رسالتي للشباب "حياتك تستاهل ما تفرطش فيها"
نعمل على رفع الوعي الشباب لمواجهة عمليات "غسيل المخ"
نتعاون مع الجمعيات الأهلية لكونهم الأقرب للأهالي
أطلقنا مسابقات للرسم في المدارس لتوعية الأطفال وابتكار حلول بديلة
نفذنا حملات إعلامية مكثفة وكان لها صدى كبير بين المواطنين
الشباب يمثلون الطاقة الحقيقية لمستقبل الوطن.. والوعي السلاح الأقوى قي مواجهة المخاطر
الدستور المصري كان حاسمًا في حظر كل أشكال الاسترقاق أو القسر أو الاتجار بالبشر
تعاون وثيق مع الاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة لتقديم خدمات أفضل للضحايا
نحن أول دولة في الشرق الأوسط تصدر قانونًا يجرّم الهجرة غير الشرعية ويفرض عقوبات رادعة على المهربين
في ظل التحديات الإقليمية والدولية المتزايدة التي يشهدها ملف الهجرة غير الشرعية والاتجار بالبشر، برزت مصر كأحد النماذج الرائدة في مواجهة هذه الظواهر من خلال تشريعات وطنية رادعة واستراتيجيات متكاملة لحماية الضحايا وتعزيز التعاون الإقليمي ،حيث نجحت مصر في وقف هذه الظاهرة والقضاء عليها.
وفي قلب هذه الجهود تبرز شخصية دبلوماسية مرموقة هي السفيرة نائلة جبر رئيس اللجنة الوطنية التنسيقية لمكافحة ومنع الهجرة غير الشرعية والاتجار بالبشر، التي كرّست مسيرتها لإعلاء مبادئ العدالة وحماية حقوق الإنسان فهي دبلوماسية محنكة خدمت بلادها في مناصب دولية رفيعة، إذ شغلت رئاسة لجنة الأمم المتحدة المعنية بالقضاء على التمييز ضد المرأة (CEDAW) بين عامي 2009 و2011، ورأست اللجنة الوطنية لمكافحة الاتجار بالبشر منذ 2007 وحتى 2013 وفي عام 2014، كلفتها الدولة برئاسة اللجنة الوطنية التنسيقية لمكافحة ومنع الهجرة غير الشرعية والاتجار بالبشر، لتقود جهودًا غير مسبوقة جعلت مصر أول دولة في الشرق الأوسط تصدر قانونًا يجرّم الهجرة غير الشرعية ويفرض عقوبات رادعة على المهربين.
في هذا الحوار تحدثت السفيرة نائلة جبر عن الجهود المصرية في مكافحة الهجرة غير الشرعية ومراكب الموت وكيف تم استبدال اليأس بالأمل من خلال خلق الفرص؟، وأبرز التحديات والنجاحات وسلطت الضوء على الحاجة إلى رفع الوعي وتوفير بدائل آمنة للشباب، مؤكدة أن استمرار محاولات الهجرة غير الشرعية، يؤكد أن المعركة ما زالت مستمرة وتتطلب تكاتف الدولة والمجتمع.
نبدأ من الاستراتيجية الوطنية… ما أهم ملامحها ونجاحاتها منذ إطلاقها؟
الاستراتيجية الوطنية جاءت استجابة مباشرة لتحديات الهجرة غير الشرعية والاتجار بالبشر حيث عملنا على تنفيذ حملات إعلامية مكثفة خاصة في المحافظات الأكثر تصديرًا للهجرة غير الشرعية، وكان لها صدى كبير بين المواطنين ،بالإضافة أننا قمنا بتنفيذ تدريبات شاملة لجميع الجهات المعنية ضمن اللجنة الوطنية، شملت الأجهزة الأمنية، والجهات القضائية مثل القضاء والنيابة العامة، والإعلاميين، والدبلوماسيين المصريين والأجانب، والأخصائيين الاجتماعيين، والرائدات الريفيات، وحتى الأطباء ومن ثم فإن هذه التدريبات قد نجحت في رفع كفاءة التعامل مع الظاهرة بشكل متكامل.
كيف طوّرتم آليات الاتصال مع المواطنين؟
نحن لم نكتفِ بالتلفزيون والإذاعة؛ بل وسّعنا نطاق التوعية عبر رسائل SMS ووسائل التواصل الاجتماعي، كما أطلقنا مسابقات للرسم في المدارس بالمحافظات الأكثر تصديرًا للهجرة غير الشرعية للسنة السادسة على التوالي بهدف جعل الأطفال والشباب أكثر وعيًا بالمخاطر ومساعدتهم لابتكار المزيد من الحلول البديلة بالأعمال الفنية و هذا العام أطلقنا أول مسابقة في المدارس الفنية وحققت نجاحًا ملحوظًا ، بالإضافة إلى إنشاء وحدة خاصة للحلول البديلة داخل اللجنة، هدفها توضيح فرص العمل المتاحة والمشروعات الصغيرة والمتوسطة التي يمكن أن تكون بديلاً عن المخاطرة بالهجرة غير الشرعية.
ما التحديات التي واجهتكم خلال السنوات الماضية؟
أبرز التحديات كانت الأوضاع السياسية والأمنية في المنطقة؛ مثل الحروب والنزاعات في ليبيا، فلسطين، والسودان، التي تؤثر سلبًا على الاقتصاد المصري وبالتالي تدفع بعض الشباب للتفكير في الهجرة غير الشرعية ومع ذلك، وبفضل جهود اللجنة والتعاون مع الجهات الأمنية والدفاع والداخلية، تمكّنا من الحد بشكل كبير من تدفق مراكب الهجرة غير الشرعية منذ 2016.
قوارب الموت
رغم الجهود المبذولة، شهدنا مؤخرًا محاولات لهجرة غير شرعية على سواحل ليبيا… كيف تفسرين استمرار هذه الظاهرة؟
هذه الحوادث تعكس أن التحدي لا يزال قائمًا وأن هناك قلة وعي وجهل بالمخاطر لدى البعض، إضافة إلى عمليات "غسيل مخ" التي يقوم بها تجار البشر للشباب وأسرهم، فيوهمونهم بفرص وهمية للهجرة ليركبوا "قوارب الموت"و لذلك نركز على تعزيز الوعي المجتمعي وشرح المخاطر الحقيقية والبدائل المتاحة.
وما هي أبرز دوافع الهجرة غير الشرعية من وجهة نظركم؟
الدوافع في الأساس اقتصادية؛ فالشباب يسعى للبحث عن فرصة عمل مستقرة، والحصول على مسكن، وتكوين أسرة وبالتالي فهذه الضغوط المعيشية تدفع البعض للمجازفة.
كيف تعمل اللجنة الوطنية التنسيقية على رفع وعي الشباب بمخاطر الهجرة غير الشرعية في المحافظات المختلفة؟
في الحقيقة، نولي في اللجنة الوطنية التنسيقية لمكافحة ومنع الهجرة غير الشرعية والاتجار بالبشر اهتمامًا كبيرًا بفئة الشباب، لأنهم يمثلون الطاقة الحقيقية لمستقبل هذا الوطن فنحن نؤمن بأن الوعي هو السلاح الأقوى في مواجهة مخاطر الهجرة غير الشرعية، ولذلك نحرص على الوصول إليهم في أماكنهم ومجتمعاتهم، والاستماع إلى تطلعاتهم ومشكلاتهم، ومشاركتهم في البحث عن الحلول الآمنة والمستدامة، وفي هذا الإطار نظمنا بالتعاون مع المنظمة الدولية للهجرة ووزارة التنمية المحلية جلسة توعية في محافظة أسيوط، تناولت مخاطر الهجرة غير الشرعية والبدائل الآمنة أمام الشباب و شارك فيها أكثر من 100 شاب وشابة، تعرّفوا من خلال أنشطة تفاعلية على الأطر القانونية ومسارات الهجرة الآمنة، وناقشوا أسباب الظاهرة وطرق الحد منها. جاءت هذه الفعالية ضمن مشروع RAIM الذي يُنفذ بدعم من وزارة الخارجية في مملكة هولندا.
كما تم تنفيذ جلستين توعويتين في محافظة الإسماعيلية، بدعم من اللجنة الوطنية والمنظمة الدولية للهجرة ومؤسسة صُنّاع الحياة، وقادتهما سفيرة الشباب تسنيم حسن ضمن مبادرة "السفراء الشباب" وشارك في الجلستين 72 شابًا وشابة، وتعرّفوا من خلال أنشطة تفاعلية مبتكرة على دوافع الهجرة غير الشرعية والبدائل الممكنة داخل مصر فهذه الأنشطة ليست مجرد جلسات توعوية، بل هي مساحات للحوار المفتوح مع الشباب، نحرص من خلالها على أن يشعروا بأن الدولة تستمع إليهم وتساندهم، وأن الأمل والعمل داخل الوطن ممكنان، وأن المستقبل لا يُبنى بالهروب منه، بل بالبقاء والمشاركة في صنعه.
ما البدائل التي تقدمها اللجنة للشباب للحد من الهجرة غير الشرعية؟
نحن لا نوفر البدائل بشكل مباشر لكننا نُعلن عنها ونيسر الوصول إليها مثل الإعلان عن القروض الصغيرة ومتناهية الصغر التي يقدمها جهاز تنمية المشروعات، وبرنامج "مشروعك" المقدم من وزارة التنمية المحلية، بالإضافة إلى برامج الصناعات التراثية والحرفية بالتعاون مع التضامن الاجتماعي، التي توفّر فرص عمل حقيقية للشباب بعيدًا عن الوظائف التقليدية.
الإتجار بالبشر
من وجهة نظر سيادتكم كيف أسهمت القوانين والتشريعات الوطنية في مكافحة الاتجار بالبشر؟
في الحقيقة الدستور المصري كان حاسمًا؛ فنصّ في المادة (89) على حظر كل أشكال الاسترقاق أو القسر أو الاتجار بالبشر، بما في ذلك الاتجار بأعضاء الإنسان كما نصّت المادة (80) على حماية الطفل من الاستغلال الجنسي والتجاري وهذه النصوص دعمت صدور قوانين مكافحة الهجرة غير الشرعية والاتجار بالبشر التي تعتبر الأولى من نوعها في الشرق الأوسط، وتُعد نموذجًا تحتذي به دول أخرى.
وماذا عن التعاون الدولي مع الاتحاد الأوروبي والمنظمات المعنية؟
لدينا تعاون وثيق مع الاتحاد الأوروبي ومنظمات الأمم المتحدة، هدفه الأساسي بناء القدرات وتقديم خدمات أفضل للضحايا وفي عام 2022، نظّمنا بالتعاون مع وزارة التضامن الاجتماعي والمنظمة الدولية للهجرة ومكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة ورش عمل للأخصائيين الاجتماعيين في دور الاستضافة التي ترعى الضحايا وقد ساهمت هذه الورش في تحسين جودة الخدمات وتعزيز منظومة الحماية الوطنية كما عقدنا ورش عمل للإعلاميين والصحفيين حول مكافحة التهريب والاتجار بالبشر، لرفع كفاءتهم في التغطية المهنية وتعزيز الوعي المجتمعي وهذه الورش نُفذت بدعم من الاتحاد الأوروبي ومشروعات "برنامج التنمية والحماية الإقليمي" و"مهاجرين واعين".
هل هناك برامج أو شراكات جديدة ستطلق قريبًا لدعم جهود مكافحة الهجرة غير الشرعية؟
نعم، هناك خطة للتوسع في التعاون مع عدد من الجمعيات والمنظمات الأهلية خلال الفترة المقبلة خاصة وأن هؤلاء الشركاء لديهم حضور قوي في القرى والنجوع والمجتمعات المحلية، مما يمنحهم قدرة أكبر على التواصل مع المواطنين وإقناع الشباب وأسرهم بخطورة الهجرة غير الشرعية وأهمية الاستفادة من البدائل الآمنة التي توفرها الدولة.
نعلم أنكم تولون اهتماما خاصا للأطفال ...كيف تتعامل اللجنة مع عمالة الأطفال باعتبارها أحد أشكال الاتجار بالبشر؟
عمالة الأطفال من أكثر أشكال الاتجار شيوعًا، إلى جانب التسول القسري والاستغلال الجنسي ولذلك نظمنا فعاليات توعوية كبرى بالتعاون مع حكومات أوروبية ومنظمات أممية لنشر الوعي بحقوق الأطفال والمهاجرين، وتوفير المعلومات عن القوانين المصرية التي تحميهم، والآليات الوطنية للحصول على المساعدة وهذه الجهود تضمن حماية الأطفال والحد من تعرضهم للاستغلال أو إعادة وقوعهم كضحايا مرة أخرى.
ما أهمية بناء قدرات العاملين بمنظومة حماية الطفل في مواجهة الهجرة غير الشرعية؟
في إطار جهود الدولة المستمرة للتصدي للهجرة غير الشرعية والاتجار بالبشر وتعزيز نظم حماية الطفل في مصر، لقد نظمنا بالفعل ورشة عمل بعنوان "تعزيز قدرات العاملين بمنظومة حماية الطفل في مجال مكافحة الهجرة غير الشرعية"، بالتعاون بين المجلس القومي للطفولة والأمومة، ومنظمة يونيسف، وذلك خلال الفترة من ٣٠ سبتمبر إلى ١ أكتوبر الجاري بمحافظة الإسكندرية و تناولت الورشة الإطارين القانوني والوطني لجريمة الهجرة غير الشرعية، وآليات الإحالة والدعم النفسي، إلى جانب تسليط الضوء على قضايا تعريض الأطفال للخطر، وإدارة الحالات، وتنمية مهارات العاملين في خط الدفاع الأول من مقدمي الرعاية،كما تضمنت الورشة جلسات تفاعلية ومجموعات عمل ونماذج للتدخلات والتجارب الوطنية.
دور ريادي
كيف تقيّمين مستوى الدعم الدولي لمصر في هذا الملف؟
الاتحاد الأوروبي، إسبانيا، النرويج، هولندا، ومنظمات الأمم المتحدة يقدمون دعمًا كبيرًا لنا وبفضل هذا الدعم نفذنا برامج توعية، وبنينا قدرات الجهات المعنية من أمن وقضاء وإعلام وأطباء وأخصائيين اجتماعيين، بما يعزز قدرتنا على التعامل الاحترافي مع الضحايا والحد من الظاهرة.
خلال مشاركتك في المنتدى الحكومي السادس لمكافحة الاتجار بالأشخاص في منطقة الشرق الأوسط بدولة الكويت، ما أبرز الرسائل التي حرصتِ على إيصالها هناك؟
أكدت في كلمتي أن الاتجار بالبشر جريمة دولية تتفاقم في ظل الأزمات، وتغذيها عوامل مثل الهشاشة والفقر والنزاعات، وبالتالي لا يمكن لأي دولة مواجهتها بمفردها وأن مصر كان لها دور ريادي في مكافحة هذه الجريمة منذ وقت مبكر، من خلال إصدار قوانين مثل قانون مكافحة الاتجار بالبشر وقانون مكافحة الهجرة غير الشرعية، إضافة إلى إنشاء صناديق لدعم وحماية الضحايا وشددت على أن التعاون الإقليمي والدولي هو الأساس، سواء في تبادل المعلومات أو بناء القدرات أو توحيد إجراءات الحماية ولهذا نحرص في اللجنة الوطنية على تعزيز الشراكات مع الدول العربية والمؤسسات الدولية لضمان عدم ترك أي ضحية وراءنا كما أكدت أيضا على التزامنا المشترك مع دولة الكويت ببناء منظومة وقاية إقليمية تحمي الحقوق وتعزز العدالة.
كلمة توجهينها للشباب المصري؟
رسالتي لكل شاب: "حياتك تستاهل ما تفرّطش فيها وبقرارك هتختار قصتك" وأحب أقول لهم أيضا "مش كل سفر نجاه" وأن طموحهم ممكن يتحول لكابوس ولذلك لابد من تحقيقه بالطرق الشرعية الصحيحة حتى لانخسر حلمنا وحياتنا وأهالينا و بلدنا مليئة بفرص العمل والمشروعات التي يمكن أن تحقق لك الاستقرار دون المخاطرة بحياتك و نحن معك نعمل على توفير البدائل والفرص الآمنة، وهدفنا أن يرى كل شاب أفقًا لمستقبله داخل وطنه.
العنف ضد المرأة
نظمتم مؤخرًا ورشة عمل للرائدات الاجتماعيات ضمن مشروع القضاء على العنف ضد النساء والفتيات ومعالجة الاتجار بالبشر، ما الهدف من هذه الورشة وما أبرز محاورها؟
لقد كانت سعادتي كبيرة بافتتاح هذه الورشة بالتعاون مع هيئة الأمم المتحدة للمرأة، وذلك في إطار مشروع "القضاء على العنف ضد النساء والفتيات ومعالجة الاتجار بالبشر " وهذا التعاون يمثل بالنسبة لي خطوة مهمة في طريق تمكين المرأة وحماية الفئات الأكثر هشاشة في المجتمع فعلى مدار ثلاثة أيام، حاولنا أن نفتح حوارًا صادقًا حول القضايا التي تمس الأسرة المصرية من قريب، مثل ظاهرة "زواج الصفقة" التي تُعد شكلًا من أشكال الاتجار بالبشر، إلى جانب صور أخرى من العنف الذي تتعرض له النساء والفتيات فقد حرصنا على أن تكون الورشة مساحة للتعلم والتبادل.
اترك تعليق