إدارة الأفراد الأذكياء كل ما يخص أعضاء هيئة التدريس والعاملين والطلاب والزوار داخل الحرم الجامعي، ومن أمثلة ذلك وجود نظام للمراقبة والأمن يمكن أن يوفر التعرف التلقائي على الفرد من خلال التعرف على الوجه وتحديد هويته، ومراقبة الأنشطة غير العادية والتنبيهات الأمنية التلقائية، بالإضافة إلى نظام ذكي للدخول والخروج مثل نظام البطاقة الذكية، والتي يمكن استخدامها في تحديد هوية الفرد والسماح له بالدخول إلى قاعات المحاضرات وباقي المرافق الجامعية، وكذلك تسجيل حضور المحاضرات والامتحانات، والمعاملات النقدية في داخل الحرم الجامعي.

ثالثًا- الأبنية الذكية: وهي البنية التحتية المادية المجهزة بنظام تكنولوجي وإداري متكامل، وتعتمد على التكنولوجيا المتطورة والأجهزة والأنظمة الذكية.

وتتميز المباني الذكية بقدرتها على التعرف على ما يحدث بداخلها وحولها من خلال الأنظمة الذكية التي تدير المبني، وتمكن المبني من الاستجابة للظروف والمتغيرات الداخلية كالحرائق، والخارجية كتغيرات المناخ. كما تستجيب هذه المباني لاحتياجات المستخدمين من خلال أنظمة الاتصالات المتطورة التي تسهل عملية الاتصال سواء داخل المبني أو خارجه.


رابعًا- بيئة تعلم ذكية: وهو حرم جامعي مدعوم بالتقنيات الذكية بحيث يوفر احتياجات المتعلمين، والتي يمكن تحديدها من خلال تحليل سلوكيات التعلم الخاصة بهم، كما يوفر لهم الدعم المناسب في الوقت والمكان المناسبين. وتوفر بيئة التعلم الذكية أساليب وتطبيقات تعليمية وعلمية جديدة تلائم المستويات المختلفة للأفراد وقدراتهم وإمكانياتهم.

يتميز طلاب وخريجو الجامعات الذكية بعدد من السمات والخصائص التي تميزهم عن نظرائهم في الجامعات التقليدية نظرًا لاختلاف أساليب وإستراتيجيات التعليم وتطبيقاته، بجانب ما توفره الجامعات الذكية من موارد وإمكانيات تعليمية لا تتوفر في الجامعات التقليدية.

ومن بين الخصائص التي تميز طلاب وخريجي الجامعات الذكية أن لديهم روح الإبداع والابتكار، والقدرة على المبادرة، والتعلم الذاتي، والقدرة على اتخاذ القرارات، ولديهم القدرة على تحمل مسئولية تطوير قدراتهم. وهم أيضًا يتميزون بالقدرة على التعامل مع أحدث الأجهزة التكنولوجية، واستخدام وسائل الاتصالات الحديثة، ولديهم قدرات ومهارات البحث العلمي، والقدرة على التواصل مع الآخرين، بجانب القدرة على العمل في فريق، والسعي للتطوير والتجديد المستمر، والقدرة على التحليل والاستنتاج، بالإضافة إلى رغبتهم في التوجه نحو ريادة الأعمال.

في مصر بدأ التحول نحو الجامعات الذكية كاستجابة لتوجيهات عامة من القيادة السياسية بضرورة رقمنة مختلف الهيئات والمؤسسات في الدولة، وما تقدمه من خدمات للمواطن؛ من أجل ضمانة تعزيز الحوكمة وحسن إدارة موارد الدولة. كذلك بعد الإعلان عن جائحة كوفيد-19 اتخذت وزارة التعليم العالي والبحث العلمي عددًا من الخطوات السريعة بهذا الشأن كان أبرزها الاتجاه نحو التعليم الرقمي، والتوسع في نظام التعليم عن بعد، حتى تمت الموافقة من قبل مجلس الوزراء على تطبيق نظام التعليم الهجين، الذي يدمج بين نظامي التعليم التقليدي والتعليم عن بعد. واستطاعت الجامعات المصرية بعد الإعلان عن تعليق الدراسة في 15 مارس 2020 ولمدة شهرين متتاليين، التغلب على هذه الأزمة من خلال التوسع في نظام التعليم عن بعد، وتحويل المقررات الدراسية إلى إلكترونية وفيديوهات، وبثها عبر المواقع المعتمدة المختلفة، أيضًا تم التوسع في تطبيق الاختبارات الإلكترونية والتصحيح عبر شبكة الانترنت، وبالنسبة للاختبارات الورقية فقد تم التوسع في الاختبارات المعتمدة على الأسئلة القصيرة مثل الاختيار من بين متعدد، وكذلك تصحيحها إلكترونيًا. هذا بالإضافة إلى توفير أحدث التقنيات التكنولوجية مع بداية العام الجامعي 2020-2021 في ثلاث جامعات أهلية حديثة هي جامعة العلمين وجامعة الملك سلمان، وجامعة الجلالة.

لقد أصبح تحول جامعاتنا الوطنية إلى جامعات ذكية أمرا حتميا من أجل تحقيق التميز والتنافسية في خضم المنافسة الشديدة في مجال التعليم العالي إقليميًا وعالميًا.

لذلك لا نستبعد تغيراتٍ جذريةً في نظام التعليم العالي المصري في السنوات القليلة القادمة مبنية على تطور هائل في البنية التحتية لأنظمة التعليم الإلكتروني، وتحقيق التكامل بين الأنظمة التعليمية والإدارية ذات الصلة بالعملية التعليمية بشكل مباشر، بجانب تطوير قدرات أعضاء هيئة التدريس والجهاز الإداري، بالإضافة إلى عقد العديد من الشراكات وبروتوكولات التعاون مع المؤسسات المعنية محليًا وعالميًا.





تابع بوابة الجمهورية اون لاين علي

تابع بوابة الجمهورية اون لاين علي جوجل نيوز جوجل نيوز

يمكنك مشاركة الخبر علي صفحات التواصل

اترك تعليق