هيرمس
    مصر
  • 29℃ القاهرة, مصر

رئيس مجلس الإدارة

طارق لطفى

رئيس التحرير

أحمد سليمان

اعرف نبيك

الرسول في كفالة جده وعمه

عادت أُم أيمن بالنبي -عليه الصلاة والسلام- إلي جده عبد المُطلب بعد وفاة آمنة في الأبواء. وكان عنده العديد من الأولاد. وزوجته هالة ابنة عمّ أُمّه. فكانت تُحبّ النبيّ. وتحنو عليه. وعاش النبي -عليه الصلاة والسلام- في جوي مليء بالعطف والصلاح» مما ساعده علي تجاوز يُتمه.


أمّا جدّه فكان يُقرّبُه منه. ويحنو عليه. ويُجلسه علي فراشه الذي في ظلّ الكعبة. فيُحاول أعمامه منعه. فيقول لهم عبد المُطلب: دعوا ابني فوالله إن له لشأناً. ويُجلسهم حوله. كما كان يُناديه بابني. وفي حال غيابه وسفره يوصي أُم أيمن به. ويأمرها ألا تغفل عنه. وكان لا يأكُل شيئاً إلا ويُنادي عليه ليُطعمه منه فكان إذا أتي بالطعام أجلس رسول الله صلي الله عليه وسلم إلي جنبه وربما أقعده علي فخذه فيؤثره بأطيب طعامه. وكان رقيقا عليه برا به. فربما أتي بالطعام وليس رسول الله صلي الله عليه وسلم حاضرا فلا يمس شيئا منه حتي يؤتي به.

وقيل بينما عبد المطلب يوما في الحجر وعنده أسقف نجران وهو يحادثه ويقول: إنا نجد صفة نبي بقي من ولد إسماعيل. هذا البلد مولده ومن صفته كذا وكذا. وأتي رسول الله صلي الله عليه وسلم فنظر إليه الأسقف وإلي عينيه وإلي ظهره وإلي قدميه فقال: هو هذا. ما هذا منك؟ قال: هذا ابني. قال الأسقف: لا. ما نجد أباه حيا. قال: هو ابن ابني وقد مات أبوه وأمه حبلي به. قال: صدقت. قال عبد المطلب لبنيه :تحفظوا بابن أخيكم ألا تسمعون ما يقال فيه؟.. وعن أم أيمن رضي الله عنها قالت: كنت أحضن رسول الله صلي الله عليه وسلم فغفلت عنه يوما فلم أدر إلا بعبد المطلب قائما علي رأسه يقول: يا بركة.. قلت: لبيك. قال: أتدرين أين وجدت ابني؟ قلت: لا أدري. قال: وجدته مع غلمان قريبا من السدرة. لا تغفلي عنه فإن أهل الكتاب يزعمون أنه نبي هذه الأمة وأنا لا آمنهم عليه .

وبقي علي هذا الاهتمام إلي أن توفّي جدّه عبدالمطلب. وكان النبيّ قد بلغ الثامنة من عُمره. فانتقل إلي كفالة عمّه أبي طالب. وقد حرص عبد المطلب عند احتضاره بتوصية أبي طالب علي النبيّ. فهو أقرب أبنائه إليه. فاهتمّ بالنبيّ. ورعاه كما يرعي الأب ابنه. وكان يأخُذه معه في جميع رحلاته وتجارته. ولا ينام إلا بجواره.. ونهض بحق ابن أخيه علي أكمل وجه. وقدمه علي أولاده. وخصه بفضل احترام وتقدير. وظل فوق أربعين سنة يعز جانبه. ويبسط عليه حمايته. ويصادق ويخاصم من أجله.

ودرج النبي صلي الله عليه وسلمپفي بيت أبي طالب. والسن تمضي به قدمًا إلي الوعي العميق بما حوله. وأصر علي أن يُشارك عمه هموم العيش. إذ كان أبو طالب علي كثرة عياله قليل المال. ولما بلغ سيدنا محمد صلي الله عليه وآله وسلم الثانية عشرة من عمره أراد عمه أن يذهب في رحلة تجارية إلي الشام لعل الله يفتح عليه ببعض المال الذي ييسر عليه حياته. وأصر سيدنا محمد صلي الله عليه وآله وسلم علي مُصاحبة عمه في هذه الرحلة. وتروي بعض المصادر أن سيدنا محمدًا صلي الله عليه وآله وسلم التقي في هذه الرحلة بـبُحَيْرا الراهب النصراني. فرأي الراهب فيه علامات النبوة التي كان يعرفها من قراءاته في الكتب المقدسة. ونصح عمَّه بالرجوع إلي مكة. وحذره من اليهود علي ابن أخيه.

وعندما عاد سيدنا محمد صلي الله عليه وآله وسلم إلي مكة مع عمه لم يشأ أن يكون عبئًا ثقيلًا عليه. وأراد أن يكون له عمل يكسب منه قوته. ويعول نفسه. واشتغل برعي الغنم وظل يرعي الغنم حتي أصبح شابًّا فتيًّا. فقام بالتجارة.

وقد شب النبي صلي الله عليه وسلم قبل النبوة علي طيب الأخلاق وأحسنها فكان أصدق القوم وأعظمهم أمانة وأبعدهم عن الفحش. قد عصمه الله من كل ما فيه رذيلة وصانه وحماه من صغره. وطهره من دنس الجاهلية. فبغض إليه الأصنام. فلم يعبد صنما ولم يعظم صنما. ولم يشرب خمرا. ولم يشارك شباب قريش في فسقهم وفجورهم. بل كان صلي الله عليه وسلم مبرأ من كل عيب.

وقد منح كل خلق جميل وفعل نبيل. حتي إنه لم يكن يعرف بين قومه إلا بالأمين لما شاهدوه من طهارته وصدق حديثه وكانوا يرضون بحكمه وينزلون علي رأيه. وقد تجلي ذلك في قصة وضع الحجر الأسود في مكانه. فقد رضوا بما أشار إليه من رأي. حيث أمر بثوب. ووضع الحجر في وسطه. وأمر كل قبيلة بأن ترفع جانبا من جوانب الثوب. ثم أخذ الحجر بنفسه ووضعه في مكانه. فهدأت بذلك النفوس. وانطفأت نيران الفتنة التي كانت تنذر بحرب بين القبائل. 





تابع بوابة الجمهورية اون لاين علي

تابع بوابة الجمهورية اون لاين علي جوجل نيوز جوجل نيوز

يمكنك مشاركة الخبر علي صفحات التواصل

اترك تعليق