أميمة بنت صبيح بن الحارث الدوسية. أشتهرت بكنيتها أم أبي هريرة. أنها من أفاضل الصحابيات. فقد أنجبت أعجب رجال الدنيا في الحفظ حيث كان حفظه خارق. وهذا من معجزات النبوة. فهي والدة الإمام الفقية المجتهد الحافظ صاحب رسول الله صلي الله عليه وسلم أبو هريرة الدوسي اليماني رضي الله عنه. أشتهر بحافظ الصحابة وأكثرهم رواية عن النبي صلي الله عليه وسلم "ص
* فقد أسلم عام فتح خيبر "سنة 7هجرية( ومنذ إسلامه كان يصاحب النبي " ويجلس معه وقتا كبيرا لينهل من علمه وفقهه.. حتي أصبح له مكانه كبيرة بين صحابة الرسول صلي الله عليه وسلم
* لكن علي الرغم من ذلك كانت أمه ترفض الإصغاء لصوت الحق واتباع رسول الله "ص". ولم ييأس أبو هريرة من دعوتها.. ولكنها ظلت رافضة أن تسلم معه وتنضوي تحت لواء المؤمنات وقتذاك. وبقيت علي شركها مدة. وكان أبو هريرة.
حريصا علي إسلامها حرصا شديدا.. ولكنه كلما دعاها إلي الإسلام أسمعته ما يغيظه وما يزعحه وتأبي عليه. ولم يقنط أبو هريرة من إسلامها حتي جاء يوما وانطلق إلي حبيبه ومصطفاه رسول الله صلي الله عليه وسلم. يشكو إليه بثه وحزنه وما يؤلمه من عدم إسلام أمه. فقال: لرسول الله: إني كنت أدعوها إلي الإسلام. فتأبي علي. فدعوتها اليوم فأسمعتني فيك ما أكره. ثم طلب من رسول الله ان يدعو الله أن يهدي أم أبي هريرة.. فقال رسول الله "ص" "اللهم اهد أم أبي هريرة" .. فخرج أبو هريرة مستبشراً بدعوة نبي الله. وذهب إليها في الحال وعندما طرق الباب ليدخل وجدها قد اغتسلت ولبست درعها وعجلت عن خمارها "أي لم تلبسه" وفتحت الباب. وقالت: يا أبا هريرة أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا رسول الله. فرجع أبو هريرة مسرعا إلي رسول الله "ص" وهو يبكي من الفرح وقال: يا رسول الله أبشر لقد استجاب الله دعوتك وهدي أم أبي هريرة. فحمد الله وأثني عليه وقال خيرا.
* قرت عينا أبي هريرة بإسلام أمه وذهب عنه ما كان يجد من الهم والحزن. وسر بهدايتها الي الإيمان. وأحب أن يستزيد من دعاء النبي عليه أفضل الصلاة والسلام.
له ولأمه أميمة بنت صبيح. فطلب منه أن يدعو الله عز وجل بأن يلقي محبتهما في قلوب المؤمنين. فقال رسول الله "ص" "اللهم حبب عبيدك هذا- يعني أبا هريرة- وأمه إلي عبادك المؤمنين وحبب إليهم المؤمنين" قال أبو هريرة رضي الله عنه: فما خلق الله من مؤمن يسمع بي ولا يراني. أو يري أمي إلا وهو يحبني. جاء ذلك في الصحيح.
وإذا بأميمة المشركة الممعنة في الشرك. مسلمة موغلة في الإسلام. ثم صحابية من كريمات الصحابيات. تدافع عن الإسلام بكل ما أوتيت من قوة. وتعين ابنها أبا هريرة علي تحمل ما حمل في سبيل الدعوة عن الإسلام. وفي سبيل صحبته إلي الإسلام.
ولقد كانت أميمة رضي الله عنها من المشهورات بين نساء المسلمين بتعبدها وحبها لله ورسوله.. كما كانت مثالا يحتذي به في مجال الجود والكرم. حيث كان أبو هريرة يكرم ضيوفه من طعامها.. فكان ذات يوم جالسا مع حميد بن مالك
بن خثيم في أرض أبي هريرة بالعقيق فأتاه قوم. فنزلوا عنده .. فقال لحميد: اذهب إلي أمي فقل: إن ابنك يقرئك السلام ويقول لكي اطعمينا
شيئا قال: فوضعت ثلاثة اقراص في صينية وطعام وشيئا من زيت وملح. فحملها إليهم. فلما وضعه بين أيديهم كبر أبو هريرة وقال: الحمد لله الذي أشبعنا من الخبز بعد أن كان طعامنا إلا الأسودين. التمر والماء.. وهكذا كانت أم أبي هريرة سابقة في فضيلة الكرم والجود. وسجلت هذا الأثر الطيب في قاموس الخالدات
* وكان لأميمة رضي الله عنها أثر كبير في نفس ابنها أبو هريرة. فقد كان يفتخر بانتسابه إليها في جميع أحواله وأفعاله. لأنها هي التي قامت بتربيته بعد ان توفي أبوه وهو صغير. لذلك كان شديد البر بها. والرعاية لها. ومن أقواله في ذلك: أما والله لولا الحج والجهاد وبر أمي لتمنيت أن أموت وأنا عبد مملوك.
وقد عاشت أميمة أم أبي هريرة زمنا طويلا. وعاصرت عصر الخلافة الراشدة كاملة.. وقد توفيت بالمدينة المنورة رضي الله عنها.
اترك تعليق