هيرمس
    مصر
  • 29℃ القاهرة, مصر

رئيس مجلس الإدارة

طارق لطفى

رئيس التحرير

أحمد سليمان

الاذكارالشرعية وحكم التذكير بها يوميا على مواقع التواصل

التذكير يوميًّا ببعض الأذكار الشرعية على مواقع التواصل الاجتماعي الذي يقوم بها الكثير من الناس بنشرها  اثارت بعض التساؤلات منها هل تذكير الناس يوميا بهذه الاذكار يأتي موافق للشرع أم أن يُعد بدعة منهي عنها؟


أكدت دار الإفتاء أن ذِكْرُ الله تعالى عبادةٌ مع كونها يسيرة إلا أنها عظيمة المنزلة كثيرة الأجر غزيرة الخير؛ فقد قال تعالى: ﴿وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا﴾ [الأحزاب: 35]، وعن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «أَلَا أُنَبِّئُكُمْ بِخَيْرِ أَعْمَالِكُمْ، وَأَزْكَاهَا عِنْدَ مَلِيكِكُمْ، وَأَرْفَعِهَا فِي دَرَجَاتِكُمْ، وَخَيْرٌ لَكُمْ مِنْ إِنْفَاقِ الذَّهَبِ وَالوَرِقِ، وَخَيْرٌ لَكُمْ مِنْ أَنْ تَلْقَوْا عَدُوَّكُمْ فَتَضْرِبُوا أَعْنَاقَهُمْ وَيَضْرِبُوا أَعْنَاقَكُمْ»؟ قَالُوا: بَلَى. قَالَ: «ذِكْرُ اللَّهِ تَعَالَى» أخرجه الترمذي في "سننه".

وتذكير الناس يوميًّا ببعض الأذكار الشرعية على مواقع التواصل الاجتماعي أمرٌ في ذاته حسنٌ يدخل في أبواب كثيرةٍ من أبواب الخير؛ فمن هذه الأبواب: أنه من باب الترغيب في الطاعة والعمل الصالح ودعوة الناس إليه ودلالتهم عليه، وهذا مما يُثاب عليه المسلم، فعن أبي هريرة رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «مَنْ دَعَا إِلَى هُدًى، كَانَ لَهُ مِنَ الْأَجْرِ مِثْلُ أُجُورِ مَنْ تَبِعَهُ، لَا يَنْقُصُ ذَلِكَ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْئًا» أخرجه مسلم في "صحيحه".

وعن أبي مسعود الأنصاري رضي الله عنه قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وآله وسلم: «مَنْ دَلَّ عَلَى خَيْرٍ فَلَهُ مِثْلُ أَجْرِ فَاعِلِهِ» أخرجه مسلم في "صحيحه".

ومنها أيضًا: أنه من باب التعاون على البر والتقوى الذي حثت عليه نصوص الشريعة؛ قال الله تعالى: ﴿وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ﴾ [المائدة: 2]، والأمر بالتعاون على الطاعة يشمل كذلك الإعانة عليها، وظاهرٌ أن هذا الفعل فيه إعانة أيضًا.

ومنها: أنه من باب التناصح بين الناس الذي هو بمعنى إرشادهم لما فيه مصلحتهم في الدنيا والآخرة، فعن تميم الداري رضي الله عنه أنَّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «الدِّينُ النَّصِيحَةُ» ثلاثًا، قلنا: لمن؟ قال: «لِلَّهِ وَلِكِتَابِهِ وَلِرَسُولِهِ وَلِأَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ وَعَامَّتِهِمْ» أخرجه مسلم في "صحيحه".

ومنها أيضًا: أنه وسيلة للوصول إلى فضيلة، ومعلومٌ أن الوسيلة إلى مقصدٍ فاضلٍِ تكون وسيلةً فاضلةً، كما قرره العلماء.

مع أن تذكير الناس على مواقع التواصل بالأذكار الشرعية أمر مشروع وحسن إلا أنه ينبغي أن يكون مقيدًا ببعض الضوابط التي تجعله يُحقق الثمرة المرجوة منه، ومنها: أن يكون في محلِّه، وأن يكون بأسلوب حسن مقبول؛ لئلا يكون مُنفِّرًا من طاعة الله تعالى؛ لعموم كونه من الدعوة إلى الله عزَّ وجلَّ، قال الله تعالى: ﴿ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ﴾ [النحل: 125].

ومنها: ألا يشتمل هذا التذكير على ما يظهر منه التسلط أو الإلزام، ككلمة: "حرام عليك لو لم ترسلها لغيرك"، وما شابه ذلك؛ لأن هذا من القول على الله تعالى بغير علم، قال سبحانه: ﴿قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ﴾ [الأعراف: 33].

هذا التذكيرُ بالأذكار الشرعية على مواقع التواصل أو غيرها -مع مراعاة ضوابطه- لا يدخل في نطاق البدعة المذمومة شرعًا؛ لأن البدعة المذمومة هي الفعل المستحدث المخالف لقواعد الشريعة، أما الموافقة لقواعد الشريعة فهي مباحة، وقد تكون مندوبة، بل وقد تكون واجبة.

بناءً على ذلك: فإن التذكير يوميًّا ببعض الأذكار الشرعية على مواقع التواصل الاجتماعي أمرٌ مستحبٌّ شرعًا، ولا حرج في فعله؛ لأنه يشتمل على كثيرٍ من المعاني الحسنة التي حثت عليها الشريعة الإسلامية، ولا بد أن تُراعى في هذا التذكير ضوابطه التي لا تخرجه عن كونه عملًا صالحًا يُبتغى منه وجه الله ونفع الناس، ولا يُعَدُّ ذلك بدعةً بحالٍ من الأحوال؛ لأنه فعل موافق لقواعد الشرع الشريف.

والله سبحانه وتعالى أعلم.





تابع بوابة الجمهورية اون لاين علي

تابع بوابة الجمهورية اون لاين علي جوجل نيوز جوجل نيوز

يمكنك مشاركة الخبر علي صفحات التواصل

اترك تعليق