هيرمس
    مصر
  • 29℃ القاهرة, مصر

رئيس مجلس الإدارة

طارق لطفى

رئيس التحرير

أحمد سليمان

3 أسباب تجعل الزواج بغير شهود مخالف لمقاصد الشريعة .. تعرف عليها

الزواج في الاسلام هو نظام إلهي يُعَدُّ أساس بناء المجتمع الصالح، فهو ميثاق غليظ يربط بين الرجل والمرأة برابطة مقدسة قائمة على المودة والرحمة والسكن. قال الله تعالى: ﴿وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً﴾ [الروم: 21].


وقد حرصت على تحديد أركان الزواج وشروطه بدقة لضمان صحة العقد ودوام الحياة الزوجية، ومن أبرز أركانه الإيجاب والقبول، ووجود ولي، وشهادة شاهدين عدل. كما أن الإشهار والإعلان عن الزواج يُعَدّ شرطًا جوهريًا لضمان الابتعاد عن الشبهات والريبة، تحقيقًا للمقاصد السامية التي أقرّتها الشريعة الإسلامية.

وفي ظل انتشار الزواج العرفي وقيام البعض بعدم اشهار الزواج  تلقت دار الإفتاء المصرية سؤالاً جاء فيه: ما حكم الزواج العرفي بدون شهود؟ فقد تزوج رجلٌ بامرأة زواجًا عرفيًّا بصيغتي الإيجاب والقبول، لكن بدون شهود، ولم يُخبِرَا بذلك أحدًا خوفًا مِن أن يَعرف أحدٌ من أفراد العائلتين بهذا الزواج، ودخل بها، فهل يصح هذا الزواج شرعًا؟

وأكدت دار الإفتاء أن من المقرر شرعًا أن المعتبر في العقود هو المسميات لا الأسماء، وأن الأحكام تدور على المسميات والمضامين لا على الأسماء والعناوين. والعقود المشروعة متى استوفت أركانها وشروطها وانتفت عنها موانعها كانت صحيحة شرعًا.

ولأجل ذلك كان وَصْف عقد الزواج بالصحة أو النفاذ أو اللزوم، أو البطلان أو الفساد أو الوقف، أو عدم اللزوم وما يترتب على ذلك من آثارٍ إنَّما استُفيدَ من عمل الشرع بناءً على مراعاة أركان العقد وشروطه أو عدم مراعاتها، وعلى هذا الوصف تترتب الحقوق والواجبات، وتختلف الأحكام والآثار والتَّبِعات.

ومن ثَمَّ فإذا عقد الطرفان النكاح من غير إشهارٍ أو إشهادٍ عليه، واتَّفَقَا على كتمانه وعدم إخبارِ أحدٍ به -كما هي الحال بالسؤال- لأيِّ سببٍ من الأسباب -فإن هذا النكاح يُسمى بـ"نكاح السر"، وهو عقد باطلٌ شرعًا؛ لكونه من جنس السِّفاح المُحَرَّم شرعًا، وعلى هذا اتفاق أهل العلم سَلَفًا وخَلَفًا.

والأصل في ذلك قولُ النبي صلى الله عليه وآله وسلم في الحديث الشريف: «لَا نِكَاحَ إِلَّا بِوَلِيٍّ وَشَاهِدَيْ عَدْلٍ، وَمَا كَانَ مِنْ نِكَاحٍ عَلَى غَيْرِ ذَلِكَ فَهُوَ بَاطِلٌ.. الحديث» أخرجه الإمامان: ابن حِبَّان في "صحيحه" واللفظ له، والبيهقي في "سننه" مِن حديث أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها.

إضافة إلى ما سبق: فإن هذا النوع من النكاح يتنافى مع ما قرره الشرع الشريف من مقاصد كلية وأحكام مرعية، فمن ذلك:

أولًا: أن النكاح في السر ينافي المقصد الأسمى من النكاح وأهدافه من السَّكن بين الزوجين والرحمة والمَوَدة، والتي وردت في قول الله تعالى: ﴿وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ﴾ [الروم: 21].

ثانيًا: وجوب الاستبراء للدِّين والعِرض؛ فإن نكاح السر الذي يكون بغير إشهاد أو إعلان يُعَرِّض كِلَا الزوجين لِرِيبة في الدِّين؛ وذلك من جهة مخالَفة النصوص الشرعية المروية عن سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، والتي دَعَت إلى الإشهاد على النكاح وإعلانه بين الناس وإظهاره وإشهاره، فقال صلى الله عليه وآله وسلم: «أَعْلِنُوا هَذَا النِّكَاحَ، وَاجْعَلُوهُ فِي الْمَسَاجِدِ، وَاضْرِبُوا عَلَيْهِ بِالدُّفُوفِ، وَلْيُولِمْ أَحَدُكُمْ وَلَوْ بِشَاةٍ» أخرجه الأئمة: الترمذي -وحسَّنه- وابن ماجه والبَيْهَقِي في "السنن"، من حديث السيدة عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها.

ثالثًا: أن في نكاح السر بهذه الصورة إهدارًا للحقوق، وتُكَأَةً لجُحُودِ الأنساب، وتنصُّلًا من الواجبات والالتزامات، وفتحًا لأبوابِ التلاعبِ والاحتيالِ وإنكارِ الزِّيجات.

بناءً على ذلك وفي واقعة السؤال: فإن اكتفاء الرجل والمرأة المذكورين في زواجهما العرفي بصيغتي الإيجاب والقبول، مع عدم إخبار أحدٍ به، وعدم الإشهاد عليه خوفًا مِن معرفة أحدٍ من أفراد العائلتين به -ينافي المقصد الأسمى من النكاح وأهدافه من حصول السَّكن بين الزوجين، ونشر الرحمة بينهما والمَوَدة، ويُعَرِّضهما للرِّيبة في الدِّين

فالنصوص الشرعية تدعو إلى الإشهاد على النكاح وإعلانه بين الناس وإظهاره وإشهاره، والرِّيبة في العِرض من جهة عدم صونِه عن الخوض فيه وجَعْله مَثَارًا للشبهة ومحلًّا للتهمة، بالإضافة إلى ما يترتب عليه من إهدار للحقوق، وتعريض الأنساب للجحود، وفتح أبوابِ التلاعبِ والاحتيالِ وإنكارِ الزِّيجات، وهو على هذا النحو مُحَرَّمٌ وغيرٌ صحيح شرعًا، ومِن نكاحِ السِّرِّ الذي حكم الشرعُ الشريفُ ببطلانه اتفاقًا، ويجب عليهما أن يَفْتَرِقَا.

والله سبحانه وتعالى أعلم.

لمزيد من التفاصيل يمكن العودة للفتوى المنشورة على الموقع الرسمي لدار الإفتاء على الانترنت





تابع بوابة الجمهورية اون لاين علي

تابع بوابة الجمهورية اون لاين علي جوجل نيوز جوجل نيوز

يمكنك مشاركة الخبر علي صفحات التواصل

اترك تعليق