الله سبحانه وتعالي يبتلي عباده بما شاء من أنواع البلاء. قال الله تعالي: "وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ .. وعلي المؤمن أن يصبر ويرضي بأمر الله تعالي. وأن يبصر الرحمة من خلال البلاء. فقد قال النبي: "إن عظم الجزاء مع عظم البلاء. وإن الله إذا أحب قوماً ابتلاهم. فمن رضي فله الرضا. ومن سخط فله السخط".. فالإيمان بقضاء الله تعالي - خيراً كان أو شراً - هو أحد أركان الإيمان وأسسه. فالإنسان عندما يؤمن بقضاء الله تعالي وقدره ويستسلم له. مع إيمانه بباقي الأركان يصير من المؤمنين.
والله تبارك وتعالي عندما يجري علي العبد قضاءه بما لا يرضاه العبد مثل: أن يحرمه من الولد. أو يبتليه بالفقر. أو الأمراض والآفات.
فلا يعني ذلك أنه تعالي ساخط علي ذلك العبد المبتلي. بل قد يكون ذلك لتكفير ومحو الذنوب التي لا ينفك عنها الإنسان غالباً.. قال تعالي: "وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَة فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِير .. كما أنه أيضاً يكون ابتلاء وامتحاناً من أجل إظهار صدق الصادقين في إيمانهم. وتبينه في واقع الأمر. وكشف كذب الكاذبين الذين يدعون الإيمان بالله تعالي وهم كافرون به.. قال تعالي: "الم* أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ".. وهذا استفهام استنكاري ومعناه: أن الله تعالي لابد أن يبتلي عباده المؤمنين بحسب ما عندهم من الإيمان. كما جاء في الحديث الصحيح: "أشد الناس بلاء الأنبياء. ثم الصالحون. ثم الأمثل فالأمثل.
يبتلي الرجل علي حسب دينه. فإن كان في دينه صلباً اشتد به بلاؤه. وإن كان في دينه رقة ابتلي علي قدر دينه. فما يبرح البلاء بالعبد حتي يتركه يمشي علي الأرض وما عليه خطيئة".
وليعلم المسلم أن البلاء قد يكون: لتكفير الخطايا. ومحو السيئات. كما في قول الرسول: "ما يصيب المسلم من هم. ولا حزن. ولا وصب. ولا نصب. ولا أذي. حتي الشوكة يشاكها إلا كفر الله بها من خطاياه .. وتارة يكون لرفع الدرجات. وزيادة الحسنات. كما هو الحال في ابتلاء الله لأنبيائه. قال العلماء: يبتلي الأنبياء لتضاعف أجورهم. وتتكامل فضائلهم. ويظهر للناس صبرهم ورضاهم ليقتدي بهم. وليس ذلك نقصاً ولا عذاباً.. وتارة يقع البلاء لتمحيص المؤمنين. وتمييزهم عن المنافقين.. وتارة يعاقب المؤمن بالبلاء علي بعض الذنوب. كما قال الرسول: "إن الرجل ليحرم الرزق بالذنب يصيبه. ولا يرد القدر إلا الدعاء. ولا يزيد العمر إلا البر .. فعلي المؤمن أن يصبر علي كل ما يصيبه من مصائب وبلايا لينال أجر الصابرين الشاكرين. كما قال الرسول: "عجباً لأمر المؤمن إن أمره كله خير.
وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن: إن أصابته سراء شكر فكان خيراً له. وإن أصابته ضراء صبر فكان خيراً له .. فالمؤمن الذي تصيبه السراء والنعمة فيشكر ربه يحصل الخير. وذلك لأن الله يحب الشاكرين. ويزيدهم من نعمه. والمؤمن الذي يصبر علي الضراء ينال أجر الصابرين.
وقد بين النبي أن من يصبر علي فقد "موت" ولده ولا يجزع. بل يسترجع. ويحمد الله. أن الله يبني له بيتاً في الجنة جزاء علي صبره وشكره. قال رسول الله: إذا مات ولد العبد. قال الله لملائكته: قبضتم ولد عبدي؟ فيقولون: نعم. فيقول: ماذا قال عبدي؟ فيقولون: حمدك واسترجع. فيقول الله تعالي: ابنوا لعبدي بيتاً في الجنة وسموه بيت الحمد .. ومعني استرجع: قال إنا لله وإنا إليه راجعون فعلي المؤمن أن يقول ذلك إذا أصابته مصيبة من المصائب. وعليه أن يرجع إلي الله. وأن يكثر من ذكره ومن الصلاة. حيث كان النبي إذا حزبه أمر يفزع إلي الصلاة. ومعني حزبه: نزل به أمر مهم.
وأخيراً علي المبتلي أن يلجأ إلي الله في كربته. وأن يتضرع بين يديه لكشف بلواه. فالدعاء هو السلاح الذي يدفع به الضر والبلاء. ويواجه به ما لا قبل له به.. وبصبره علي فقد ابنه سيعطيه الله تعالي بيتا في الجنة وابنه سيكون له شفيعا حتي يدخل الجنة معه.. فالأولاد الذين ماتوا صغارا يكونون في الجنة ولا ينالون حزنً ولا عذاباً.
اترك تعليق