بيّن الدكتور شوقي علام_مفتي الجمهورية_أن المقصود بالاستحالة: هي تَحَوُّل الأعيان وانقلاب الحقائق عن طبيعتها وأوصافها؛ بحيث تصير مواد أخرى لها مكونات أخرى مختلفة الأوصاف.
لفت فضيلته إلى أنه قد أجمع العلماء على طهارة الخمر إذا تحولت إلى خَلٍّ بنفسها. انظر: "مغني المحتاج" للخطيب الشربيني (1/ 236، ط. دار الكتب العلمية).
وذهب جمهور العلماء من فقهاء الحنفية والمالكية وهي رواية عن الإمام أحمد ومذهب الظاهرية إلى القول بطهارة الأعيان بالاستحالة فيما عَدَا ذلك أيضًا؛ وذلك بالنظر لانقلاب العين وتَغَيُّر الحقائق؛ حيث رَتَّب الشرع الشريف وَصْف النجاسة على حقيقةٍ بِعَيْنِها، وقد زالت هذه الحقيقة، فيزول الوَصْف بزوالها، وكذلك قياسًا على مسألة الخمر المُتَخَلِّلَة، ولهذا نَظائر أخرى؛ منها: طهارة دم الغزال بِتحوُّلِه لِمِسْك، وطهارة العَلَقَة عند تحوُّلِها لمُضْغَة.
فالنجاسة حكم شرعيٌّ وليست حقيقة كيميائية، وإنما جاءت النجاسة وحصل الاستقذار من التركيب المخصوص بالنِّسَب المخصوصة؛ وذلك لأنَّ الشرع رتب وصف النجاسة على تلك الحقيقة، والحقيقة تنتفي بانتفاء بعض أجزاء مفهومها، فبالأولى تنتفي إذا انتفى الكل.
قال الإمام القرافي في "الذخيرة" (1/ 188، ط. دار الغرب الإسلامي): [الله تعالى إنما حكم بالنجاسة في أجسامٍ مخصوصةٍ، بشرط أن تكون موصوفة بأعراض مخصوصة مستقذرة، وإلا فالأجسام كلها متماثلة، واختلافها إنما وقع بالأعراض، فإذا ذهبت تلك الأعراض ذهابًا كليًّا ارتفع الحكم بالنجاسة إجماعًا] اهـ.
اترك تعليق